في الآونة الأخيرة كثُرت تهديدات قادة العدو الصهيوني من وزراء وأشباه جنرالات في استعراض مريض للقوَّة والقدرة على القتل والإجرام والتدمير حتى تحسب أنَّ كلًّا منهم هو وزير حربٍ أو رئيسُ أركانِ الجيوش وهو بالكادِ يكون وزيرًا للبنى التحتية وتزفيت الطرقات أو في أكثر الأحوال أدَّى خدمته العسكرية في الغُرَفِ المحصَّنة بعيدًا عن الجبهات.
تراهُم يزعقون كالجمال حين تُرغي وتُزبِدُ من الحنقِ والغضب ويكثُر وعيدَهُم وتهديداتهم الفارغة التافهة ولكُلٍّ منهم تاريخه الطويل في الجُبنِ والفشل والخيبة والهزيمة والهروب من الميدان.
أحدهم ذاك التلمودي البغيض الذي تشرَّب الحقد والهزيمة أبًّا عن جَد وصرَّحَ بغباءٍ مطالبًا بإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزَّة وقتل كل من فيها، كبيرهم وصغيرهم، في دلالة واضحة على عمق التُّراث الصهيوني الضاربِ في جذور الجريمة ضد الإنسانية بعد أن كان أحد قادتهم الغابرين يتمنى لو أنَّ البحر يبتلع غزَّة بمن فيها. وآخرُ من أولئك الصعاليك الحاليين المتطرفين يدعو إلى عزلِ فلسطينيي الضفة الغربية في فصلٍ عنصريٍّ لئيم. وأكثرهم هزالة وسخافة وزيرُ حربهم الحالي “يوآف غالانت” ذاك الذي ذاق مرارة الهزيمة في العام 2006 في جنوب لبنان ولاحقًا في غزّة حين كان قائدًا للجبهة الجنوبية خلال عملية “الرصاص المصبوب – حرب الفرقان” في العام 2008، ولطالما تبجّح بإنجازاته (تدمير أكثر من 4100 مسكن بشكل كلي، و17000 أخرى بشكل جزئي والتسبب بسقوطِ آلاف الشهداء والجرحى) في تلك المعركة التي هزمت فيها إسرائيل شرَّ هزيمة وأُسقِطت أهداف العدوان في سحق “حماس” وإنهائها، هزيمة تركت آثارها وعلائمها واضحة على وجوه ضُباط وجنود هذه العصابات المارقة، وحاليًا يتجرَّعُ مرارة الخيبة في هذه الحرب الدائرة على الفلسطينيين في القطاع، ومن أهم إنجازات ذاك “الغالانت” كوزير للعدوان في الكيان الغاصب هو ارتكاب المجازر الجماعية وتدمير مدن ومخيمات ومستشفيات غزَّة فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ وقطع الماء والطعام والكهرباء والوقود عنهم وطبعًا لم ينسَ القول خلال جولاته في الجبهة الشمالية أنَّه “سيعيد لبنان إلى العصر الحجري” وفق بعض تصريحاته الممجوجة والمتكرِّرة مؤخرًا.
ما يثير السخرية والضحك أكثر ما صرّح به “بيني غانتس” سابقًا في تهديداتٍ مباشرة للبنان ومقاومته وهو ذاك “الوسطي” وفق توصيفات الصّحافة الصهيونية مع العلم أنه أكثر الصهاينة تشدُّدًا ورغبةً في التوسُّع والاستيطان، معلنًا وبصريح العبارة عن عدم التخلِّي عن “القدس” عاصمةً أبدية للكيان الغاصب وأهمية “غور الأردن” في الأمن القومي للدولة الغاصبة وعدم الانسحاب من هضبة الجولان السوري المحتل مع إظهار عدائيَّة مقيتة ومفرطة تجاه إيران وحماس وحزب الله في لبنان.
“بيني غانتس” في تلك التصريحات أرعدَ وهدَّد وجعجع دون جدوى، وهو الَّذي في سجله العسكري العديد من السَّقطات والخيبات رغم ما يُكتب عنه زورًا من إنجازاتٍ في الميدان. وللمناسبة “غانتس” واحدٌ ممن شاركوا في اجتياح لبنان عام 1978 “عملية الليطاني” ومن ثم في “حرب لبنان الأولى” اجتياح العام 1982 “عملية سلامة الجليل”، وفي تسعينيات القرن الماضي قائدًا للمنطقة الشمالية ومن ثم ضابط الارتباط مع جيش العملاء اللحديين في جنوب لبنان بعد أن شطبت المقاومة من المعادلة سلفه الجنرال “إيرز غيرشتاين” وفي تلك الفترة شهد “بيني” الموت بعينيه مرَّاتٍ عِدَّة حين استهدف في أكثر من عملية عسكرية وكمين من قبل المقاومة الإسلامية والتي مرّغت أنفه في التراب الجنوبي.
من أكثر هزائمه قساوة والتي تركت آثارها النفسية والمعنوية لديه كان إشرافه على اندحار جيش الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان في العام 2000 وهو كان آخر جندي صهيوني منهزِم عبر الحدود اللبنانية حيث أغلق وأمام عدسات الكاميرات البوابة الحديدية بنفسه في توثيقٍ لتلك الهزيمة المدوية، ثمَّ عاد إليه مجدَّدًا قائدًا للقوات البرية في جيش العدو خلال عدوان تموز وآب 2006 وكلُّنا نعلم حجم الهزيمة في وعي ووجدان وإدراك الصهاينة نتيجة تلك الحرب والخسائر الفادحة في الجنود والدبابات والآليات والعتاد التي منيت بها تلك القوات في مواجهة المقاومين في أكثر من مواجهة وعلى مختلف محاور التقدم الفاشلة من عيتا الشعب إلى مارون الراس ومثلث الصمود في بنت جبيل وعيترون وعيناتا والخيام وصولًا إلى مجزرة الدبابات الشهيرة في وادي الحجير، وبعدها كانت أعظم إنجازاته رئيسًا لأركان جيش العدو هو تباهيه بقتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وأرزاقهم في الاعتداءات والحروب التي شُنَّت على قطاع غزة في أعوام 2012 و2014م وعلى لسانه أيضًا وأيضًا وفي تردادٍ سخيف للعبارة الشهيرة “سنعيد لبنان إلى العصر الحجري” وكأنَّه مُتّفقٌ عليها بينهم جميعًا.
في الأيام الماضية أعاد تكرار تهديداته للبنان في مخاطبةٍ للداخل الصهيوني واستطلاعات الرأي فيه التي تعطيه أرجحية لتولِّي رئاسة الحكومة بعد السقوط الحتمي لحكومة نتنياهو وزمرته البغيضة في القريب العاجل بعد إعلان الهزيمة في مواجهة قطاع غزّة والمقاومة فيه، “بيني غانتس” ذاك الفاشل والمهزوم في أكثر من حربٍ وعدوان يطلقُ الكلام على عواهنه جُزافًا في محاولةٍ للحصول على أصوات ناخبي الكيان واستمالتهم بغرض تأييده في الانتخابات القادمة وهو العالم بقدرات هذه المقاومة واستعداداتها وتطورها كمًّا ونوعًا واستطاعتها إعادة كيانه الغاصب إلى “عصور ما قبل التاريخ” حين يعطي قائدها الأمين الأمر بذلك، وإنَّ ما شهدته الحافَّة الأمامية من الجبهة في جنوب لبنان من تدميرٍ لبعض مواقع العدو وتحصيناته ومعظم تجهيزاته الإلكترونية والتجسُّسيَّة وإلحاق خسائر فادحة في الأرواح والعتاد والآليات وإفراغ المستوطنات وتهجير المستوطنين منها وشلِّ الحياة فيها واستهداف نقاطٍ عديدة في الشمال الفلسطيني وصولًا إلى مشارف مدينة صفد في الجليل وتعطيل دورة الإنتاج الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي في مُعظمِ المنطقة الشمالية والتي تُشكِّلُ مُرتكزًا لا يُستهان به من مجمل الناتج الاقتصادي والمعيشي في الكيان برمّته، كلُّ هذا ما هو إلَّا عيّنةً صغيرة مما ينتظر هذا العدو الغاشم في أيِّ حربٍ مقبلة و”غانتس” يعلم كما الجميع في كيانه المؤقَّت أنَّ لبنان ومنذ عقود هو مقبرة لأحلام أمثاله من الواهمين المنهزمين والخائبين.
ختامًا حين يُهدِّدُنا هؤلاء المهزومون، نبتسِمُ بثقةٍ واطمئنان.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.