أثارت كلمة الرئيس ميشال عون بعضًا من علامات الاستفهام حول الاستراتيجية الدفاعية التي تم طرحها على طاولة الحوار للمرة الأولى عام ٢٠٠٦، واختلف الفرقاء آنذاك بين مطالب بمنظومة تحمي لبنان، وبين مطالب بنزع سلاح المقاومة المتمثلة في حزب الله، رغم أن المقاومة اكتسبت مشروعية وطنية عامة باتفاق الطائف، والذي حدد “إسرائيل” عدوًّا. إلا أن إعادة طرحها اليوم ومناقشتها يؤكد من جديد شرعيتها وتقبلها على أنها واقع مفروض.
يعتقد البعض أن مناقشة الإستراتيجية الدفاعية تهدف إلى نزع سلاح حزب الله. في المقابل، لا مشكلة لدى حزب الله في مناقشة هذه الإستراتيجية كونها تهدف إلى تسوية ترضي الطرفين، والعمل تحت شعار “جيش، شعب، مقاومة”.
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية في العام ٢٠٢٢، تعوّل دول الغرب على إضعاف قوة حزب الله داخل لبنان، وهذا بناءً على الأزمات الأخيرة -كمجزرة الطيونة- التي تمت مواجهتها، الأمر الذي يخلق لديهم فرصة للتغيير عن طريق الانتحابات النيابية ووجود بعض من أعضاء منظمات المجتمع المدني داخل البرلمان، وعن طريق ممارسة الضغوط على حلفائهم في الداخل اللبناني.
علاقة التيار الوطني الحر وحزب الله مستمرة. وفي انتظار المرحلة الآتية والاستعداد للانتخابات، يدرك حزب الله حاجة التيار الوطني لاستعادة النبض في الشارع، إلا أن التيار مدرك أيضًا أنه لا يمكن خوض الانتخابات بمعزل عن حزب الله، إذ إن طريق التيار السياسية نحو الانتخابات تحتاج إلى أن يكون على تفاهم مع حزب الله، وهذا الأمر يدركه جبران باسيل مهما كانت حدّة اعتراضاته.
شارفت مدّة ولاية الرئيس عون على الانتهاء، مع وجود نجيب ميقاتي في السراي الحكومي. وقد أكّد ميقاتي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التزام لبنان المضيّ في المفاوضات حول موضوع نفط المتوسط برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة بشكل واضح يحفظ حقوق لبنان كاملة.
من ناحية أخرى تظهر واشنطن كعادتها بثوبها البريء المحبب للشعب اللبناني، إلا أن حقدها الدفين تخبئه تحت عباءة كيان العدو للوصول إلى ما هو أسمى من الحب وهو ما وراء الكواليس كالغاز مثلًا. تزامنًا مع هذه الأحداث، قدّمت سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا، بطلب من واشنطن، بعض المساعدات للشعب اللبناني والمؤسسة العسكرية. علاوة على ذلك، ظهرت شيا في فيديو لها تعلن عن وصول لقاحات كوفيد-19 من الولايات المتحدة علمًا أن هذا النوع من اللقاحات -لقاح جونسون- غير مرحب به في العديد من البلدان.
تعمل الولايات المتحدة على حصد ما جنته من مساعدات وتقديمات للمؤسسة العسكرية كرد جميل لها عند الحاجة وفي الوقت المناسب، وهذا بالتعاون مع بعض الأطراف السياسية التي تحمل الكره والعداء لحزب الله، مما يدفعها -كما تظن- إلى إضعاف قوة المقاومة.
ينتظر الجميع المرحلة المقبلة لا سيما لناحية الانتخابات النيابية التي يدور حولها ألف سؤال، لا سيما بالنسبة للمراهنين على إضعاف المقاومة وحلفائها في المجلس النيابي القادم. وما تتطلع إليه بعض الأحزاب السياسية هو بناء دولة مدنية تعمل على نزع سلاح المقاومة بجهد من منظمات المجتمع المدني وبالمشاركة مع دول الغرب لتحقيق أجنداتهم السياسية داخل لبنان.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.