مع مرور الأيام يكشف محمد بن سلمان عن الوجه الحقيقي الذي ينتظر بلاد الحجاز والأمة الإسلامية إذا تسلم هذا الإرهابي مقاليد الحكم في مملكة إرهاب آل سعود. فقد كان واضحًا في مقابلته الأخيرة التي أجراها مع “ذي اتلانتيك” الأمريكية، والتي ادعى فيها عدم تمييزه بين الشيعة والسنة في البلاد، وقد جسد هذا فعلاً في يوم السبت الأسود بإعدام 81 شخصًا دفعة واحدة. فماذا يقدم لنا هذا اليوم من معطيات؟ وما الذي حصل لكي يرتكب ابن سلمان هذه المجزرة؟
ما حدث يوم السبت الأسود مهد له ابن سلمان من خلال موقفين أدلى بهما في مقابلته الأخيرة، الموقف الأول تجسد بقوله إنه لا يفرق بين السنة والشيعة، وهذا ما حصل حينما أعدم 41 معتقلًا حقوقيًّا من المنطقة الشرقية الشيعية، كذلك إعدام 40 آخرين منهم إرهابيون سنة.
وهذه الخطوة ليست بجديدة على ابن سلمان، فمنذ تسلمه منصبه، هذه العملية الإرهابية هي الثالثة له، حيث يساوي من خلالها بين الذي خرج سلميًا في مظاهرة للمطالبة بالحقوق وبين الذي اعتنق الفكر الوهابي وأرعب الناس ونفذ عمليات إرهابية. وأما الموقف الثاني فتجسد بقوله إن السعودية ليست محمد بن عبد الوهاب، وهذه جاءت الإعدامات لكي يؤكد قوله إنه لا مكان للفكر الوهابي في المملكة. ولأجل تنفيذ هذه الأحكام لا بد من إعدام شيعة أيضًا لكي لا يثير امتعاض السنة في السعودية، فكانت هذه المجزرة الإرهابية ليوم السبت الأسود.
محمد بن سلمان الإرهابي ليس لديه أي مانع من سفك الدماء البريئة، وما جرى مع هذه الثلة الطاهرة من أبناء المنطقة الشرقية هو عينة صغيرة عن إجرامه. فجل هؤلاء إما كان مشاركاً بتظاهرة سلمية وتم اعتقاله وإما اعتقل حتى بدون مذكرة توقيف، أما الحديث عن كيفية انتزاع الاعترافات فحدث ولا حرج. فشتى أنواع التعذيب مورست على هؤلاء ولم يراعَ حتى عامل السن، فمن بينهم أطفال لم يبلغوا الحلم انتزعت منهم الاعترافات بكل وحشية وبصموا عليها بالدم وليس طوعاً بالحبر. وبعدها أتت الأحكام الظالمة بالإعدام. وهنا كانت الصدمة قاسية على الأهل حتى توفيت أم الشهيد “عقيل حسن الفرج” حزنًا على ولدها الشاب. ولم يتوقف الظلم عند هذا الحد بل تم تسليم هؤلاء إلى قاطع الرؤوس الذي يفصلها بأمرٍ من الإرهابي ابن سلمان. وحتى هذا لم يشفِ غليله بل دفنت الأجساد كما هي دون صلاة ولا جنازة وحتى دون إلقاء النظرة الأخيرة من قبل ذويهم. وأما عن المدافن فالقبور عشوائية ولا يعلم أحد مكانها سوى هؤلاء القتلة. حتى هذا لم يكفِ ابن سلمان بل منع إقامة العزاء في منازل ذوي الشهداء، فحتى البكاء على العزيز أمسى حرامًا. ولم يشبع ابن سلمان بل منع حتى فتح مجموعات على “الواتساب” لتلقي العزاء، ونشر جنوده في الأحياء واستدعى بعض الأهالي لترهيبهم. بعد كل هذه الممارسات فلا يلومنا أحد لو قلنا عن ابن سلمان “إرهابي”.
فابن سلمان لم يكترث يومًا لما سيقوله المجتمع الغربي، جل ما يريده هو إرواء تعطشه لسفك الدماء. واليمن مثال حي عن مذابح ابن سلمان اليومية، فأين المجتمع الدولي والدول الكبرى من اتخاذ موقف صارم من ممارساته؟ والمثال الثاني يتجلى بقتل الصحافي جمال الخاشقجي والتمثيل بجثته بأبشع الطرق التي حتى الشياطين تخر لها ساجدة. وطبعًا قد أفلت منها دون عقاب. واليوم جريمة السبت الأسود التي لم يتحرك لها المجتمع الدولي والدول التي تباكت على أوكرانيا، ولم يعنها ما تم ارتكابه من مجزرة بحق شباب أبرياء ذنبهم الوحيد التظاهر من أجل الحقوق. ولم يهز السبت الأسود مدعي الخوف على الطفولة والذين طبلوا لقضية الطفل المغربي ريان، وقد ذبح شباب قد دخلوا إلى السجن وهم أطفال، وأخذت اعترافاتهم تحت التعذيب وحتى لم يشملهم إلغاء المملكة لكل أحكام الإعدام الصادرة في حق مدانين بجرائم ارتكبوها وهم قصّر. فما زال الشاب الذي اعتقل وهو طفل ويدعى “عبد الله الحويطي” في المستشفى على إثر التعذيب الوحشي والحالة النفسية والصحية الحرجة، وهو محكومٌ عليه بالإعدام ولن يرفق بحاله هؤلاء القتلة وسينفذ حكم الإعدام به عاجلًا أو آجلًا.
وبالطبع رغم الخذلان الحقوقي الغربي ومن يدور في محور السعودية في الشرق، فهناك دول وأحزاب وتيارات عبرت عن شجبها واستنكارها الشديدين لما أقدم عليه الإرهابي ابن سلمان، وعلى كل حال فقد تبين من ينصر الحق وأهله في هذا الزمن ومن يرى الفسق وأهله ولا يفتح فمه ولا يقف بوجه الظلم والظالم. فابن سلمان صنف المقاومين الشرفاء في لبنان منظمة إرهابية، ومقاومة فلسطين كذلك، وشمل اليمنيين الأحرار هذا التصنيف أيضاً. والأجدر بأن يكون الإرهابي هو ابن سلمان وليس كل هؤلاء الشرفاء المدافعين عن الأرض والمقدسات.
وختام الكلام، كل ما يخشاه ابن سلمان عدم تمكنه من اعتلاء عرش مملكة آل سعود، وحقه طبعًا أن يخاف وأن يخشى، بعد هذا البحر من الدماء التي سفكها في اليمن وفي بلاد الحجاز. حقه أن يقلق وأن يصاب بالهيستيريا ويلجأ إلى السحر والشعوذة، لأن التراب الطاهر لأرض الحجاز سيلفظ حكم آل سعود. فترابها يغلي منذ زمن، وسيأتي اليوم الذي سيجرف فيه هذا الدم الطاهر حكم آل سعود وآل عبد الوهاب، ويطهر أرض الحرمين من دنس ما ارتكبوه من مجازر.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.