ذكر موقع The Intercept الأمريكي، في تقرير نشره يوم الإثنين 16 مايو/أيار 2022، أن وثائق تم الحصول عليها من بريد إلكتروني مُخترَق، لدبلوماسيٍ من واشنطن، تكشف عن عملية نشطة في أمريكا لصالح السعودية والإمارات والبحرين طيلة السنوات الخمس الماضية، لاستهداف الحرس الثوري الإيراني.
المستندات كشفت عن مساعي السعودية والإمارات والبحرين لبسط النفوذ، على مدى السنوات الخمس الماضية، استهدفت التشويش على واشنطن برسائل تدعم استمرار المواجهة مع إيران واستهداف الحرس الثوري الإيراني بعقوبات بجانب إدراجه في قائمة الإرهاب.
نشاط سعودي إماراتي ضد الحرس الثوري
فمنذ عام 2015 على أقل تقدير، أطلقت مجموعة من مستشاري الاتصالات وشركات المحاماة وجماعات الضغط التي تعمل مع الحكومات الأجنبية -لا سيما خصوم إيران الإقليميين الرئيسيين: السعودية والإمارات والبحرين- سيلاً مستمراً من التغريدات ونقاط الحوار والبيانات الصحفية والتقارير التي تحذّر من مخاطر الحرس الثوري الإيراني ودعم المنظمات الأجنبية الإرهابية.
من جانبها قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي: “كل ما تريد أن تعرفه حول وضعية العصا المُسيسة التي صارت عليها قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، يمكن من خلال مشاهدة الإمارات والسعودية -المسؤولتين عن أبشع أشكال الإرهاب ضد المدنيين في اليمن- وهما تضغطان من أجل إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية والإبقاء عليه في هذه القائمة”.
سارة ليا ويتسن أضافت: “لا يجب علينا أن نسمح للحكومات الأجنبية بأن توظف جماعات الضغط لشراء النفوذ على سياسات الأمن القومي المهمة، مثل الإدراج في قائمة المنظمات الإرهابية لحكومةٍ نريد أن نتوصل معها إلى اتفاقية نووية مهمة”.
محاولات للتأثير على سياسات أمريكا
المعلومات الواردة في البريد الإلكتروني المخترق، الذي لم يُنشر عنه من قبل، والذي أُرسل عن طريق دبلوماسي إماراتي، تكشف النقاب عن محاولة أحد أصحاب المصالح الأجانب التأثير على نهج الحكومة الأمريكية في التعامل مع الحرس الثوري الإيراني.
ففي رسالة بريد إلكتروني كُشف عنها بجانب رسائل أخرى، حصلت عليها مجموعة تسمي نفسها Global Leaks، يراسل السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة -أحد الدبلوماسيين الأجانب النافذين في واشنطن- صحفياً حول إضافة المجموعة إلى قائمة الإرهاب الأجنبية.
حيث يُظهر البريد الإلكتروني الذي كشفت عنه مجموعة Global Leaks مراسل صحيفة The Wall Street Journal آنذاك، جاي سولومون، وهو يكتب للعتيبة في 3 فبراير/شباط 2017: “هل سمعت أي شيء عن تفكير إدارة [ترامب] في تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمةً إرهابيةً؟”
في سلسلة الرسائل، رد العتيبة خلال دقائق: “ليست لدي فكرة حول موقفهم من اتخاذ القرار، لكني تقدمت بالاقتراح إلى عديد من الأشخاص”.
من جانبها لم ترد السفارة الإماراتية على طلب للتعليق على رسائل البريد المزعومة، التي لم يستطع موقع Responsible Statecraft وموقع The Intercept التأكد من مدى أصالتها. كذلك لم يحدد العتيبة في الرسائل هوية الأشخاص الذين قدم الاقتراح إليهم.
جيش من العملاء يعملون لصالح السعودية والإمارات
في توقيت الرسائل نفسه بين العتيبة وسولومون، كان جيش من العملاء المستأجرين الذين يعملون لصالح الإمارات والسعودية والبحرين وحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، يمطرون موظفي الكونغرس ووزارة الخارجية والمؤسسات الفكرية، بالرسائل التي تؤكد خطورة الحرس الثوري الإيراني.
استمر الصخب المحيط بالمواد الإعلامية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، الواردة من الإمارات والسعودية والبحرين، مع فرض إدارة ترامب في 2017، عقوبات على الحرس الثوري، وهي خطوة رحبت بها العملاء الأجانب في واشنطن.
في حين احتفت الإمارات من جانبها بالسياسة التقدمية الجديدة التي انتهجتها إدارة ترامب تجاه إيران، عبر بيان صحفي نشرته شركة المحاماة هاجر العواد وشركاه، التي تعمل مع السفارة الإماراتية التي أعربت عن تأييد الخطوة.
كذلك استمرت حملة بسط النفوذ الأجنبي المثمرة حتى بعد ولاية ترامب، التي مارس خلالها حملة الضغط القصوى ضد إيران.
رفع الحوثي من قائمة الإرهاب
في أعقاب رفع إدارة بايدن جماعة الحوثيين من قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية في فبراير/شباط 2022، نشر العملاء الإماراتيون تقريراً مرتبطاً بالسفارة الإماراتية في واشنطن حول “إعادة الحوثيين إلى قوائم الإرهاب الأمريكية”، واستشهد التقرير بالعلاقات الوثيقة المزعومة بينهم وبين الحرس الثوري الإيراني.
من جانبها تباطأت وتيرة الأنشطة المعلنة التي ينظمها قانون تسجيل الوكالات الأجنبية بالنسبة لعملاء الإمارات والبحرين والسعودية وكذلك الجناح السياسي لحركة مجاهدي خلق، بينما كانت إدارة بايدن تضغط من أجل العودة إلى الاتفاق النووي. وجاء هذا التحول في نفس وقت ارتفاع حدة التوترات بين البيت الأبيض ودول الخليج حول قضايا متعددة، تتراوح بين رفع إنتاج النفط لدول منظمة أوبك والعقوبات على روسيا في أعقاب الهجوم الروسي ضد أوكرانيا.
في حين لا تزال منظمة واحدة على الأقل ذات علاقات مالية بالسعودية والإمارات -مع أنها غير مسجلة بوصفها وكيلاً أجنبياً- تضغط ضد احتمالية شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب. إذ إن معهد الشرق الأوسط (MEI)، وهو عبارة عن مؤسسة فكرية “تكرس أعمالها فقط لدراسة شؤون الشرق الأوسط، والتي تتلقى أكبر دعمٍ ماليٍّ من السفارة الإماراتية في واشنطن وتتلقى كذلك دعماً من شركة أرامكو السعودية”، نشر تقريراً في مايو/أيار 2022.
التقرير قال في طيات حديثه عن الحرس الثوري: “بينما تقيّم الإدارة الأمريكية ما إذا كانت ستشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية أم لا، تكشف طبيعة الحرس الثوري عن أنه ليس قوة مسلحة حكومية تقليدية وينبغي ألا يُعامل على أنه كذلك. الحرس الثوري الإيراني منظمة ذات أيديولوجية وتتشارك في سمات رئيسية مع منظمات إسلامية أخرى مدرجة في القائمة، وتتضمن سعيها وراء دولة إسلامية توسعية، ونظام عالمي إسلامي، وفرض قانون الشريعة (حسب المنظور الشيعي) بالقوة، والمفهوم العسكري للجهاد، والأيديولوجية المعادية للسامية ولأمريكا”.
حملات ضغط مستمرة
من جانبها قالت رايتشل دولي، مديرة العلاقات الإعلامية في منظمة MEI، إن التبرعات لا تؤثر على عمل المجموعة. وأوضحت: “تحتفظ منظمة MEI بالاستقلالية الفكرية الكاملة لنفسها ولباحثيها، ولا يملك أي ممول أي تأثير على خط التحرير، كذلك لم يُستشر أي ممول في تأليف أو نشر أي من المقالات، وضمن ذلك هذه المقالة. نشر المؤلفون هذه المقالة بصورة مستقلة وسلموها إلى معهد الشرق الأوسط، الذي ينشر مجموعة متنوعة من الأصوات وأوجه النظر حول السياسة والشؤون الإقليمية. قُبلت المقالة بعد إخضاعها للمراجعة الداخلية وعملية التأكد من الحقائق الخاصتين بـMEI. ولما كان هذا هو الحال مع جميع منشورات MEI، فإن الآراء الواردة في هذه المقالة تخص المؤلفين ولا تمثل موقف المعهد”.
تكشف منظمة MEI عن هويات المتبرعين لها على موقعها، لكنها لا تكشف عن احتمالية تعارض المصالح في مواد المنظمة التي تتطرق إلى مموليها من الحكومات الأجنبية.
حتى الآن يبدو أن حملة الضغط ضد الحرس الثوري الإيراني في واشنطن تحقق مآربها. فقد استبعدت الولايات المتحدة شطب المجموعة من قائمة الإرهاب بدون الحصول على مزيد من التنازلات من إيران. فيما يقول الإيرانيون إن مثل هذا الموقف يأتي على النقيض من الاتفاقية التي عُقدت في 2015، لأنه يطلب المزيد من التنازلات من إيران من أجل الحصول على الإغاثة الاقتصادية، التي دخلت البلاد في مساومات بالفعل من أجل الحصول عليها.
رغم ذلك، تشكل المناقشات المباشرة حول احتمالية شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، تهديداً على مُنجزٍ رئيسيٍّ تَحَقَّق من حملة “الضغط القصوى” التي امتدحتها دول الخليج وحركة مجاهدي خلق. وإذا بدا التوصل إلى اتفاق حول شطب المجموعة احتمالية ممكنة فجأةً، فإن عملاء هذه الدول المسجلين في واشنطن سوف يكثفون وتيرة حملتهم بكل تأكيد.
عربي بوست
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.