تحتار من أين تبدأ وكيف ستصوغ قلادة المفردات لتُناسِب المقام. فقط وحده السّلام يفي عن سائر الكلام.
أجل، ليس سلامهم الّذي أعاروه جيوشَ الغطرسة ليكون استسلامًا، بل هنا مقام العزّة والأمان. شتّان ما بين السّلامَين، وهل يجتمع النور والظّلام؟
إنّهم مَن قاسوا (استخدموا القياس) فضلّوا وأضلّوا مَن خلفهم كان تَبَعًا، وبعظامٍ باليةٍ ركعوا في معبد النجمة المزعومة، فكأنّهم باتوا سلاطين الكون يحرّكون كواكبه كما يحلو لهم، فهُم لم يفقهوا بعد أنّ لهذا الكون ربًّا قادرًا مقتدرًا.
فلتكن إذًا صفعةُ الإيقاظ أو حتّى الضربة القاضيّة، “سلام يا مهدي”.
لست مجبرًا أن تكون شيعيًّا كي تنطق بهذه العبارة الأيقونة، بل يكفي أن تكون إنسانًا يُحبّ العدل وينشُد الخير للبشريّة برُمّتها. نعم، فكلّ هذا الضّجيج الّذي أصمّ آذان الشّعوب سيزول على أوتار لحن سلام المخلّص الّذي ينتظرونه ويترقبون خلاصهم على يديه، دون أن يدخل اليأس إلى نفوسهم ولو طال البعد وتزلزلت الأرض بفجائع الشّر، هم على يقينٍ بأنّ نوره السّماوي سيمحو عتمة الظّلم حين يلاقيهم مع موعِدٍ بات قريبًا.
تحت أقدام هذه الشّعوب الوالهة ستجد زمرة الشّرّ المتربّصة، مسحوقةً بنِعال من ألِفوا العدل واشتمّوا ريح يوسفهم فهرعوا ملتحفين ببُردة الأمل، ليُقدّموا في حضرته عرضًا فنّيًا مُبهرًا كُتِبَت عباراته بملح صبرهم وحلاوة عشقهم.
فمهما حاول الأذلّة الانتقاص من هذا الشّغف سيُرمَون حتمًا بحجارة سجّيل الّتي أوقَدتها حرارة الحبّ في تلك القلوب.
أين ادّعاءات الحريّة والحق في التّعبير؟ بل أين فلسفاتهم الدّيمقراطيّة، وتشدّقهم بتحقيق العدالة والمساواة؟ هل ما زالوا يتوهّمون أنّ أحدًا من بني الإنسان يجهل بعدُ مكرهم؟ إنّ الضمير الّذي صحا لن يعود إلى الخنوع والغفلة مُجدّدًا، لأن كثرة الوهم باتت تُعمي مُصدّريه، فهم يتخبّطون بسياساتهم الجوفاء العارية، ويرفضون بشدّةٍ تصديق هبوطهم وسقوطهم المدويّ.
بكلمات الحنين ولحن الحياة أُسكتت فوّهات بنادق الحرب النّاعمة، فبات الواجب استكمال النّصر بهمّة، وعملٍ دؤوب، ليصدح الكون بلغة الثّقافة اللّائقة الّتي اختارها الخالق لمخلوقه وخليفته. هنا ستعرفون أيّها الطّغاة معنى العدالة، هنا سيصعقكم لمعان برق الحريّة.
لماذا تقلقون؟ أليس العدل بأن تحيا النفوس آمِنة؟ أليس حقًّا أن يستنشِق هواءَ العزّة مَن هم أهلَها؟ فلما أنتم مضطّربون؟ ألأنّ الحقّ سيمحَق باطلكم وما جنيتموه؟ ألأنّ شُعلة النّور المقدّس سَتُلِهب قصوركم الّتي بنيتموها على رُفات المستضعفين والمحرومين والمعذّبين؟
يجب أن تقلقوا وتستنفدوا ما بقيَ لكم من فُتات وهمٍ، وانتظروا وارتقبوا إنّا مرتقبون…
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.