اكتمل المشهد، ولم يعد خافيًا الانقلاب الذي تقوده الولايات المتحدة بأدوات داخلية، بعد فشلها عسكريًا ثم اقتصاديًا، لفرض شروطها في مرحلة تتبدل فيها التوازنات السياسية والعسكرية في جبهة مستعرة.
أهمية هذه الجبهة بالنسبة لواشنطن أنها واقعة على تخوم أوروبا، وما تفرضه من توازنات تساعد في إسقاط أحادية القطب الأميركي والهيمنة الغربية، وتكشف زيف قدرة الأطلسي على مواجهة القوات الروسية قبل لي ذراع الولايات المتحدة الأميركية وبداية تراجع دورها، بما فيه الشرق الأوسط الملتهب بالحروب التي تديرها أميركا بهدف استمرار سيطرتها الكاملة.
وكان لبنان إحدى ساحات العمل الأميركي، وتحوّل إلى هدف مباشر بعد فشل العدو الإسرائيلي في حروبه عليه، فكان الحصار المالي ليؤسس لحرب اقتصادية بدأت بما عرف بـ”الثورة” أو “حراك السفارات”، وهي معركة انخرط فيها اليساري مع التقدمي والمعارض مع شريك الحكم، وما لبثت أن كشفت خلال أيام عن أهدافها الحقيقية ضد المقاومة وسلاحها.
ومن المعلوم أن هذه المعركة تجنّد فيها الإعلام، وغزت جمعيات الـ”NGOS” الحياة الاجتماعية بهدف زعزعة بنية الاستقرار الذي نجح حاكم المركزي رياض سلامة، بوصفه أحد أدواتها وودائعها، بالاشتراك مع جمعية المصارف بتواطؤ رسمي، بجرّ لبنان إلى مستنقع يصعب الخروج منه.
واليوم، استُكمل الانقلاب بعد إعلان كتلة اللقاء الديمقراطي بزعامة جنبلاط الابن، تأييد ترشيح جهاد أزعور وزير مالية حكومة السنيورة المتهم بهدر مليارات الدولارات، وقضايا فساد أخرى، وأحد الوجوه القبيحة للسنيورة ودوره المعادي للمقاومة ومشروعها منذ عقود.
اليوم، بدأ انقلاب، ودخل معه لبنان في مرحلة صعبة يديرها الأميركي ويسعى من خلالها إلى الإمساك بالورقة اللبنانية بشكل مباشر، ما كشف حقيقة خطر حيك في مكاتب الإدارة الأميركية وأُدير في أقبية مخابراتها. فهل ينجح المشروع الأميركي بوجهه الجديد في لبنان بعد تقهقره في المنطقة والعالم؟ وهل تعوّض واشنطن خسارتها في سوريا في ظل ضعف الدور الإسرائيلي؟ أم أنه سيقود لبنان إلى بداية لا تُعرف خواتيمها من خلال منها فرض أزعور رئيسًا ومن خلفه محاولة المسّ بالمقاومة والانقضاض على الثنائي الوطني وحلفائه في لبنان؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.