12 صاروخًا باليستيًا أطلق من قاعدة إيرانية على أربيل، المنطقة الكردية الشمالية من العراق، شكّل استعراضًا لقدرات الجمهورية الإسلامية، كان الهدف منها الترهيب وليس إشعال الحرب في الوقت الحالي.
تماشيًا مع سياسة حافة الهاوية الإيرانية، فإن الصواريخ – التي أطلقت من منطقة كرمانشاه الإيرانية – قطعت حوالي 340 كيلومترًا، ومن المُحتمل أن الصواريخ كانت من طراز “فتح 110” البالستية متوسطة المدى، وفقًا لتحليل أجراه مركز ألما الإسرائيلي.
مركز ألما أشار إلى أنه لو سقطت هذه الصواريخ في منطقة حضرية مزدحمة، لألحقت أضرارًا كبيرة، مشيرًا إلى أن الصواريخ كانت على الأرجح مقذوفات دقيقة التوجيه. حقيقة أن هذه الصواريخ – التي تحمل رأسًا حربيًا يبلغ وزنه نصف طن – لم تضرب مناطق مأهولة بالسكان، ليس مصادفة.
ادعى الحرس الثوري بأن الصواريخ استهدفت مقرًا “للموساد” في أربيل، أصابت الصواريخ مبنى فارغ، ليس بعيدًا عن القنصلية الأمريكية في أربيل.
من خلال اتخاذ هذا الإجراء، أظهر الإيرانيون قدراتهم الصاروخية الموجهة بدقة، وأرسلوا تحذيرات إلى عدة جهات.
يبدو أن الجهة المستهدفة الأولى هي إسرائيل، المهددة بصواريخ من طراز “فتح 110” البالستية، التي بحوزة حزب الله في لبنان. هذه الرسالة تأتي ردًا على الغارة الجوية الإسرائيلية في الـ 7 من مارس، والتي أدت إلى مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني في دمشق. قدر مركز ألما الإسرائيلي بأن الرسالة الموجهة لإسرائيل هي “إيران ستطلق صواريخ باليستية مباشرة على مدن في الأراضي المحتلة في المرة القادمة”.
الجهة المستهدفة الثانية، هي على الأرجح الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. يبدو أن إيران محبطة من تأخر مرحلة التوقيع في محادثات فيينا النووية، والتي جاءت نتيجة مطالبة روسية في اللحظة الأخيرة بإعفاء التعاون التجاري مع إيران من العقوبات المفروضة عليها.
المطلب يعني أنه لا يُمكن التوقيع على اتفاق وصل إلى مرحله النهائية بعد، وستبقى العقوبات الأمريكية القاسية التي اعتقد الإيرانيون بأنها سترفع قريبًا ما لم تغير روسيا موقفها أو تجد الولايات المتحدة طريقة جديدة لتوقيع الاتفاق بدون روسيا. قول ذلك أسهل من فعله، نظرًا للدور روسيا الرئيسي في الاتفاق، والتي تشمل استيراد فائض اليورانيوم الإيراني والإشراف على تحويل موقع فوردو النووي إلى مركز أبحاث.
ما هي الطريقة الأفضل التي تمتلكها إيران لتحذير واشنطن لإيجاد حل لهذا المأزق من إطلاق صواريخ باليستية قوية وموجهة بالقرب من القنصلية الأمريكية؟
مع استمرار تعثر المحادثات النووية، تحرز إيران تقدمًا مثيرًا للقلق على صعيد تخصيب اليورانيوم، وإذا خلصت إلى أنه لا يمكن إحياء الاتفاق، فقد تميل إلى المضي قدمًا للوصول إلى حالة اختراق.
من المُحتمل أن تكون الجهة الثالثة المستهدفة هي خصوم إيران الإقليميين من العرب السنة، ولا سيما دول الخليج. تشهد السعودية، والإمارات مؤخرًا هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ باليستية وصواريخ “كروز” من قِبل الحوثيين المدعومين من إيران من اليمن.
استعراض إيران لقدراتها استمر يوم الاثنين، عندما أفاد التلفزيون الإيراني بأن قوات الأمن أحبطت تخريبًا مخططًا له في موقع فوردو النووي الرئيسي في البلاد من قِبل شبكة جندتها إسرائيل، واعتقلت المتورطين”. وبحسب التقرير، فإن ضابطًا إسرائيليًا اتصل أولًا بأحد جيران موظف في معمل تخصيب اليورانيوم، وتمكّن من تجنيدهم بعد أن دفع لهم نقدًا وبالعملة الرقمية. وكانت وحدة أمن الحرس الثوري تراقب هذه الشبكة وتمكّنت من لتفكيكها قبل تنفيذ التخريب واعتقال عدد غير محدد من الأشخاص.
بعد هذا الإعلان الإيراني بوقت قصير، نشرت قناة “تيلغرام” تابعة للحرس الثوري الإيراني رسالة بالعبرية تقول “مفاجأة”. في غضون نصف ساعة، استهدف هجوم إلكتروني عدة مواقع حكومية إسرائيلية. أجرى وزير الاتصالات الإسرائيلي يوعاز هندل تقييمًا طارئًا حيث أعادت إسرائيل مواقعها وأعادت تشغيلها. يبدو أن هذا أيضًا يمثل استعراضًا إيرانيًا للقدرات؛ على الرغم من أن الهجوم هنا أيضًا كان محدودًا ولم يتجاوز عتبة الحرب.
غالبًا ما تُحسب سياسة حافة الهاوية الإيرانية لتحقيق أهداف محددة دون تعريض مصالح النظام الأساسية للخطر، على الرغم من أن الأحداث التي أدت إلى اغتيال الولايات المتحدة لقائد “فيلق القدس” قاسم سليماني في يناير 2020 تشير إلى أن الإيرانيين قادرون تمامًا على سوء التقدير.
أحد الدروس التي يُمكن استخلاصها من الأحداث الأخيرة هو أن إيران تستثمر في ترسانة كبيرة من القوة النارية، وأنها تصدر هذه القدرات إلى وكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
يعقوب لابين – إسرائيل اليوم
ترجمة: عبير شهاب – أطلس للدراسات
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.