«سأحظى بمجد لا ينضب»
أخيل (الإلياذة، النشيد التاسع: 413)
الخامس من حزيران/يونيو معكوسًا: سقوط فكرة «إسرائيل»
حتى ليلة السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بدا الكيان الصهيوني أحد أهم وأفضل وأنجح الاستثمارات الغربية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية، وبدت فكرة «إسرائيل»، فكرةُ إقامة كيان بوظيفة عسكرية وسياسية إقليمية في قلب الوطن العربي في مرحلة ما بعد الاستعمار المباشر، كما رآها الغرب، فكرةً عبقرية وحتى قابلة لإعادة التأهيل، رغم الضربات الموجعة التي تلقتها من قوى المقاومة العربية منذ أيار/مايو 2000. أكثر من ذلك، كان لحرب حزيران/يونيو الكارثية تأثيرات أبعد حتى من تبعات القضاء على مشروع التحرر العربي ودخول الوطن العربي مرحلة مظلمة تمثلت بتفكيك وإعادة تكوين البنية الاجتماعية العربية، مترافقة مع غزو أيديولوجي ساحق، بما يتوافق والمصلحة الإمبريالية والصهيونية؛ فنتائج حرب حزيران/يونيو التي بدت للمنظومة الغربية دليلًا قاطعًا على فاعلية الاستثمار الهائل وصوابيته، حتى ذلك الوقت، بفكرة الكيان، وقادت فوق ذلك إلى مضاعفتها مرارًا وفي كل المجالات، ارتقت بالكيان فعليًا إلى مكانة المشارك الفعلي في بنية السلطة الكونية. هكذا أصبح الكيان أكثر مناعة وقوة حين أصبح مجرد التفكير في مقاومته أو التفكير في مشروع تحرر وطني فلسطيني، حتى لا نقول عربي، لا يعترضه الاصطدام بسلسلة من الاحتمالات الرهيبة ومصالح إقليمية (وعربية وحتى فلسطينية) وكونية هائلة فقط، بل أصبحت تعني بعد الخامس من حزيران/يونيو 1967 تحديدًا الانقلاب والتمرد على بنية السلطة الكونية.
ثم جاء يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. كانت اللحظة التاريخية فارقة جدًا – ربما سيكتب بعض المؤرخين في المستقبل عن عبقرية مُتغيرَي الزمان والمكان في رسم الحدث والمسارات التي ستنشأ حتمًا عنه. سيكتبون أن ما قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر أو حتى ما بعده، بالمعنى التاريخي، لم يكن ليكون مناسبًا للتمرد على منظومة السلطة الكونية الغربية. كان اختيار الزمان والمكان عبقريًا، وربما سيدرك معناهما حقًا مؤرخو المستقبل فقط حين يقرؤون حال العالم والإقليم والكيان وفلسطين بأثر رجعي، ووفق النتائج الهائلة التي ستترتب على الحدث. ففي حين وصل الصراع العالمي الحادّ الجاري في أوكرانيا (من ضمن أمور أخرى كبرى) على إعادة إنتاج بنية منظومة القوة الكونية إلى حالة من الجمود، حتى لا نقول غياب إمكان الحسم السريع، كما كانت الحال أيضًا في شرق آسيا وتحديدًا في الصراع حول تايوان ورمزيتها في الصراع مع الصين، جاء زلزال السابع من تشرين الأول/أكتوبر ليجعل، بالحد الأدنى، من مجرد إمكان إعادة إنتاج بنية السلطة الكونية على ما هي عليه، وكما كانت قبلها بيوم واحد فقط، تقارب المستحيل.
ففي السابع من تشرين الأول/أكتوبر ضرب الإقليمَ، وبالتالي وبالضرورة العالمَ كله، كوحدة واحدة مترابطة، زلزالٌ هائلٌ بمعانيه وتبعاته سيتحدد على أساسه وعلى أساس مفاعيله البعيدة المدى ووفق المسارات التي أسس لها، موازين قوى دول الإقليم منفردة ومحاوره مجتمعة أساسًا، وسيؤثر بالضرورة في آلية إعادة إنتاج بنية المنظومة الدولية نفسها. وبنية السلطة الكونية ليست مجرد هرمية سياسية كونية وهرمية قوة وسلطة مجردة فقط، بل هي المحدد الأساسي أيضًا، ليس لتراكم رأس المال على المستوى العالمي فقط، بل حتى لقدرة أدوات صناعة الأيديولوجيا الغربية (الإعلام، الفن، الجامعات، مراكز الأبحاث… إلخ) على إعادة إنتاج الأيديولوجيا المهيمنة التي لا يمكن المنظومة أن تستمر من دونها؛ فالهرمية السياسية الكونية والقوة الشاملة للمنظومة هي التي تعمل باستمرار على ضمان تراكم رأس المال عالميًا؛ فبالقوة، وبالحروب أحيانًا، يتم بصورة دورية إعادة جدولة قانون القيمة أو إعادة جدولة العلاقة بالقيمة (النهب) باستمرار عبر سحق قيمة الإنسان الجنوبي تحديدًا، وإذلاله وسحق قيمة قوة عمله. هذه الهرمية من القوة، كأي سلطة، وكأي علاقة اجتماعية، تتضمن وتشمل أيضًا الدور والعلاقة بين مؤسسات المنظومة كلها، ومنها أدوات ومؤسسات صناعة الأيديولوجيا المهيمنة وتُمكِّنُها (أي السلطة والقوة) من إعادة إنتاج الهيمنة وأيديولوجيا الهيمنة. لهذا، فإن السابع من تشرين الأول/أكتوبر عرّاها وفضح مثقفي الغرب وأدوات صناعة الأيديولوجيا الغربية الذين استشرسوا في الدفاع عن الكيان إلى درجة استعادة مفردات القرن التاسع عشر الأكثر عنصرية لتوصيف العرب والمقاومة.
لهذا، وغيره، ليس في كل التاريخ الحديث (حرفيًا) حدث واحد ووحيد قاد بذاته إلى هذا القدر من التغيير، أو احتمالات التغيير، إلا مرة واحدة تستحق وتستوجب المقارنة.
التحول العظيم
في الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1803، أعطى جان – جاك ديسالين، قائد ثورة هايتي المدهش، الأمر لأشجع جنرالاته وقائد أحد أهم ألويته، فرانسوا كابوا، بالهجوم على الحصن الفرنسي الأخير في فيرتيير. كانت المهمة الأخيرة للثوار، كما الثورة نفسها منذ البداية، تبدو مستحيلة جدًا لكلّ من عرف معنى انتصار الثوار في هايتي وتبعاتها على الجغرافيا السياسية للاقتصاد العالمي القائم على العبودية حينها (وليس على هايتي فقط)، أو لمن عرف دور مستعمرة هايتي في إنتاج السكر، السلعة الأهم حينها في التجارة الدولية، قبل القطن والبترول لاحقًا، أو لمن عرف قليلًا فقط عن موازين القوى المادية والأيديولوجية المختلة بصورة صارخة لمصلحة الفرنسيين والأوروبيين، أو حتى لمن عرف القرار الأوروبي والأمريكي الحاسم بضرورة تدمير التجربة الثورية (غير الأوروبية) السوداء الأولى، والعمل حتى على منع مجرد تسرّب خبر ثورة المستعبَدين إلى المستعمرات الأخرى، بسبب إدراكهم خطورة تحولها إلى مثل ونموذج وحجة.
لكنَّ كابوا ورفاقه الذين تحلوا بشجاعة مذهلة، استطاعوا الانتصار في النهاية بعد أربع جولات عنيفة ودامية جدًا وخسائر بشرية هائلة في صفوفهم، بفعل الهجوم المتكرر والعنيد على الحصن الفرنسي الأخير، رغم تسليحهم المتواضع.
كانت الثورة في هايتي تبدو مستحيلة فعلًا بكل المقاييس، ووفق أي قراءة حينها لحال العالم وحال الجزيرة. ولو كنتَ مؤرخًا يعيش في أي مكان في العالم حينها (وخصوصًا في هايتي)، أو لو كنت حتى مجرد شاهد حيٍّ على الثورة، لبدت لك ضربًا من الجنون بفعل حال العالم وبنية اقتصاده وحال هايتي ونظامها الاجتماعي؛ فأن يتحدّى مستعبَد «أسود» فقير مختطف من بلاده في جزيرة بعيدة جدًا، وبسلاح أبيض في أغلب الأحوال، أقوى جيوش العالم وأغنى دول الأرض (فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، أمريكا) مجتمعة، ويطالب بما ليس أقل من تغيير بنية اقتصاد العالم القائم على العبودية وإنهاء الاستعمار، بدا فعلًا ضربًا من الجنون.
لكن هذه الثورة ستكون حدثًا مفصليًا ومهمًا في التاريخ الإنساني الحديث، إن كنتَ تنظر إليها اليوم بأثر رجعي، وخصوصًا إن كنتَ مهتمًا بجدلية المحلي والعالمي (وأن العالم في النهاية هو وحدة تحليلية واحدة تؤثر أجزاؤه وتتأثر بعضها ببعض وبما يحدث فيها)، وإدراك ترابط حال العالم وحال الوطن الذي تنتمي إليه. ففي أي قراءة معمقة للتاريخ، أو أي قراءة بعين مؤرخ من موقعنا اليوم، ستستنتج أيضًا أن فهمنا لثورة هايتي، كحدث مفصلي في التاريخ الحديث، لا يساعدنا على فهم تاريخ العالم الحديث بأسره فحسب، بل أيضًا فهم جوهر مشروع المقاومة العربية المتصاعدة للاستعمار الصهيوني لفلسطين، كامتداد نسيجي للمشروع الاستعماري الغربي بقيادة الولايات المتحدة واستشراف مستقبلها.
بعد تلك المعركة، تغيّر العالم جذريًا. ومن تلك الجزيرة الصغيرة بدأت إعادة تنظيم الجغرافيا السياسية للاقتصاد العالمي؛ فثورة هايتي نشرت الرعب في المستعمرات القائمة على تجارة الرقيق، وعَدّها المستعبَدون رمزًا ومثالًا. وبعد ثلاث سنوات فقط من الاستقلال، في عام 1807، تم إلغاء التجارة الأوروبية بالمستعبَدين الأفارقة. وبعد ثلاثين عامًا، في عام 1834، انتهى استعباد الأفارقة في كل المستعمرات البريطانية. وبعد ستين عامًا أيضًا، وقعت الحرب الأهلية الأمريكية التي كان إلغاء العبودية إحدى نتائجها كإحدى التبعات البعيدة المدى للثورة العظيمة. أبعد من ذلك، استمر تأثير هذه الثورة لعقود طويلة لاحقًا، لتصبح أحد العوامل المهمة والملهمة في نشوء حركات التحرر الوطني في كل أصقاع الأرض، وخصوصًا في أمريكا اللاتينية.
إلياذة محمد الضيف
بعد معركة فيرتيير بمئتين وعشرين عامًا بالضبط، أعطى القائد العسكري الفذ للمقاومة الفلسطينية محمد الضيف (أبو خالد) الأمر باقتحام معسكرات ومستوطنات غلاف غزة برًا وبحرًا وجوًا. كان اختيار اسم «الطوفان»، كما سيتضح من اليوم الأول، عبقريًا فعلًا، ومن سمّاه كذلك، «الطوفان»، كان نبيًا، كما يقول العرب. فطوفان الأقصى أصبح خلال ساعات قليلة طوفانًا شاملًا. فكما كان طوفانًا عسكريًا وجيوسياسيًا، كان طوفانًا في السياسة، طوفانًا في الاقتصاد، طوفانًا في الوعي، وطوفانًا في الثقافة أيضًا.
ففي الساعات الأولى من صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر تزامن إطلاق آلاف الصواريخ من غزة باتجاه العشرات من الأهداف من جنوب فلسطين حتى الوسط، إضافة إلى مستوطنات ومطارات ومعسكرات ما يسمى «غلاف غزة» مع اقتحام مئات المقاومين القادمين برًا وبحرًا وجوًا (بالطائرات الشراعية). ومع شروق شمس صباح ذلك اليوم كان المقاومون قد ضربوا عشرات القواعد ونقاط المراقبة العسكرية في أكثر من عشرين مستوطنة خلال أقل من ساعة. وفي مواجهة بطولية تمكن المقاومون الفلسطينيون الذين قاتلوا بشجاعة وجرأة لن يصدقها إلا من رآها بأم عينه من القضاء كليًا على فرقة غزة، في ما يسمى «القيادة الإقليمية الجنوبية» في الجيش الصهيوني كليًا، ولم يبقَ أي من كل عناصر ألويتها ووحداتها إلا من وقع في الأسر (لواء «جفن» في شمال غزة، لواء «قطيف» في جنوب غزة، الوحدة 585 للاستطلاع، لواء «414 نيشر/نسر» للاستخبارات الميدانية، وحدة الإشارة في الفرقة، سرية الهندسة الثقيلة في شمال غزة، وسرية الهندسة الثقيلة في جنوب غزة).
لم يكن ما حدث يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر مجرد حدث تاريخي آخر يشبه حتى الأحداث الكبرى التي عرفتها المنطقة، بل كان الحدث هائلًا إلى درجة تشبه المعجزة؛ فخلال ساعات قليلة فقط تحول الكيان الصهيوني، ذراع الإمبريالية الغربية الضاربة والمتقدمة، إلى مجرد هيكل كيان، بلا فكرة ولا وظيفة، إلى درجة استوجبت تدخلًا أمريكيًا وغربيًا مباشرًا وشاملًا للحدّ من الخسائر، وصل إلى حد حضور الرئيس الأمريكي اجتماع الحكومة الصهيونية وإشرافه على قراراتها، ومشاركة وزير خارجيته في اجتماع مجلس الحرب الصهيوني لأكثر من سبع ساعات. خلال ساعات قليلة سقطت الفكرة التي استثمر فيها الغرب ربما أكثر من ما استثمر في أي مشروع آخر، حتى الحرب الأوكرانية؛ فوجود، واستدامة فكرة الكيان كانت ممكنة بسبب الدعم الاقتصادي غير المسبوق (حتى لا نقول شيئًا عن الدعم السياسي والعسكري غير المسبوق أيضًا).
لكن، رغم الإنجازات الميدانية الهائلة للمقاومة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر التي ستحتاج بعض الوقت لتوثيقها؛ ورغم الإنجازات السياسية الكبرى التي ستحتاج كذلك الى الكثير من الوقت لتظهيرها؛ ورغم كل التبعات الإقليمية وحتى العالمية المتعددة التي ستتكشف أكثر في الأيام وحتى السنين القادمة؛ ورغم الاحتمالات الرهيبة التي واجهتها، ومن المتوقع أن تواجهها، المقاومة في الأيام المقبلة؛ ورغم ضخامة المصالح المحلية (الفلسطينية) والإقليمية (بما فيها العربية) والعالمية الكبرى التي واجهها، ومن المتوقع أن يواجهها، المقاومون في الأيام المقبلة، فإنه يمكن الحسم أن الإنجاز الأهم والأعظم، ربما، كان أساسًا في التحول الهائل الذي حدث على المقاومين أنفسهم في زمن قياسي من مجرد أفراد مستضعَفين ومطارَدين من جانب السلطات الاستعمارية الصهيونية وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية إلى جيش تحرير شعبي منظم في مدة قياسية بالمعنى التاريخي قادر على المبادرة بالهجوم على أحد أقوى الجيوش في العالم وإفقاده توازنه في ساعات. الإنجاز العسكري-السياسي الهائل للسابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 يعني أن قصة القائد محمد الضيف، الخرافية وغير القابلة للتصديق لولا معرفتنا بها، هي في الحقيقة قصة كل رفاقه المقاومين أيضًا وقصة المقاومة الفلسطينية التي استطاعت في مدة قياسية أن تتحول من قوة مستضعَفة ومطارَدة إلى قوة تُسقط أحد أركان منظومة السلطة الكونية عبر تحويل غزة الصغيرة إلى نموذج لهانوي عربية حقيقية ناجحة داخل الأرض المحتلة.
المعركة الشاملة
في عام 1789، أي قبل اندلاع ثورة هايتي بعامين فقط، «كانت مساهمة مستعمرة سان دومينغو الفرنسية (هايتي) تمثل وحدها ثلثي (66 بالمئة) كل التجارة الخارجية لفرنسا، وكانت في الوقت نفسه أكبر سوق فردية لتجارة العبيد الأوروبية المربحة جدًا، فضلًا عن أنها كانت أيضًا جزءًا لا يتجزأ من الحياة الاقتصادية لكل العصر، كما كانت أعظم مستعمرة في العالم، وفخر فرنسا، وحتى حسد كل دولة إمبريالية أخرى.
كانت هايتي حينها المستعمرة الأوروبية الأكثر ربحًا، لأنها كانت المنتج الأكبر للسكر في العالم؛ السلعة الأهم في التجارة الدولية. لكن رغم كلّ ذلك (نعم، رغم كل ذلك)، لم تكن خسارة هذه المستعمرة حتى مصدر القلق الفرنسي والأوروبي والأمريكي الأساسي من الثورة؛ فعشية المعركة النهائية في حصن فيرتيير في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1803، كتب نابليون بونابرت إلى جنوده: «إن قراري بتدمير سلطة هايتي لا يستند إلى اعتبارات التجارة أو المال بقدر ما يقوم على الحاجة إلى منع مسيرة السود وتقدمهم في العالم إلى الأبد».
تكشف لنا رسالة نابليون إلى جنوده عن جانب مهم لفهم السياسة الإمبريالية والاستعمارية الغربية المستمرة حتى اليوم، القائمة على أولوية السياسة من أجل الهيمنة دائمًا، لا على أولوية الأرباح أو التبعات الاقتصادية المباشرة التي تعتمد في المدى البعيد على الهيمنة الإمبريالية.
وفي اليوم العشرين لمعركة طوفان الأقصى ظهر جليًا أن المواجهة التي تخوضها المقاومة هي مواجهة شاملة ومتعددة الجبهات: عسكرية/ميدانية، سياسية، إعلامية، ثقافية، أيديولوجية، اقتصادية، ونفسية، وتبدى أكثر من أي وقت مضى أن الصراع العربي – الصهيوني هو صراع عربي - غربي بامتياز بقيادة أمريكية، وخصوصًا بعد أن انكشف عجز النخبة الصهيونية عن إدارة المعركة من جهة وكفاءة قيادة أبو خالد ورفاقه من جهة مقابلة.
وفي اليوم العشرين للمعركة الخالدة، يتضح أن هدف القيادة الأمريكية للمعركة يتجاوز القيمة التقليدية للمنطقة العربية المتمثلة باقتصاد النفط والسلاح والجغرافيا السياسية، بل هو أقرب إلى هدف نابليون باستعادة السيطرة وإعادة إخضاع منطقة لا يزال تمردها وانتصارها يمثل تهديدًا حقيقيًا لمنظومة القوة الكونية وحتى لإمكان إعادة إنتاجها لذاتها وفق شروط ما قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومن دماء أبطال غزة بدأ مسار تحرري تاريخي يمكنه، لو أحسن العرب توظيفه، أن يغير وجه المنطقة إلى الأبد، حتى لا نقول وجه العالم. في السابع من تشرين الأول/أكتوبر ومن دماء أبطال غزة بدأ مسار تاريخي يمكنه، لو أحسن العرب مناصرته كما يجب، أن يؤسس لكل العرب مكانًا ومكانة في عالم المستقبل لم يكن لنا حتى أن نحلم بإمكان حدوثه حتى في السادس من تشرين الأول/أكتوبر.
سيف دعنا – مركز دراسات الوحدة العربية
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.