اعتبارًا من عام 1980، كانت الصين هي القوة الأكثر نفوذًا في بلد واحد فقط، هي: ألبانيا. لكن الآن، أصبحت الصين هي القوة الرائدة في معظم ربوع أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا، وتلحق بالولايات المتحدة في نصف الكرة الأرضية التي تبسط سيطرتها عليها، بحسب تقرير أعده موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي.
يستشهد ديف لولر، محرر الشؤون الدولية في موقع أكسيوس، بتقريرٍ جديد صادر عن جامعة دنفر والمجلس الأطلسي يهدف إلى قياس تأثير الدول بعضها في بعض، ويرسم صورة دراماتيكية لصعود الصين.
اتجاه النفوذ في 3 عقود.. ركود أمريكا وتضاؤل أوروبا وتنامي الصين
درس المؤلفون الجوانب القابلة للقياس الكميِّ، من التجارة والأمن والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين (قيمة السلع المتداولة، والمساعدات المقدمة، والأسلحة المنقولة، وما شابه ذلك)، ثم نظروا إلى التوازن من حيث مدى اعتماد دولة على أخرى.
لاحظ المؤلفون أن البيانات لم تتضمن بعض جوانب التأثير، مثل: تمويل القوات بالوكالة، أو قوة التأثيرات الثقافية. وما تضمنته البيانات كان يشير إلى اتجاه واضح على مدى العقود الثلاثة الماضية: ركود نفوذ أمريكا العالمي، وتضاؤل نفوذ أوروبا، وتنامي نفوذ الصين بسرعة.
بداية من القرن الـ21.. تنامى نفوذ الصين مع توسع اقتصادها
في عام 2000، كانت الصين تعدُّ الدولة الأكثر نفوذًا في عدد قليل من الدول المعزولة، مثل: إيران وميانمار والسودان. لكن في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تنامى نفوذ الصين مع توسع اقتصادها.
يقول جوناثان موير، المشارك في تأليف التقرير، لموقع «أكسيوس»: «جوهر التأثير في النظام الدولي الآن لا يركز في الأساس على النفوذ العسكري، على الرغم من أن هذا النوع من التأثير لا يزال مهمًّا».
يخلص التقرير إلى أن دور الصين في مركز التجارة العالمية هو الذي يمنحها الجزء الأكبر من نفوذها. وعلى الرغم من تباطؤ تسارع نفوذ الصين في السنوات الأخيرة، يبدو أن ثمة مجال للنمو في المجال الأمني، لا سيَّما من خلال مبيعات الأسلحة، كما يقول موير.
«الحمائية» تقلل قدرة أمريكا على منافسة الصين
يقول ماثيو بوروز، وهو مشارك آخر في تأليف التقرير سالف الذكر: إن تحول أمريكا نحو الحمائية يجعلها أقل تنافسية مع الصين. ويضيف: «لقد انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقيات التجارة الإقليمية الكبيرة، وقد أدى ذلك في الأساس إلى ترجيح كفة الصين».
يستدرك تقرير «أكسيوس»: بيدَ أن الولايات المتحدة لا تزال هي القوة الأكثر نفوذًا في حوالي 50 دولة، مقابل 34 دولة يتفوق فيها نفوذ الصين، وفقًا للدراسة، من بينها جميع دول أمريكا اللاتينية تقريبًا، والدول ذات الثقل الاقتصادي، مثل: الهند واليابان والمملكة العربية السعودية وأستراليا.
كيف سيكون شكل خارطة النفوذ في عام 2040؟
على امتداد المسار الحالي، تبدو الخريطة مختلفةً جدًا في عام 2040.
يلفت التقرير إلى أن إدارة بايدن بذلت جهودًا مبكرة لتمتين جسور التواصل مع جنوب شرق آسيا؛ حيث وجد التقرير أن النفوذ الأمريكي والصيني متوازن في العديد من البلدان، من بينها: إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وفيتنام.
لتبسيط خريطة النفوذ العالمي، رسم موقع «أكسيوس» البلدان التي تتمتع فرنسا أو ألمانيا أو المملكة المتحدة فيها بأكبر قدر من النفوذ باللون الأخضر. أما الدول التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بأكبر قدر من النفوذ فمرسومة باللون الأزرق، ومناطق نفوذ الصين باللون الأحمر، ومناطق نفوذ روسيا / الاتحاد السوفيتي باللون الأصفر.
وتبين أن ألمانيا هي الدولة الأكثر نفوذًا في كافة أنحاء أوروبا الغربية والوسطى تقريبًا، بينما فرنسا هي القوة الأكثر نفوذًا في العديد من البلدان الأفريقية، وتُصَنَّف المملكة المتحدة حاليًا على أنها الدولة الأكثر نفوذًا في أيرلندا فقط.
ساسة بوست
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.