نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقال رأي تحدّث فيه الكاتب أنوج تشوبرا عن الانقلاب الذي قاده ولي العهد محمد بن سلمان لينفرد بالسلطة، بعد أن كان ابن عمه محمد بن نايف هو التالي في ترتيب العرش.
وقال الكاتب، في هذا التقرير الذي ترجمته “عربي21″، إن محمد بن سلمان قام باحتجاز الأمير السعودي محمد بن نايف طوال الليل، قبل أن يسمح له بمغادرة المكان، وعندما وصل ابن نايف إلى قصره في مدينة جدة الساحلية بعد بضع ساعات، وجد حراسًا جددًا أمام القصر، وكان من الواضح حينها أنه قيد الإقامة الجبرية.
وبين الكاتب أنه في الليلة السابقة الموافقة لـ20 حزيران/يونيو 2017، أُجبر محمد بن نايف، ابن شقيق الملك، على التنحي عن منصبه في حدث وصفه أحد المطلعين على شؤون العائلة المالكة بأنه كان شبيها بفيلم “العراب”، ولكن على الطريقة السعودية؛ حيث كان ابن نايف، الذي كان مشرفًا على الأمن الداخلي، أقرب حليف سعودي لوكالة المخابرات المركزية.
ولفت الكاتب إلى أنه قبل عامين من ذلك؛ مع بداية فترة حكم الملك سلمان، أصبح ابن نايف وليًا للعهد وهو في سن 55، مما جعله التالي في ترتيب العرش، لكن كانت هناك منافسة شرسة محتدمة في الخفاء بين محمد بن نايف وابن عمه محمد بن سلمان، نجل الملك، الذي صعد من لا شيء ليصبح نائبًا لولي العهد.
وأضاف الكاتب أنه قبل انقلاب القصر، في 5 حزيران/يونيو 2017، بلغت التوترات بين الأميرين أشدها بعد أن فرض محمد بن سلمان وغيره من المستبدين الإقليميين حصارًا عقابيًا على قطر المجاورة بسبب تحركاتها الاستفزازية؛ حيث كان لدى ابن نايف أيضًا مشاكل مع قطر، لكنه فضل اعتماد الدبلوماسية الهادئة عوضًا عن نهج محمد بن سلمان الهجومي. ودون علم ابن عمه، فتح ابن نايف قناة تواصل سرية مع حاكم قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وفي 20 حزيران/يونيو 2017، تمت دعوة ابن نايف لعقد اجتماع في قصر الملك سلمان في مكة، حيث أفادت مصادر قريبة من ابن نايف أنه عند وصوله، تلقت عناصره الأمنية تعليمات بالانتظار في الخارج، كما تمت مصادرة جميع الهواتف المحمولة، بما في ذلك هواتف موظفي القصر، من قبل الحراس الموالين لمحمد بن سلمان.
إلى جانب ذلك؛ يُزعم أن الأمير دخل إحدى الغرف مع تركي آل الشيخ، المقرب من محمد بن سلمان والذي يعرف بطريقته الفظة والمخيفة في التعامل، حيث يبدو أن الشيخ قد حبس ابن نايف في الغرفة لساعات، وضغط عليه لتوقيع خطاب استقالة وللتعهّد بولائه لمحمد بن سلمان.
وتابع الكاتب مبينا أنه بعد الرفض، تم تهديد ابن نايف بأنه إذا لم يتخل عن طيب خاطر عن العرش، فسوف يتم اغتصاب أفراد عائلته، كما منع من تناول دوائه لارتفاع ضغط الدم والسكري. وبحلول الفجر؛ كان كل شيء قد انتهى بعد أن استسلم ابن نايف الذي كان قلقًا ومرهقًا، ثم أجبر على دخول غرفة مجاورة، حيث كان محمد بن سلمان ينتظره مع كاميرات التلفزيون وحارس كان يحمل مسدسًا.
وأظهرت اللقطات، التي نشرتها محطات الإذاعة السعودية، لمحة موجزة للشيخ وهو يضع رداء مزينًا بالذهب على ظهر الأمير المعتقل، وبينما كانت الكاميرات تصوّر، اقترب محمد بن سلمان من ابن عمه وانحنى بطريقة مسرحية لتقبيل يده وركبته، لكن ابن نايف كتب لاحقًا في رسالة إلى مستشاره: “عندما تعهدت بالولاء، كان هناك سلاح موجّه نحوي”، بحسب الكاتب.
وذكر الكاتب أنه في الأيام التي تلت ذلك؛ أصبح محمد بن سلمان الآن ولي العرش الأول، وكان أقوى رجل في البلاد وهو في سن الـ 31، وبينما ظل الملك الثمانيني رئيسًا للدولة، لكن محمد بن سلمان أصبح الحاكم الفعلي، ويحظى بسيطرة مطلقة على جميع وسائل الأمن والاقتصاد والنفط السعودي. في المقابل، تحوّل ابن نايف، الذي كان حليف المخابرات الأمريكية وكان يعتقد أنه سيكون الحاكم القادم للمملكة العربية السعودية، الآن إلى سجين.
وأشار الكاتب إلى أن الانقلاب الذي حدث في القصر والقوة التي تسببت فيه؛ حُجب إلى حد كبير عن الأنظار العامة حينها، مع تسريب أجزاء من المعلومات وبعض الدعايات فقط إلى الصحافة. وقد تصدّرت وسائل الإعلام الدولية مزاعم كاذبة تفيد بأن إبعاد ابن نايف كان من أجل المصلحة الوطنية لأنه كان عاجزًا بسبب إدمانه على المورفين والكوكايين.
وأفاد الكاتب أن الوصول إلى الحقيقة مهمة صعبة للغاية في بلد تشتد فيه المراقبة لدرجة أن بعض السعوديين يضعون هواتفهم في الثلاجة أثناء مناقشة المواضيع الهامة والحساسة، ولم ترد سفارتا السعودية في لندن وواشنطن على طلبات التعليق على هذا المقال، لكن سردًا مفصلا لأحداث عام 2017، وما تلاها من آثار مروعة، أصبح متوفرا الآن، بفضل الأسرار التي كشفها عدد من كبار أفراد العائلة المالكة ومصادر أخرى ذات صلة جيدة، ممن تم تجريدهم من نفوذهم وثرواتهم أو تعرضوا للسجن والتعذيب في عهد محمد بن سلمان.
من بين هذه المصادر سعد الجبري، وهو أقرب مستشار لابن نايف ورئيس المخابرات، ويبلغ من العمر 63 عامًا، يعمل منذ فترة طويلة في الخفاء، حيث اعتبره الكثيرون ممن عملوا معه من أقوى الأفراد من غير الملوك في المملكة العربية السعودية، ووصفه مسؤول أمريكي سابق عمل معه لسنوات بأنه “صلة الوصل العميقة للدولة” بين المملكة العربية السعودية والقوى الغربية.
وبحسب الكاتب؛ فقد تم الكشف عن الرسائل النصية بين محمد بن نايف والجبري لأول مرة من خلال وثائق تم التحقق من صحتها من قبل خبير في الأدلة الجنائية الرقمي عينته شركة “نورتون روز فولبرايت”.
ونوه الكاتب إلى أنه على مدى عقود؛ توارث العرش مباشرة بين أبناء عبد العزيز آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، مما يضمن توازنًا دقيقًا للقوى بين مختلف فروع العائلة المالكة الكبيرة. وكان من الممكن أن تشهد خلافة محمد بن نايف انتقال الملكية إلى الجيل التالي للمرة الأولى، ولكن مع ذلك انتقل إلى فرع مختلف من العائلة، مع الحفاظ على هذا التوازن الدقيق.
وأكد الكاتب على أن انقلاب القصر أرسى انتقال السلطة مباشرة من الأب إلى الابن داخل فرع واحد من العائلة، مما مكّن محمد بن سلمان من اكتساب المزيد من السلطة أكثر من أي حاكم سابق.
ووفقًا للكاتب؛ فقد كان الانقلاب تتويجاً لأشهر من العداء بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف؛ حيث كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية هي تنافسهما على نيل الرضا من الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب؛ حيث حاول محمد بن نايف في أيار/ مايو 2017؛ شق طريقه الخاص إلى البيت الأبيض خلال عهد ترامب؛ حيث استأجر شركة “سونوران بوليسي غروب”، وهي شركة ضغط في واشنطن لها علاقات وثيقة مع فريق ترامب. وأراد ابن نايف إقناع الرئيس الجديد بأنه لم يكن مجرد شريك قديم، بل هو شريك أكثر قيمة من ابن عمه، شارك الجبري بشكل مباشر في التفاوض على عقد ضغط بقيمة 5.4 ملايين دولار نيابة عن الوزارة.
ومع انتشار نبأ توقيع العقد؛ خشي الجبري من أن يعلق بين الأميرين المتناحرين. وفي أيار / مايو 2017، هرب سرًّا إلى تركيا قبل أيام قليلة من زيارة ترامب للرياض؛ حيث كان لدى الجبري أسباب قوية للخوف، فبعد فترة وجيزة من مغادرته؛ قال الجبري إنه تلقى خبرًا مفاده أنه تم احتجاز الشخص الرئيسي الذي وقّع على العقد.
وتابع الكاتب قائلًا إنه في 4 حزيران/ يونيو 2017؛ أرسل الجبري رسالة نصية إلى عبد العزيز الهويريني، وهو مسؤول أمني محنّك، ليسأله عما إذا كان ينبغي عليه الاستمرار في “الصيام في البرد”، في إشارة مشفرة إلى البقاء في تركيا؛ حيث أجاب الهويريني، الذي يعمل الآن تحت إشراف محمد بن سلمان، بأنه يجب عليه أن يبقى هناك، وفي 17 حزيران/ يونيو، أرسل الهويريني رسالة نصية أخرى إلى الجبري، يحذره فيها من أن الموالين لمحمد بن سلمان كانوا “متحمسين جدًا” لاعتقاله أيضًا. في غضون ذلك؛ أجبرت ردة فعل غاضبة من محمد بن سلمان محمد بن نايف على إلغاء العقد.
وفي 18 حزيران/ يونيو؛ تلقى الجبري رسالة نصية من محمد بن سلمان يطلب منه العودة إلى المملكة للمساعدة في حل “صراعات” لم يتم تسميتها مع محمد بن نايف. وبعد يومين؛ شن محمد بن سلمان الانقلاب، وفي الأشهر التي أعقبت الانقلاب، استمر الجبري في الاحتماء في تركيا وبقي على اتصال سري مع ابن نايف الذي كانت تحركاته مقيدة.
ووفقاً للكاتب؛ ففي هذه الأثناء؛ تحرك محمد بن سلمان لتشديد قبضته على الأجهزة الأمنية، وفي أول حملة قمع كبيرة له بعد الانقلاب؛ اعتقل محمد بن سلمان رجال دين ومفكرين يتابعهم الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي في أيلول/ سبتمبر 2017، فيما كتب الجبري لمحمد بن سلمان: “لدي الكثير من المعلومات الحساسة عن الدولة، لكن على الرغم من ذلك لم أسرب شيئًا لأي شخص”. وفي رسائل مليئة بعبارات مبتذلة مبالغ فيها، تعهد الجبري بالولاء لمحمد بن سلمان؛ حيث كتب الجبري: “أليس الأفضل لي أن أبقى خارج المملكة، وأبقى وفيا لحكمك وأرفض قول أي شيء يسبب الضرر… وأتعاون مع سموك في كل ما يخدم الصالح العام؟”.
ولكن – بحسب الكاتب – لم يتأثر محمد بن سلمان وأرسل له رسالة نصية مفادها أنه سوف يلاحقه “بكل الوسائل المتاحة”، ودفع هذا التهديد الجبري إلى الفرار من تركيا إلى كندا في وقت لاحق من ذلك الشهر.
وأشار الكاتب إلى أنه في أواخر سنة 2017، حاولت السعودية اعتقال سعد الجبري عن طريق الإنتربول بدعوى اختلاسه أموالًا حكومية، كما ضغطت على كندا لتسليمه لكن المحاولتين فشلتا.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2018، تلقى الجبري تحذيرًا من جواسيس في دولة شرق أوسطية بأنه سيكون عرضة للاغتيال، وحثوه على الابتعاد عن السفارات والقنصليات السعودية. وفي الشهر نفسه، يُعتقد أن حرس الحدود الكندية رحّل عددًا من أعضاء فرقة الاغتيال السعودية “النمر” أثناء محاولتهم دخول البلاد بتأشيرات سياحية.
ورغم نفي الرياض أي تورط لها، إلا أن المؤامرة المزعومة كانت مشابهة للطريقة المروعة التي قتلت بها فرقة النمر الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في تركيا. وقد كان من الواضح للأمريكيين الذين عملوا مع الجبري أن ابن سلمان يعتبره تهديدًا، وذلك ما أكده مسؤول أمريكي سابق عمل معه بقوله إن الجبري محبوب من قبل منظمات الدولة العميقة في جميع أنحاء العالم، وأنه يعرف كل نقاط ضعف العائلة المالكة السعودية.
وفي مقابلة مع الكاتب، قال الجبري إنه تجنّب واشنطن في عهد ترامب رغم ما لديه فيها من أصدقاء مؤثرين كُثر، بما في ذلك أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين والمسؤولين الأمنيين، إلا أنه مع ذلك كان حذرًا من الذراع الممتدة للدولة السعودية، ناهيك عن العلاقة الحميمية بين ترامب ومحمد بن سلمان.
أورد الكاتب أنه اعتُقل حوالي 40 من أفراد عائلة الجبري والمقربين منه في السعودية منذ الانقلاب لإجباره على العودة، وعلى رأسهم ولداه، سارة وعمر، اللذان أدينا في محاكمة مغلقة بغسيل الأموال ومحاولة الهروب من السعودية بشكل غير قانوني.
وأفاد الكاتب بأن الجبري رفع دعوى قضائية في واشنطن بعد سجن أبنائه، معلنًا عن ادعائه بأن ابن سلمان أرسل خلفه فريق إعدام. ومع علم الجبري بعدم قدرته على مجابهة دكتاتور قوي، فإن ما فعله يعد على الأقل حصاة في حذاء ابن سلمان، وقد أثارت هذه الدعوى ما اعتبره الجبري دعاوى قضائية انتقامية في بوسطن وأونتاريو رفعتها 10 شركات سعودية مرتبطة بالحكومة أسِست لتوفير غطاء للعمليات الأمريكية السعودية ويسيطر عليها الآن صندوق الثروة السيادي للمملكة، الذي يرأس مجلس إدارته الآن محمد بن سلمان. اتهمت هذه الشركات الجبري بالاحتيال بمبلغ 3.5 مليارات دولار، ولكنه نفى ارتكاب أي مخالفات وقال إن الدفاع عن نفسه سيتطلب الكشف عن عمليات هذه الشركات وأموالها، التي تم تصميمها بشكل معتم لدعم الأنشطة السرية.
وأوضح الكاتب أن وثائق المحكمة في بوسطن تشير إلى أن المسؤولين الأمريكيين حرصوا على تسوية القضايا خارج المحكمة، وذلك لمنع أي كشف علني عن عمليات أمريكية سرية. لكن محاولاتهم باءت بالفشل لعدم اقتناع السعوديين بأن الجبري سيبقى صامتًا بحسب مسؤول أمريكي سابق في السفارة الأمريكية في الرياض.
وفي شباط/ فبراير من العام الحالي، عرض الجبري “حلاً ماليًا وقانونيًا” على محمد بن سلمان بوساطة أمريكية، إلا أنه قوبل بالصمت من محمد بن سلمان. قال أنصار محمد بن سلمان إن عرض الجبري تسويةً ماليةً هو اعتراف ضمني بذنبه، بينما يرى فريق الجبري أن عدم رغبة محمد بن سلمان في التسوية يثبت أن الفساد مجرد ذريعة لملاحقة خصم سياسي. وفي غضون ذلك، تستمر المعركة القانونية. ففي أيلول/ سبتمبر، رفضت محكمة واشنطن دعوى الجبري ضد محمد بن سلمان لعدم اختصاصها. وفي أواخر السنة الماضية، أسقطت محكمة بوسطن الدعوى المرفوعة ضد الجبري بعد أن استندت الحكومة الأمريكية إلى “امتياز أسرار الدولة” لوقف الكشف عن معلومات الأمن القومي، لكن هذه الأسرار لا تزال معرضة لخطر الكشف عنها في محكمة أونتاريو؛ حيث تُظهر مستندات المحكمة أن محامي الحكومة الأمريكية يعملون مع نظرائهم الكنديين لمنع الوصول لهذه النتيجة.
ولكن حتى إذا استمرت الدعاوى القضائية ضد الجبري، فقد يكون من الصعب إثبات مزاعم الفساد بشكل قاطع، وهذا بسبب اختفاء شاهد رئيسي، وهو الرجل الذي أشرف على الإنفاق على مكافحة الإرهاب ألا وهو الأمير محمد بن نايف.
وذكر الكاتب أن الإقامة الجبرية خُففت عن ابن نايف في أواخر سنة 2017، لكن منعه من السفر ظل قائمًا، فبحسب الجبري كان ابن نايف يعتقد في البداية أنه قد يُحرم من ألقابه الرسمية في مقابل الحصول على تعويض مالي كبير، كما عومل سلفه الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي تم إغراقه بالهدايا بعد أن أقاله الملك سلمان من ولاية العهد.
وأوضح الكاتب أنه تم الاستيلاء على جزء كبير من ثروة ابن نايف. وفي 10 كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017، أرسل ابن نايف رسالة إلى بنك “إتش إس بي سي” في جنيف يطلب فيها تحويل “أرصدة اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي” إلى حساب مصرفي سعودي، وهو ما رفضه المصرفيون والمحامون التابعون لابن نايف لاشتباههم في أن ذلك الطلب تم تحت الإكراه، فيما رفض بنك “إتش إس بي سي” التعليق عليه.
وعلى الرغم من أن القيمة الإجمالية لأصول الأمير محمد بن نايف في الخارج غير واضحة، إلا أن شركاءه يقولون إنه يمتلك عقارات مميزة في أوروبا والولايات المتحدة تتخطى قيمتها عدة مليارات، بينما من المؤكد أنه اضطر إلى تسليم جزء كبير من أصوله المحلية. وأوضح المصدر المقيم في أوروبا، الذي لديه معرفة بهذه الأصول، أن “القيمة الإجمالية” للأصول المصادرَة بلغت 17.8 مليار ريال أي ما يعادل 4.75 مليارات دولار.
ذكر الكاتب أن الأمير ما بين 2018 و2019 تمتع بحرية نسبية دون أن يُسمح له بمغادرة المملكة، ولكن الأمور ساءت فجأة في آذار/ مارس 2020 حين داهمت الحكومة مقره الصحراوي في ضواحي الرياض وتم احتجازه، بالإضافة إلى اعتقال العديد من الموظفين أيضًا. احتُجز ابن نايف في الحبس الانفرادي لأكثر من ستة أشهر وتعرض خلال ذلك الوقت لسوء المعاملة بشكل خطير.
وأضاف الكاتب – نقلا عن نفس المصدر – أن محمد بن نايف نُقل إلى مجمع قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك وللحكومة السعودية قرب نهاية سنة 2020، حيث لا يُسمح له بالخروج من وحدته الصغيرة ويتم تصويره وتسجيله في جميع الأوقات، كما أنه ممنوع من الزيارة باستثناء بعض أفراد الأسرة في حالات نادرة، ولا يمكنه رؤية طبيبه الشخصي أو ممثليه القانونيين، بينما تم إجباره على توقيع بعض المستندات دون قراءتها.
وفي ربيع سنة 2021، تلقى مصرفيّو ومحامو ابن نايف في أوروبا طلبات جديدة لتحويل أرصدته، بما في ذلك مكالمة هاتفية من ابن نايف إلى محاميه في سويسرا، وذلك وفقا لمصدر مطلع على المكالمة. لكن المحامي رفض تنفيذ هذا الطلب لأنه يعتقد أن موكله كان تحت الإكراه، ليجد المحامي أن الأمير يدعوه لزيارة المملكة والتحقق بنفسه من وضعه، إلا أن المحامي أصرّ على أن الأمير بحاجة إلى السفر إلى سويسرا مع عائلته للسماح بنقل الأصول. كما أكد المصدر أن ولي العهد يحاول إذلال ابن نايف عن طريق ملاحقة أمواله، حتى لا يبقى هناك أي تهديد منه على الإطلاق خاصة وأن ابن نايف يعتبر بديلًا قويًّا يمكنه إزاحة محمد بن سلمان عن العرش.
وقال الكاتب إنه التقى أحد أبرز مستشاري العلاقات العامة لمحمد بن سلمان في الرياض، والذي كان جزءًا من حملة ترعاها الدولة لتقديم محمد بن سلمان في الغرب باعتباره صاحب رؤية يدفع بجرأة نحو الإصلاحات الاجتماعية، مضيفًا أنه كان يريد التحدث عن كيفية رفع الأمير الحظر المفروض منذ عقود على قيادة النساء للسيارة ودور السينما، وسمح بالحفلات الموسيقية التي كانت ممنوعة في السابق، وكبح سلطة الشرطة الدينية التي عارضت بشدة الاختلاط بين الجنسين.
وأضاف الكاتب أنه في إحدى الأمسيات من شهر آذار/ مارس 2020، أراد هذا المستشار أن يضع الأمور في نصابها الصحيح بشأن اختفاء محمد بن نايف مؤخرًا، إلى جانب الأمير أحمد بن عبد العزيز، أحد كبار أفراد العائلة المالكة، الذي يُنظر إليه على أنه منافس لولي العهد. وقد أصرّ مستشار العلاقات العامة على نفي رواية نُشرت في وسائل الإعلام الأجنبية مفادها أن الأمرين اعتُقلا لأن السلطات تعتقد بتورطهم في التخطيط للإطاحة بولي العهد محمد بن سلمان ووالده. وقال إن محمد بن سلمان ظل “مسيطرًا” وأن الاعتقالات نُفذت “بعد تراكم السلوك السلبي من قبل الأميرين”، بينما كان الهدف من التطهير المفاجئ هو فرض “الانضباط” داخل العائلة المالكة. وبينما لم يوضّح طبيعة “السلوك السلبي”، قال إنه يتوقع إطلاق سراح الأمراء قريبًا”.
وأشار الكاتب إلى أن الأمراء لا يزالون رهن الاحتجاز بعد ما يقارب ثلاث سنوات، وذلك على الرغم من دعوة الإدارة الأمريكية في عهدي ترامب وبايدن إلى إطلاق سراحهم، إلا “محمد بن سلمان لم يستجب”، وذلك وفقًا لتصريحات كيرستن فونتنروز، التي أشرفت لفترة وجيزة على السياسة الخليجية في إدارة ترامب، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي.
وختم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن قوة محمد بن سلمان تبدو مطلقة بغياب منافسين معروفين للعرش. ففي مساره الحالي، لا يوجد شيء يمنعه من خلافة والده، كما أن الغضب العالمي على مقتل خاشقجي، والحرب المدمرة التي تقودها السعودية في اليمن، والقمع المتزايد في الداخل، لم تؤثر في سلطاته في حكم البلاد. كما أن المديرين التنفيذيين في وول ستريت حريصون على إبرام صفقات مع الدولة البترولية الغنية رغم حكمه الديكتاتوري.
عربي 21
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.