بعد 66 عاما سمحت محكمة الاستئناف العسكرية صباح (الجمعة) بنشر محاضر التحقيقات ومعروضات من مجزرة كفر قاسم حيث قتل 43 من سكان القرية من رجال ونساء وأطفال برصاص قوة من حرس الحدود في 29 أكتوبر 1956.
بعض الجلسات القانونية في القضية عقدت خلف أبواب مغلقة في محكمة عسكرية في الخمسينيات، ولكن في ضوء رأي المسؤولين السياسيين والقانونيين من العام الماضي، فقد تقرر السماح بنشر الأدلة عن الحدث الذي هو محفور بعمق في ذاكرة فلسطيني 1948
.
في تلك الأيام كانت القرى الفلسطينية العربية على طول خط التماس تحت الحكم العسكري، في يوم المجزرة اليوم الذي اندلعت فيه عملية قادش في سيناء (العدوان الثلاثي على مصر 1956)، فُرض حصار على القرى الفلسطينية القريبة من حدود الأردن والمثلث.
قرر قائد القاطع الإقليمي (المنطقة العسكري)، العقيد يسسخار (يششا) شادمي، من تلقاء نفسه، رفع حظر التجوال من الساعة 9:00 مساءً إلى الساعة 5:00 مساءً، لم يكن السكان الذين غادروا المنزل على علم بتقدم وقت حظر التجول، وساروا في أرجاء المكان، وقتلوا رميا بالرصاص.
في عام 1957 حوكم العديد من الضباط، وبعد عام حُكم على بعضهم بالسجن، لكن قائد الكتيبة والذي أدين في القضية عاد إلى قيادة الجنود.
وذكر القاضي بنيامين هاليفي في قرار الحكم أن الأمر بإطلاق النار أثناء حظر التجول على مواطني القرية هو أمر غير قانوني بشكل واضح يرفرف فوقه علم أسود. (هو أمر عسكري يكون واضحاً لكل شخص أنه غير قانوني، وطاعته جريمة جنائية، لذلك لا ينبغي إطاعته).
وقال القاضي “إذا لم تكن العين عمياء والقلب ليس معتماً أو فاسداً، فهذه هي درجة عدم الشرعية اللازمة لإلغاء وجوب الطاعة للجندي من الجيش الإسرائيلي”.
تظهر محاضر التحقيقات أنه تم سؤال الجنود عما إذا كان بإمكانهم الإبلاغ عما يحدث في الوقت الفعلي وأجابوا بنعم.
وسئل أحد القادة عن الاستعدادات لإغلاق قرية كفر قاسم التي تعتبر قرية مهمة لقربها من الحدود وبالتالي سيتم تعزيزها بقوات إضافية.
أجاب: “عندما لا يكون هناك وقت، يتم التخلي عن الأشياء غير الضرورية”.
اعترف حاييم ليفي أحد قادة سرية حرس الحدود بأن قائد الكتيبة الرائد شموئيل ميلينكي جاء إليه وأخبره أن الخطة بأكملها كانت مخططة كجزء من عملية “الخلد”، والتي كانت بالأساس لترحيل الفلسطينيين إلى الأردن حيث تم إلغاؤها – لأنه كان هناك خطة جديدة.
اتضح أن قادة حرس الحدود ناقشوا في غرفة الضباط في اليوم السابق للمجزرة إمكانية احتلال الأردن، فكانوا مستنفرين، وتم بتوزيع القوات حول القرية، لكن الجزء الشرقي ترك دون مواقع للجنود للسماح للسكان للهرب إلى الاردن.
وقال قائد السرية ليفي إن قائد الكتيبة قال له على وجه التحديد – “من المستحسن أن يكون هناك عدد من القتلى، “وسئل ليفي الذي كان مع جنوده في جنوب كفر قاسم أمام المحكمة عما إذا كانت الأقوال معقولة بالنسبة له، فقال: “لقد فهمت أن هذا هو ما ينبغي أن يكون عليه الأمر، وأن هذه هي السياسة، والرغبة، من حقيقة إن أي شخص يُرى سيُقتل، لقد فهمت هذا من الأمر الذي صدر”.
وأضاف: “كانت العقلية في الاتجاه الصحيح، عندما كنا نعمل من أجل هدف معين، بكل عاطفة إنسانية، الحرب هي الحرب”.
خلال المناقشات قال الجنود إن هناك أجواء حرب وأنهم مقتنعون بأن الحرب ستندلع أيضاً ضد الأردن، “بدا الأمر معقولاً بالنسبة لي في ذلك الوقت، خاصة وأن “الخلد (اسم العملية العسكرية) تشير إلى إن السكان يمكن أن يصبحوا معاديين”.
وسئل قائد فرقة يسسخار (يششا) شادمي في شهادته أمام المحكمة ما هو الأمر الذي تلقاه بخصوص سكان كفر قاسم الذين أرادوا العودة إلى منازلهم بعد حظر التجوال، فأجاب بأن الرسالة التي تلقاها كانت “الله يرحمنا” الرحمة عليهم “.
وأوضح لاحقاً: “لقد أصدرت أمراً في حالة حدوث أعمال شغب وانتهاك لحظر تجول جماعي، مؤكدة على سياسة عدم خلق مواقف يمكن أن تؤدي إلى الاضطرابات”.
من شهادته يمكن للمرء أن يكون انطباعاً أن يسسخار (يششا) شادمي فوجئ أيضاً بالمذبحة التي نفذها جنود حرس الحدود، والتي كانت مخالفة للتعليمات التي أعطاها لمرؤوسيه.
ونقل عنه قوله “كانت السياسة هي الحفاظ على مجرى الحياة الطبيعي للمواطن العربي مهما كان الثمن وعدم حرمانه منه وعدم اتخاذ أي إجراءات تتعارض مع نظام حياته الطبيعي”..
وأضاف “قلت إنه يجب فرض حظر تجول ليلي على الأقل من أجل الحفاظ على سياسة عدم وقوع اشتباكات بين المواطنين العرب، وبالتالي وافق القائد العام على فرض حظر تجول ليلي دون إخلاء”.
إلى جانب الشهادات المنشورة هنا امتدت الجلسات في المحكمة على مئات الوثائق، حيث تم تسجيل شهادات الجنود والقادة من “الجيش الإسرائيلي” وقادة الكتائب المتورطين في المجزرة.
في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 سقط في الكنيست قانون كفر قاسم بأغلبية كبيرة بلغت 93 معارضاً مقابل 12 مؤيداً، صوت أعضاء راعام لصالح القانون وضد انضباط الائتلاف.
انسحب أعضاء ميرتس من التصويت، باستثناء عضوي الكنيست غيداء ريناوي زعبي وعلى صلاحية اللذين صوتاً لصالح القانون.
تم منح أعضاء الكنيست العرب في الائتلاف حرية التصويت، وفي وقت سابق اقترح مسؤولون حكوميون على لعضوة الكنيست عايدة توما سليمان، التي قدمت مشروع القانون، سحب القانون وفي المقابل سيتم تمريره بقرار حكومي.
قبل التصويت على القانون، نشأت مواجهة بين الوزير عيساوي فريج وأعضاء القائمة المشتركة، هاجم الوزير ممن مرتس أعضاء القائمة المشتركة وقال:
“عتلا عليكم، تريدون صناعة السياسة من الألم”. وقالت عضو الكنيست توما سليمان رد على أعضاء ميرتس: “اتضح أنكم نمر من ورق”.
إتاي بلومنتال وكارميلا مينشه – قناة كان
ترجمة الهدهد
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.