إن التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا في أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ سنوات عديدة، وإلى جانب الحرب في أوكرانيا يبدو أن القوتين في خطر تصعيد الصراع بينهما في ساحة أخرى قريبة منا على وجه الخصوص، فقد وقعت هذا الأسبوع حادثتان متوترتان على الأقل بين الجيش الروسي والجيش الأمريكي في سوريا، ويعرب كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين عن قلقهم بشأن إمكان تصاعد التوترات، بل والتدهور إلى مواجهة مباشرة.
لقد هاجم سلاح الجو الروسي هذا الأسبوع ليلة الأربعاء الخميس، أهدافاً بالقرب من معبر التنف على الحدود مع العراق وغير بعيدة عن الحدود مع الأردن، حيث تتواجد في التنف قاعدة عسكرية أمريكية تضم حوالي 200 مقاتلاً كجزء من أنشطة التحالف في سوريا، وبحسب ما ورد هاجم الجيش الروسي أهدافاً لـ “إرهابيين محليين”، وحذر القوات العسكرية الأمريكية مسبقاً قبل الهجوم.
فيما أبلغ الجيش الروسي الجيش الأمريكي بالهجوم عبر الخط الساخن الذي يعمل بين الجيشين في سوريا، والذي تم إنشاؤه قبل سنوات ويهدف إلى منع الاحتكاك بين الجيشين، بعد ذلك بوقت قصير، هاجم الروس بطائرتين من طراز Sukhoi 35s وSukhoi 24، وفقاً للجيش الأمريكي، وبحسب تقارير عربية لم تقع إصابات ولا قتلى في الهجوم، لكنه أصاب أهدافاً لعناصر معارضة لجيش الأسد.
إن القوات التي تم قصفها، والموجودة بالقرب من القاعدة الأمريكية في التنف شرقي سوريا هي على ما يبدو عناصر كردية تعمل بالتعاون مع الأمريكيين، بل وتتلقى الدعم والتدريب منهم، وبحسب الروس فهذه كانت “عناصر إرهابية” هاجمت قوات جيش الأسد وشكلت أيضاً خطراً على أنشطة الجيش الروسي في سوريا.
وقال الجيش الأمريكي بعد الهجوم إن التحذير الروسي قبل الهجوم ساعد في منع الاحتكاك مع القوات الأمريكية، لكنه أوضح أن الهجوم عطل روتين نشاط القوات الامريكية في مهامها، وتابعوا قائلين إنهم يعتبرونها ممارسة معروفة للجيش الروسي، وقد تم استخدامها في الماضي.
حادثة أخرى وقعت هذا الأسبوع في سوريا ليلة الهجوم الروسي بالقرب من التنف أيضاً، حيث خلقت مزيداً من مخاوف الاحتكاك بين الأمريكيين والروس، ففي تلك الليلة داهمت القوات الأمريكية منزلاً في شمال شرق سوريا واعتقلت هاني أحمد الكردي، وهو مسؤول كبير في داعش ويُزعم أنه كان محافظ الرقة العاصمة السابقة “لخلافة الدولة الإسلامية”.
انتهت عملية المداهمة الأمريكية بنجاح ووردت أنباء عن سقوط قتلى وجرحى، ومع ذلك بعد وقت قصير من الحادث وصلت طائرتان مقاتلتان روسيتان من طراز Sukhoi 34 إلى مكان الحادث، ربما بهدف جمع معلومات استخبارية عن الأنشطة الأمريكية في المكان، ونتيجة لذلك تم إرسال طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-16 إلى المكان مما تسبب في مغادرة الطائرات الروسية وفقاً لمتحدث عسكري أمريكي.
وقالت الولايات المتحدة إن تلك الحادثتين لم تكونا الوحيدتين في الآونة الأخيرة، لكنها لم تقدم أي تفاصيل أخرى عن الأحداث التي وقعت في الأسابيع الماضية، كما يقول الأمريكيون إن النشاط الروسي هذا الأسبوع في سوريا لا يقل عن كونه “استفزازا”، ويعبرون عن مخاوفهم من تصاعد التوترات بين البلدين، وحتى من إمكان التدهور إلى مواجهة مباشرة بين الجيشين.
وقال الجنرال “إريك كوريلا” قائد القيادة الوسطى للجيش الأمريكي (سنتكوم): “نريد تجنب سوء التقدير أو أي عمل قد يؤدي إلى مواجهة غير ضرورية وإن كانت ولا تزال مهمتنا، ولكن في الوقت نفسه فإن السلوك الروسي الأخير هو بالتأكيد استفزازي وتصعيدي”.
وتأتي سلسلة الأحداث هذه في سوريا في فترة متوترة أصلاً في العلاقات الأمريكية الروسية على خلفية الحرب في أوكرانيا، ووفقاً للكثيرين فإن العلاقات بين البلدين الآن في أدنى مستوياتها على الإطلاق، وتعتبر الولايات المتحدة أكبر داعم لأوكرانيا في الحرب ضد الغزو الروسي، لكن الرئيس بايدن يوضح باستمرار أنه لا مصلحة له في تصعيد التوتر مع روسيا ويحذر من احتمال تصعيد الصراع إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين.
ينشر الجيش الأمريكي ما يقرب من ألف جندي في سوريا كجزء من قوة المهمة لمحاربة داعش، ويعمل الجيش الأمريكي بشكل شبه حصري في شرق البلاد، فيما ينتشر الجيش الروسي بالآلاف من القوات والمقاتلين في روسيا، ويتمركزون بشكل أساسي في قواعد في غرب البلاد، على مدى سنوات طويلة من عمل الجيشين في سوريا نجح الطرفان في تجنب مواجهة حقيقية، وسيتم الآن بذل جهود لضمان استمرار هذا الوضع.
اساف روزنتسفيغ – N12
ترجمة الهدهد
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.