الجامعة اللبنانية والإضراب

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

مروة شامي – خاص الناشر |

لا شكّ أنّ الإضرابَ حقٌّ مشروعٌ يندرج ضمن حرية التعبير والتظاهر والمطالبة بالحقوق المهدورة. ولا يختلف اثنان في لبنان على حقيقة إهدار حقوق المواطنين والموظّفين من قبل الدولة، ومن بينهم أساتذة الجامعة اللبنانية. ولكن، أين حقّ الطالب، ومن يطالب به؟

بعد استنزاف الكثير من السبل من أجل تحصيل بعض حقّهم، دون جدوى، يلجأ الأساتذة عادةً الى استغلال حساسية بعض الظروف التي تؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على مستقبل الطلبة، في محاولةٍ حثيثةٍ للضغط على الدولة وإيلامها، لتتحرّك مخافة أن تخسر العام الدراسي. وقد تكرّر هذا الأمر لسنواتٍ سابقة، فيما يتعلّق بالامتحانات الرسمية، تحضيرًا، مراقبةً وتصحيحًا.

اليوم، يواجه تلامذة الجامعة اللبنانية الأمرَ نفسه. فمع اقتراب موعد الامتحانات الفصلية في شهر شباط، بدأ الأساتذة والهيئة الإدارية بالإضراب مداورةً، ما أدى الى تأجيل الامتحانات مرةً تلو الأخرى. حتى هنا، لا يمكن لأحدٍ الاعتراض، نظرًا لأحقية مطالبهم. ولكن، ما حصل في التأجيل الأخير غير مقبول. فقد كان مقرّرًا أن تبدأ امتحانات كلية الآداب في بعض الفروع نهار الاثنين، فيما كانت فروعٌ أخرى قد أجرت أوّل أيام امتحاناتها نهار الجمعة، وكان الأساتذة يؤكدون بشكلٍ ثابتٍ ومتكرّرٍ عدم وجود احتمال تأجيلٍ جديدٍ لموعد الامتحانات. وعلى هذا الأساس، نظّم الطلاب وقتهم، وطلب الكثير منهم إجازاتٍ من أشغالهم لإجراء الامتحانات، التي أصبح برنامجها يوميًا ومكثفًا ومجحفًا بحق الطلاب بعد التأجيل الأول وبسبب ضيق الوقت.

بقيت التأكيدات على إجراء الامتحانات حتى نهاية الدوام الرسمي من نهار الجمعة، ما لم يترك للطلاب شكًا في إمكانية تأجيلها، فليس من يتّخذ قراراتٍ مصيريةً مساءً أو أيام عطلة نهاية الأسبوع. لكنّ الجامعة اللبنانية تأبى إلّا أن تفاجئ روّادها، فجاء القرار عند العاشرة ليلًا من نهار الجمعة بتأجيل موعد الامتحانات حتى أجلٍ غير محدّد، وهو ما يذكّر بما حصل في السنة الماضية حينما أجريت امتحانات الفصلين الأول والثاني في نفس الوقت، بشكلٍ مجحفٍ وظالمٍ للطلبة.

ليس الاعتراض هنا على أصل الإضراب، ولا حتى على الإضراب في فترة الامتحانات للضغط على الدولة، إنّما الاعتراض على تأخير إعلان القرار، بما يؤثّر على الكثير من الطلبة، ويدخلهم في ضياعٍ يسلب منهم إمكانية تنظيم وقتهم وإدارة مشاغلهم، خاصةً العاملين منهم.

على أمل أن تستوي الأمور في هذا البلد العاجز، لا بدّ من العمل بشكلٍ حثيثٍ على استنقاذ المستوى التعليمي في لبنان، علّه يكون الأمل الوحيد لجيلٍ مستقبليٍّ واعٍ وقادرٍ على إنعاش الوطن يومًا، وقيادته الى مشارف الحياة.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد