علي ح. حيدر – خاص الناشر |
أثار الصمت الذي التزم به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عاصفة من الإرباك في مؤسسات التقدير الأمني والقرار السياسي لدى الكيان الصهيوني. وتمثل هذا بالانعكاس في أروقة الأجهزة الأمنية لدى الكيان لا سيما جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”. ويذكر أن هذا الجهاز كان قد خصص ملفًا لمتابعة ودراسة وتحليل مواقف وشخصية السيد نصر الله يديره عدة باحثين، والذين تتمثل مهامهم في جعل هذه الدراسات ضمن التقييمات والتقديرات الأمنية والسياسية التي تستفيد منها مؤسسات صناعة القرار الأمني والسياسي في الكيان.
ازداد هذا الإرباك على مستوى جمع المعلومات حول المادة التي يمكن أن تدل على توجهات الحزب في المعركة في جنوب لبنان. وعلى الرغم من إعلان حزب الله تاريخ الخطاب المرتقب للسيد نصر الله نهار الجمعة 03/11/2023، إلا أن الحيرة لدى ضباط الملف عكسها التخبط الإعلامي عما يمكن أن يتضمنه خطاب سماحته. فالأولوية الكبرى لهذه المؤسسات، أنها من خلال جمع المادة الإعلامية أو التصريحات يمكن التوصل إلى تقدير أمني سياسي يخول قادة الكيان التوصل إلى ما يمكن البناء عليه لتحديد مستويات القرار والتنبؤ بما يضمره الحزب للكيان، خصوصًا في ظل إعلان العدو رسميًا منذ يومين (31/10/2023) ما أسماه العملية البرية في غزة، إذ إن التخوف الإسرائيلي من التعتيم الذي يمارسه حزب الله في تصريحاته وصوم سماحة السيد عن المواقف، وبالتوازي مع هذا التخبط الأمني والسياسي والفشل في استنباط دلالات الخطاب المرتقب، اضطر ضباط هذا الملف إلى الاستعانة بتصريحات ومواقف سابقة لسماحته للتوصل إلى ما يمكن تخفيف هذا الإخفاق، الأمر الذي كشف حجم الضعف والفشل في الجمع الاستخباري، مقابل إبراز قوة الصمت والتكتم الذي مارسه حزب الله وعلى رأسه سماحة الأمين العام.
في المحصلة، إن ارتباك العدو الصهيوني وفشله بسبب العجز في الجمع الاستخباري والمعلوماتي في استنباط التقدير السياسي من الحزب، يظهر مدى هشاشته أمام صلابة الأخير، والهذيان الذي أصابه في الكيان من تقاذف التهم بين المسؤولين على منصات التواصل الاجتماعي وأحيانًا في الإعلام. وحتى على المستوى الإعلامي يذكر أن المحللين الصهاينة عجزوا حتى عن فك شيفرة الفيديو الذي انتشر مؤخرًا عن سماحة السيد. وما هذا إلا لأن العدو أصيب بشلل استخباري ومعلوماتي، وبسبب هذا الفشل يعجز عن إخفائه الأمر الذي لا بد له من الانعكاس لدى المحللين والإعلاميين في الكيان. وبالإمكان أن يعزى هذا الأمر إلى ضربات حزب الله في شمال فلسطين المحتلة التي كبدت العدو خسائر يمكن وصفها بالفادحة على صعيد أدوات الجمع التي تم تدميرها، والعمل على تدمير ما تبقى منها، حيث إن هذا الإنجاز التراكمي للمقاومة يصور معركة الأدمغة التي تقودها المقاومة برغم التفوق اللوجستي والتقني للعدو.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.