انتهت القمة التي جمعت، الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في جنيف، حيث استمرت الجولة الأولى من المحادثات طيلة ساعتين، انطلقت من بعدها الجولة الثانية مع فريق أوسع من المفاوضين.
وانطلقت القمة بتأكيد من بايدن على أهمية “اللقاء المباشر” لمحاولة خفض التوتر بين البلدين. وقال بايدن: “اللقاء المباشر أفضل دائماً”، أما بوتين فقد أعرب عن أمله بنجاح القمة.
تصريحات ما قبل القمة
انعقدت قمة جنيف في ظروف تمر فيها علاقات البلدين بأسوأ مراحلها، حسب مسؤولين أميركيين وروس.
تبنّى الرئيس الأمريكي السادس والأربعون لهجة حازمة في الأيام الأخيرة حيال رجل الكرملين القوي، لإبراز التناقض بشكل أفضل مع تقلبات سلفه الجمهوري دونالد ترامب وغموضه، ووعد بايدن سابقاً بإخبار بوتين بـ”خطوطه الحمراء”. وقال في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل: “نحن لا نسعى إلى نزاع مع روسيا، لكننا سنرد إذا واصلت روسيا أنشطتها”.
وبعد نحو خمسة أشهر على توليه السلطة، يخوض جو بايدن مجازفة. فقد شدد البيت الأبيض مراراً على أنه لا ينبغي توقع اختراق مذهل، لكن الرئيس البالغ من العمر 78 عاما يدرك أن لديه الفرصة لتلميع صورته كمفاوض جيد في جنيف. وكانت جنيف قد استضافت أول لقاء مباشر بين رونالد ريغن وميخائيل غورباتشوف في 1985 العام الذي شهد بداية ذوبان الجليد في الحرب الباردة.
ورداً على سؤال عند وصوله إلى المدينة السويسرية عن شعوره قبل القمة التي سيتابعه خلالها العالم بدقة، قال بايدن “أنا مستعد دائماً”، ويمكن أن يعتمد الرئيس الروسي، على خبرته الطويلة. فقد شهد عهود أربعة رؤساء أمريكيين آخرين منذ وصوله إلى السلطة في نهاية 1999.
النقاط الخلافية
قبل القمة، قال الجانبان إن “العلاقات وصلت إلى الحضيض”، وألمح بوتين إلى اتفاق محتمل بشأن تبادل السجناء، قائلا إنه يعتقد أنه يمكن التوصل إلى حلول وسط. أما فيما يتعلق بالهجمات الإلكترونية، تجاهل بوتين الاتهامات الموجهة إلى روسيا، قائلاً إن معظم الهجمات الإلكترونية في روسيا نشأت من الولايات المتحدة.
ومن أبرز القضايا الخلافية بين روسيا وأميركا معاهدات التسلح ونشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، والحضور العسكري لأميركا ولحلف شمال الأطلسي قرب الحدود مع روسيا، ودعم واشنطن للمعارضة الروسية، إضافة إلى الملف الحقوقي داخل روسيا، ودعم موسكو للانفصاليين المسلحين في شرقي أوكرانيا، فضلاً عن الملف السوري.
من جانبه، قال بايدن إنه أخبر بوتين أن البنية التحتية الحيوية، مثل المياه أو الطاقة، يجب أن تكون “محظورة” على القرصنة أو الهجمات الأخرى، واختلف الجانبان بشكل حاد حول حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الاحتجاج، حيث رفض بوتين مخاوف الولايات المتحدة بشأن نافالني، الذي بدأ مؤخراً إضراباً عن الطعام لمدة 24 يوماً، وأضاف بوتين، أن روسيا لا تريد اضطرابات على أراضيها مماثلة لأعمال الشغب في الكابيتول أو حركة حياة السود مهمة.
ورفض بايدن تعليقات بوتين حول حياة السود مهمة، ووصفها بأنها “سخيفة”، وصرّح أن حقوق الإنسان “ستكون دائماً مطروحة على الطاولة”، ولدى سؤاله عن سبب رغبة روسيا في التعاون مع الولايات المتحدة، قال بايدن إنها “في موقف صعب للغاية الآن”.
وذكر الرئيس الأميركي في مؤتمره الصحفي، أن الحديث عن الأمن السيبراني استغرق وقتاً طويلاً من لقائه مع بوتين، مضيفاً أنه أوضح للأخير بأن أميركا تمتلك قدرات سيبرانية كبيرة، وإنها سترد في حال تعرضها لهجوم، معرباً عن ثقته بأن نظيره الروسي لا يريد حرباً باردة جديدة.
وانتقد بوتين، في مؤتمر صحفي عقب القمة، اعتبار واشنطن موسكو عدواً وخصماً، وقال إنها تدعم منظمات ومؤسسات تطبق الأجندة الأميركية على التراب الروسي، و “هي منظمات تقوض روسيا”.
وقالت مراسلة بي بي سي في موسكو، سارة رينسفورد، إن بوتين كان حريصاً على التأكيد عدة مرات على أن روسيا كانت قوة نووية، دولة مهمة، ذات اقتصاد أصغر من اقتصاد الولايات المتحدة، لكنها لا تزال مهمة ولهذا السبب جاء بايدن للحديث معه.
إيجابيات اللقاء
اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، على استئناف محادثات الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإطلاق حوار شامل، وعودة السفيرين إلى عملهما في واشنطن وموسكو، فيما قال بايدن إنه سيطرح دائما ملف حقوق الإنسان في روسيا، محذرا موسكو من التدخل مرة أخرى في الانتخابات الأميركية، بينما انتقد بوتين اعتبار واشنطن موسكو عدوا وخصما لها.
وقال بوتين وبايدن إنهما يسعيان من خلال هذا الحوار إلى إرساء الأساس لإجراءات مستقبلية للحد من التسلح والحد من المخاطر، وأكد الرئيسان التزامهما بمبدأ أنه لا رابح في حرب نووية ولا ينبغي إشعالها مطلقا، كما أكدا أن التمديد الأخير لمعاهدة “ستارت – START” للحد من الأسلحة النووية هو شهادة على التزام البلدين بالحد من هذه الأسلحة.
وشدد بايدن على أن نبرة اللقاء مع نظيره الروسي كانت جيدة وإيجابية، مضيفاً “أوضحت أننا لن نتسامح مع محاولات انتهاك سيادتنا الديمقراطية، أو زعزعة انتخاباتنا الديمقراطية وسنرد في حال حصل ذلك”، وذلك في إشارة إلى اتهام واشنطن لموسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2020.
من جهة أخرى، وصف الرئيس بوتين اللقاء مع نظيره الأميركي بأنه بنّاء، مضيفاً أنه تم الاتفاق في القمة على عودة السفراء إلى أماكن عملهم الدائمة في كلا البلدين، وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن السفير الروسي بواشنطن أناتولي أنتونوف سيعود للعاصمة الأميركية آخر الشهر الجاري.
القمة الموسعة جرت بحضور معظم أفراد الوفدين الروسي والأميركي، وجرت مناقشة الملفين السوري والأوكراني.
نتائج مهمة
أولاً، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، على استئناف محادثات الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإطلاق حوار شامل.
ثانياً، تخفيف الحدة الدبلوماسية بين الجانبين، وعودة السفيرين إلى عملهما في واشنطن وموسكو.
ثالثاً، الالتزام بمبدأ أنه لا أحد رابح في حرب نووية ولا ينبغي إشعالها مطلقاً.
رابعاً، التمديد الأخير لمعاهدة “ستارت – START” للحد من الأسلحة النووية هو شهادة على التزام البلدين بالحد من هذه الأسلحة.
خامساً، البدء في محادثات تتعلق بشأن الأمن السيبراني والاستقرار الإستراتيجي.
سيتا
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.