جولة جديدة من محاولات جر البلد الى فتنة تعيشها الساحة اللبنانية في مرحلة كثُر فيها الحديث عن إحداث خضّات أمنية وصولاً الى الفوضى، بإيعاز خارجي وتنفيذ داخلي كالعادة.
لا يخفى على أحد أن في لبنان فريقين: الأول: المقاومة التي حررت لبنان من الاحتلال الإسرائيلي وحمته من التكفيري ولا زالت تقوم بدورها الذي ألزمت نفسها به من موقع مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية حتى بحماية بعض الداخل من أنفسهم.
والثاني: الفريق الذي يُتقن فنون التحريض والاقتتال والفتنة بين أبناء الوطن الواحد بهدف العودة الى حرب أهلية كان أحد أبرز عناوينها ولا زال يحمل نفس المشروع الذي يرتبط به بشكل وثيق مع الخارج، تماماً كما يُعرف بتاريخه، لكن مع فارق بين الزمنين أنه لا يمتلك القدرة على تحقيق ذلك. وما حصل في الكحالة يندرج في هذا الإطار، فنرى استمرارًا لنهج الفريقين، بحيث إن المقاومة تُكمِل مسارها بتقديم التضحيات من أجل حفظ الوطن، وفريق الحرب الداخلية يُضحي بناسه ليستمر بمشروعه ليفنى الوطن.
عند كل منعطف تسأل بيئة المقاومة عمّا فعلته لتستحق كل هذا الكره والحقد من أناس يشاركونها أرضًا واحدة وسماء واحدة ينعمون بأمن حققته بدماء شهدائها الذين قدّمتهم على مذبح الوطن لتحميهم من أعدائهم وإذ بهم يذبحونها ويقتلونها بحقدهم قبل سكينهم ورصاصهم.
من شويا الى الكحالة، المشهد نفسه، يشعر المقاومون بغربة في وطنهم وبين أناس من المفروض أنهم أهلهم، تلحقهم عيون عُمِل كثيراً على تحريضها وكيّ وعيها تجاههم بسموم سياسية وإعلامية سُخِّرت لإظهار هذه الصورة بدل أن يروا بعيون شعبهم التقدير والاعتزاز بما قدّموه وحققوه من إنجازات لم يحلموا بها في يوم من الأيام.
رغم ذلك، تُدهش قيادة المقاومة الجميع بكل ما تحمله من قيم، وبقدرة تحمّلها الهائلة على استيعاب ما يحدث حولها، فتستوعب بمدرستها الأخلاقية أبناء وطنها وتَعتبر كل عطاءاتها على عظمتها وكل ما تتحمّله بصبرها واجبًا عليها تجاههم.
صحيح أن حزب الله الذي يُكرر دائماً أمينه العام أنه لا يريد شكرًا من أحد، لكن على الأقل لا يطعنونهم بظهرهم، مع العلم أن حق المقاومين على الجميع حفظ جميلهم دون طلب وإنما بشعور تلقائي يُفترض إظهاره لهم، وهذا أضعف الإيمان.
إذًا، مرة جديدة تُختبر المقاومة بصبرها ووعيها وحكمتها وثباتها في وطن صنعته بدماء شهدائها ليأمن فيه الجميع، هكذا كانت وهكذا ستبقى.
وفي ظل كل ما حدث ويمكن أن يحدث من مسلسل شهدناه سابقًا ويُعاد دائمًا مع تغيّرات مرحلية وزمنية، يبقى الثابت الوحيد فيه أن لمجاهدي حزب الله أسمى معاني الحب والاحترام والتقدير من كل حر وشريف في هذا البلد لما قدّموه من تضحيات وما حققوه من معجزات، ومن بيئة المقاومة تحديدًا لهم عيون تحرس وأرواح تفدي ودماء تحمي وقلوب تدعو إلى حدود السماء وتردد دائمًا: اللهم انصر المقاومة واحفظ سيّدها.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.