يُسقط الواهمون أحلامهم على الواقع فتخرج من تحتها تحليلات بنوها على أمنياتهم.
بداية، هناك فئات كثيرة في مجتمعاتنا كان لديها في السابق ارتباطاتها الأيديولوجية والسياسية والمالية، ومع المتغيرات الدولية والداخلية التي حدثت كان يتم تصفية والتخلص من هذه المجاميع. إذا عدنا بالزمن إلى فترة الحرب الباردة مثلًا كان هناك العديد من المجاميع السياسية المرتبطة بالسوفيات تمويلًا وسلاحًا وأيديولوجيا، وخلال الحقبة الناصرية في مصر، ولأن النظام المصري كان حليفًا للسوفيات، وبسبب تشابك المصالح السوفياتية الناصرية تم التضحية بالفئة التي تتبع السوفيات في مصر وذهبوا نتيجة العلاقات الدولية إلى السجون دون أن يحرك الاتحاد السوفياتي ساكنًا بخصوص هذا الموضوع. وكذلك حصل شيء مشابه في سوريا ولبنان. واستمر الوضع على ما هو عليه حتى انهيار الاتحاد السوفياتي وأصبح هو ومجاميعه المنتشرة في الوطن العربي أثرًا بعد عين.
هذا أحد نماذج البيع والشراء في العلاقات الدولية عندما تتم الصفقات على حساب الصغار. وبالانتقال إلى الماضي القريب وخلال أربعين سنة منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان ومع تجربة فتح وياسر عرفات تاجرت الدول العربية التي كانت تدعم ياسر عرفات بالمال والسلاح وباعت واشترت به في سوق العلاقات الدولية، وشُرّد مع مقاتليه إلى العديد من الدول العربية وكان من نتيجة هذه الحالة مجزرة مروعة في صبرا وشاتيلا نفذها اليمين اللبناني المتصهين نتج عنها آلاف الشهداء. وبعد الانسحاب الإسرائيلي الأول ترك الصهاينة حلفاءهم في لبنان (القوات اللبنانية خصوصًا) في مهب الانتقام فسحقوا في الكثير من المناطق، فقد باعوهم وتركوهم لمصيرهم في ليلة ليلاء واستمرت الحالة إلى أن جُرّ سمير جعجع إلى السجن.
بالانتقال إلى مرحلة الطائف وما بعدها إلى يومنا، والتي كان من عناوينها الحريرية السياسية، فقد انتهت هذه الحريرية بالتخلص من سعد الحريري وإعدامه سياسيًّا بعد خطفه عبر مؤتمر صحافي.
وبعد الذهاب إلى سوريا ومرحلة الحرب السورية رأينا كيف باعت السعودية رأس حربتها في جوار دمشق وهو زهران علوش وكيف تخلصوا منه بعدما أوصلوا للروس كامل المعلومات عنه وتم القضاء عليه بغارة روسية. أضف إلى ذلك العديد من التسميات المختلفة من الائتلاف السوري المعارض واسماء ما أنزل الله بها من سلطان هي اليوم محصورة في منطقة الشمال السوري بانتظار التسوية السورية التركية القادمة. وبالتأكيد لا ننسى كيف تم التخلص من صدام حسين وبيعه من قبل (الحضن العربي) بعد سقوط ورقته، ولا ننسى زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، وعلي عبد الله صالح وغيرهم الكثير وإن أردنا أن نعد لا تنتهي.
في هذا السياق نرى أن معظم المحللين بالتمني وببغاوات مواقع التواصل الاجتماعي والشخصيات العدائية والمتطرفة التي تنتمي قلبًا وقالبًا إلى هذه الشخصيات والمجاميع التي تخلص منها الأمريكي وحلفاؤه في المنطقة واحدًا تلو آخر وتباعًا لا يدركون ولا يفقهون أن هناك نموذجًا آخر في المنطقة وله نهج سياسي عقائدي ومبدئي لا يبيع ولا يشتري ولا يدخل سوق النخاسة الذي ينتمي إليه أتباع وأدوات المحور الأمريكي.
هذا النموذج وخلال أربعين عامًا منذ أن ظهر إلى العلن مع الثورة الإسلامية لم يحدث أن حصلت فيه عملية تخلٍّ واحدة عن حليف أو صديق لأن هذا النموذج خالٍ من الثعالب التي كما عند الأمريكي تقتات على ما يتركه هذا الأمريكي من فضلات، وهذا النموذج خالٍ من أكلة لحوم البشر والطائفيين والذين يغذون العصبيات المختلفة.
هذا النموذج المتمثل بالجمهورية الإسلامية وأصدقائها في الإقليم من #حزب_الله الى #سوريا المقاومة والممانعة إلى العراق وحشده المقدس إلى #فلسطين ومقاومتها إلى #اليمن وأنصاره ليس بين ظهرانيهم “من يخلع صاحبه” وليس بين ظهرانيهم أبو موسى الأشعري.
فإلى كل المغرضين والحاقدين والتابعين والناكثين والقاسطين من أتباع أمريكا وإسرائيل والسعودية في لبنان والمنطقة انتبهوا وركزوا وتذكروا من سبقكم أنه عندما يتم البيع والشراء فإن المفاصلة والمساومة تتم على رؤوسكم لأن محور المقاومة بكامله وحدة واحدة لا تتجزأ وهو في حالة حرب وعداء مع الأمريكي وحلفائه وكما هو السلوك الأمريكي العام عندما يُثقل كاهله أي تابع فهو يرميه مباشرة في سوق القطع والبيع.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.