قالت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية إن باكستان، “الشقيق الحديدي” للصين، غرقت في الآونة الأخيرة في اضطراب سياسي. فقد نجح رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الأحد الماضي، في عرقلة تصويت المعارضة بحجب الثقة. بعد رفض الاقتراح، ألقى خان كلمة أمام الاجتماع، وسمّى دبلوماسياً أميركياً كبيراً باعتباره الشخص الذي يُزعم أنه متورط في “مؤامرة أجنبية” للإطاحة بحكومته من خلال التصويت بحجب الثقة.
وأضافت الصحيفة أن الخبراء استشهدوا بالعديد من الأسباب التي أدت إلى الوضع السياسي الحالي في باكستان، بما في ذلك النزاع السياسي الخطير وضعف التنمية الاقتصادية في باكستان في ظل وباء كوفيد-19، على سبيل المثال لا الحصر. وبالطبع، كما ذكر خان، تتدخل بعض القوى الخارجية، وخاصة من الولايات المتحدة، في الشؤون الداخلية للدولة الواقعة في جنوب آسيا.
وقال تشاو غانتشنغ، الزميل الباحث في معهد شنغهاي للدراسات الدولية، لصحيفة “غلوبال تايمز” إن واشنطن قد فشلت في محاولاتها لتقييد عمران خان، لذا فمن الممكن أن تتدخل الآن في السياسة الباكستانية للإطاحة بالحكومة الحالية.
ويعتقد ليو زونجي، الأمين العام لمركز أبحاث التعاون بين الصين وجنوب آسيا في معهد شنغهاي للدراسات الدولية، أن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، لا يريد أن يظل خان في السلطة لأنه أصبح أكثر صرامة تجاههم.
وقالت الصحيفة إن السياسة في سريلانكا، وهي دولة أخرى قريبة من الصين، تشهد بدورها مشاكل كبيرة. فقد استقال جميع وزراء الحكومة الحالية في البلاد يوم الأحد، باستثناء الرئيس غوتابايا راجاباكسا وشقيقه رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا. إلى جانب ذلك، فقد الائتلاف الحاكم للرئيس أغلبيته في البرلمان يوم الثلاثاء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الاضطرابات السياسية في سريلانكا ترجع أساساً إلى الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، وهي واحدة من أسوأ الأزمات على الإطلاق في البلاد، فلا يزال هناك احتمال أن تستغل واشنطن الوضع لإثارة الاضطرابات وتقويض العلاقات الثنائية بين بكين وكولومبو. قالت إن هذا ما يجب أن نكون حذرين منه.
وأضافت أنه في السنوات الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة تشعر بأزمة بسبب صعود الصين وتعاونها الوثيق مع الدول الأخرى. وبالتالي، تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها لعرقلة الانخراط بين الصين وجيرانها بكل طريقة ممكنة. على سبيل المثال، تقوم واشنطن بتشويه سمعة “مبادرة الحزام والطريق” التي اقترحتها الصين باعتبارها تضع “مصائد ديون” في البلدان المجاورة. كما تستمر الولايات المتحدة في لعبة “التهديد الصيني” على أمل أن تميل بعض دول المنطقة بعيداً عن الصين ونحوها هي.
وتابعت افتتاحية “غلوبال تايمز”: تشتهر الولايات المتحدة بتدبير “ثورات ملونة” أو التحريض عليها في أو بالقرب من دولة لديها حكومة لا تحبها. إنها وراء الثورة البرتقالية و”الميدان الأوروبي” في أوكرانيا، أحد جيران روسيا. بالنظر إلى السمعة السيئة التي تتمتع بها الولايات المتحدة، يشير البعض إلى أن الولايات المتحدة تقوم بأشياء مماثلة في مناطق حول الصين.
في رأي تشاو، ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة تريد احتواء الصين، لكن الأولى لا تستطيع تحمل تنظيم “ثورات ملوّنة” في كل دولة من الدول المجاورة للصين، حيث أن التكلفة باهظة للغاية. بدوره، يعتقد ليو أن احتمال انخراط الولايات المتحدة في “ثورات ملونة” في دول مثل باكستان وسريلانكا منخفض جداً.
واستدركت الصحيفة قائلة إن “هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستتوقف عن التدخل في سياسات بعض جيران الصين لتقويض تنمية الصين ودبلوماسية الجوار. كما أنه سيعطل السلام والاستقرار في كل من المنطقة والبلدان الإقليمية، وهو أمر تحتاجه بلدان مثل باكستان وسريلانكا بشدة في الوقت الحالي”. وخلصت إلى أنه “لن يكون من السهل على هذه الدول التعامل مع محاولات التدخل والتسلل من القوى الخارجية”.
رأى ليو أن الاضطرابات المستمرة في البلدين الواقعين في جنوب آسيا هي عواقب حتمية للصراعات السياسية الداخلية الشديدة، مما يترك شرخاً يتيح للقوى الأخرى الاستفادة من الموقف للتسلل إليها. وأضاف: “فقط من خلال حل النزاعات الداخلية وتحقيق الاستقرار في مجتمعاتهم أولاً، ستكون هذه الدول قادرة على حماية نفسها من القوى الخارجية”.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.