عامان أو أكثر، وأنا أحاول إقناعه بضرورة تسجيل الحكاية، وكان جوابه الدائم هو الرفض، فهو يعتبر أن ما قام به لا أهمية له أمام تضحيات الشهداء، فهم الذين تستحق أن تُروى حكاياتهم.
تمكنت أخيراً من إقناع بهاء شاتيلا (اسمه الحركي) بأن نسجل التفصيلات التي لم يتم التطرق إليها عن عملية “كمال عدوان” في سنة 1978، لا لإظهار دوره، بل احتراماً للأجيال المقبلة التي يحقّ لها أن تعرف تاريخ شعبها بتفصيلاته.
بهاء شاتيلا، من مواليد مدينة بيت لحم في سنة1958، سكن في مخيم الدهيشة حتى سنة 1966. عاش في عمّان حتى سنة 1974، ثم التحق بحركة “فتح” في منطقة حمورية في سورية. تخرّج من الكلية العسكرية في باكستان في سنة 1977 ضابطاً برتبة ملازم، وبعدها درس في الاتحاد السوفياتي اختصاص سلاح راجمات الصواريخ، كما تخصص بسلاح المظلات والقوات الخاصة في الجزائر.
لم أقاطعه خلال هذا الحوار الذي دام نحو ساعة ونصف ساعة إلّا بقصد الاستفسار، ولذلك سأستبعد صيغة سؤال / جواب في النص، وأعتمد فقط الربط بين فقرات كلامه.
الإعداد للعملية
يقول بهاء شاتيلا: “قبل أن أكلَّف بعملية إنزال أفراد المجموعة الفدائية إلى الشاطئ الفلسطيني، كنت مشرفاً على تدريبهم العسكري والإداري، بعد أن سلّمني الأخ أبو جهاد،[1] أنا وضابط آخر،[2] هذه المهمة. كنا أنا والضابط الذي معي، قد تخرجنا منذ أقل من عام، في سنة 1977 من الكلية العسكرية في باكستان. لن أذكر اسم الضابط الآخر لأنه يعيش الآن في رام الله.”
بهاء إلى يمين الصورة التي يتوسطها أبو جهاد (من أرشيف بهاء شاتيلا).
ويضيف أن العملية حملت اسم الشهيد كمال عدوان الذي اغتالته إسرائيل مع الشهيدين كمال ناصر وأبو يوسف النجار، في 10 نيسان / أبريل 1973 في منطقة فردان في بيروت، بينما حملت المجموعة الفدائية التي نفذت العملية، اسم “دير ياسين”.
ويلفت إلى أن الهدف من العملية كان بحسب البيان السياسي الذي أصدرته حركة “فتح”، إحياءً لذكرى الشهداء الثلاثة، و”مواصلة الكفاح المسلح ضد الغطرسة والاحتلال الصهيوني.”[3] ووفقاً لتصريح الفدائي / الأسير حسين محمود فياض، الذي شارك في العملية وكان في الثامنة عشرة من العمر، في مقابلة رتبتها السلطات الإسرائيلية في بيت صحافي إسرائيلي، قال “أنه ينتمي إلى حركة ‘فتح’ شأنه شأن رفاقه الـ 13 الذين اشتركوا في العملية، وأوضح أن خطأ وقع في العملية المقررة التي كانت تقضي بالسيطرة على أحد الفنادق في تل أبيب، واحتجاز رهائن والمطالبة بالإفراج عن خمسة فدائيين معتقلين.”[4]
وخلال عمليات الإعداد، “لم نكن نستقر في مكان واحد أكثر من عشرين يوماً، خوفاً من أن يُكشف موقعنا، أو يتم تسريب معلومات خارج المجموعة التي كانت في الأصل، بحسب خطة العملية، مكونة من 21 فدائياً سيذهبون لتنفيذها.”
محاولتان فاشلتان
“جرت محاولتان لتنفيذ العملية، لكنهما لم تكتملان، وعادت المجموعة الموكلة بالتنفيذ أدراجها، إلى أن نجحت في المرة الثالثة”، مثلما يقول بهاء، ويشرح أنه: “في المرة الأولى كان ضابط الإنزال هو النقيب أبو سمير، وهو من عديد كتيبة الشهيد عزمي الزّْغَيّر،[5] لكن التنفيذ لم يكتمل، فعادت المجموعة بعد يومين من الإبحار.
“بعدها تلقينا أمراً من الأخ أبو جهاد بأن نعود إلى التدريبات بعد استراحة قصيرة دامت 24 ساعة. وخلال الإعداد للعملية كان أبو جهاد حريصاً على زيارة المعسكر، خمس مرات في الأسبوع. وفي كل زيارة كان يبقى معنا من 3 إلى 4 ساعات، لأنه كان مقتنعاً بأن عملية ‘التعبئة’ الفكرية والسياسية تشكل جزءاً مهماً وأساسياً من الإعداد للعملية. وتقلص عدد المتدربين من 21 إلى 13 فدائياً[6] خلال ستة أشهر، وذلك بسبب صعوبات التدريب والاعداد.
“جرت المحاولة الثانية لتنفيذ العملية في أواسط شباط / فبراير 1978، وكنّا حينها في الدامور؛ بقيت السفينة في عرض البحر، وتحركت المجموعة بذخائرها وأمتعتها، لكن بعد 12 ساعة، تواصل مسؤول الإنزال مع الأخ أبو جهاد، وأعلمه بتعطل محرك السفينة.”
…وثالثة نجحت
لم تُثنِ المحاولتان الفاشلتان المخططين والمكلّفين بالتنفيذ عن تكرار المحاولات حتى يتحقق الهدف. يقول بهاء شاتيلا:
“بعد 48 ساعة من عودة المجموعة [من المحاولة الثانية الفاشلة]، عدنا إلى التدريبات في الدامور، وعاد الأخ أبو جهاد إلى عمله التعبوي معنا.
“كانت الاحتياطات الأمنية مرتفعة، بحيث بقي الأمر سرياً، حتى بالنسبة إلى طواقم الحراسات التي لم تكن تعرف سوى أن هذه المجموعة تتبع للبحرية، وذلك بسبب وجود الزوارق فقط.
“أذكر أنه في 6 آذار / مارس، أرسل الأخ أبو جهاد اثنين من مرافقيه في طلبي، هما سعيد وماهر صغير. وفي أثناء مقابلتي معه، سألني ما إذا كنت أعرف سبب هذه المقابلة، فأجبته نافياً، فكلفني بمهمة إيصال المجموعة إلى هدفها.
“كان عمري حينها 19 عاماً و9 أشهر؛ طلبتُ من الأخ أبو جهاد قيادة العملية، فضلاً عن إيصال المجموعة، فرفض، وأعلمني بمهمتي بدقة، وهي إيصال المجموعة المنفذة إلى نقطة الإنزال وتأمين إنزال أفرادها وإعادة السفينة، وأوضح لي أن عدم عودة السفينة، يعني عدم نجاحنا. وبعد النقاش، طلب مني صورتين ليؤمّن لي جواز سفر بحرياً، وكانت المرة الأولى التي أعرف فيها، أن للبحارة جوازات سفر خاصة بهم.
“عدت إلى معسكر التدريب، ولم أخبر أحداً بالأمر وذلك بناء على تعليمات الأخ أبو جهاد. وفي ليلة 9 آذار/ مارس، أتت أوامر التحرك من الدامور نحو منطقة الواسطة على بعد بضعة كيلومترات شمالي مدينة صور، حيث كنا نملك معسكراً. انتظرنا في هذا المعسكر حتى الثالثة صباحاً، عندما وصل الأخ أبو جهاد ومعه الحاج إسماعيل[7] والأخ عزمي الزّْغَيّر والأخ مجيد الآغا[8] والأخ وجيه أبو غربية.[9]
بهاء في أحد معسكرات التدريب (من أرشيف بهاء شاتيلا).
“سألني الأخ أبو جهاد عن جهوزيتنا، فأجبته بأننا على أتم الجهوزية، فأعلمني بأن التحرك سيتم خلال نصف ساعة، وكان كل ما يتعلق بالعملية مجهزاً في سيارات “سوزوكي” صغيرة مغلقة كنا نستعملها في ‘القطاع الغربي’ لأغراض متعددة. وبين الساعة الثالثة والنصف والرابعة صباحاً، كنا في ‘بور’ [ميناء] صور. دخلنا إلى السفينة أنا والمجموعة أولاً، بعد أن عرّفنا الكابتن إلى “العنبر” الخاص بالمجموعة، والذي كان مموهاً ومخفياً، حرصاً على عدم إثارة انتباه الدوريات الإسرائيلية التي كان من الممكن أن تعثر علينا في عرض البحر، قبالة سواحل فلسطين المحتلة.
“وبعد انتظار دام نحو عشرين دقيقة، عاد الأخ أبو جهاد وحيداً، وعرّفني إلى قبطان السفينة وكان اسمه جورج من الجنسية اليونانية، وكان الحديث فيما بيننا يتم باللغة الإنجليزية.
“على ظهر السفينة، أطلعني الأخ أبو جهاد لأول مرة على خط سير العملية، وكان كالتالي: الانطلاق من صور نحو صيدا فرأس بيروت ثم طرابلس، ومنها في اتجاه قبرص، كي نُبحر في الخط الدولي من أجل تقديم أطنان من الحبوب إلى السودان الذي كان يعاني المجاعة، وذلك بحسب بيانات السفينة.”
يستطرد شاتيلا قائلاً: “عرفت أشياء عن البحار لم أكن أعرفها من قبل، منها أن في البحار زواريب، وطرقاً للتهريب، وكانت هذه الزواريب من الطرق التي سنستخدمها في سيرنا.”
ويتابع سرد تفصيلات لا يزال يتذكرها بدقة، فيقول:
“بعد أن تلقيت المعلومات والتعليمات الأخيرة من الأخ أبو جهاد، أعلمني بأن القبطان جورج على علم بالتفصيلات كلها الخاصة بالعملية. وكانت الشيفرة بيني وبين الأخ أبو جهاد هي أسماء أخواتي وإخوتي، مثلاً: “فؤاد” معناها أن دورية إسرائيلية تعرضت لنا أو هي متجهة نحونا، و”أحمد” تعني صعدوا إلى ظهر السفينة لتفتيشها، و”جميلة” تعني أن الأمور تمام. كانت الشيفرة التي حددناها تراعي الاحتمالات كلها التي من الممكن أن تحدث.
“عند الساعة 5:00 صباحاً، تحركنا، وكان الاتفاق أن نبقى قرب السواحل اللبنانية، بحدود 4 – 5 كم. ومع وصولنا قبالة رأس بيروت، اقترح القبطان أن نتجه نحو الخط الدولي، بدلاً من الإكمال إلى طرابلس، بحيث نوفر 12 ساعة. رفضت في البداية لأن في ذلك مخالفة لتعليمات الأخ أبو جهاد، لكني بعد ذلك، وافقت، وبالتالي اقتطعنا 12 ساعة من حسابات الأخ أبو جهاد، ولا سيما أن كل شيء كان محسوباً بدقة متناهية لديه، لكننا لم نبلّغه هذا التعديل. تابعنا سيرنا في اتجاه قبرص، وقبل الوصول، سلكنا الطريق الدولية نحو بور فؤاد للوصول إلى السودان. وفي ليلة 11 آذار / مارس أعلمني القبطان أن فلسطين تقع في الزاوية 90 من موقعنا، وأن علينا أن نتخذ هذا الاتجاه كي نصير في موازاة تل أبيب، وهي الموقع المقرر لتنفيذ العملية، وأخبرني أن المشكلة ستبدأ الآن، فكل باخرة تسير في هذه الوجهة يعني أنها ذاهبة إلى فلسطين المحتلة، وأن الرادارات الإسرائيلية ستكشفنا، وسترسل دوريات لتفتيشنا.
“ومن المعروف أن حرس الحدود الإسرائيلي يملك معلومات عن كل سفينة تدخل إلى هذه المنطقة وعن حمولتها، ونحن سفينة غير معرّفة لديهم، وهي بالتالي سفينة دخيلة. سألته: ما الحل، فأجاب: تعطيل البوصلة. وافقت، مضيفاً: نعطلها ونعيد إصلاحها، فأجابني: لا، يجب أن نعطلها بشكل كامل ونهائي، وهكذا عندما تصعد الدورية الإسرائيلية إلى السفينة يكون وقوفنا مبرراً في تلك المنطقة. وهنا سألته: لكن كيف سنمشي في البحر بعد ذلك؟ فأجاب: نتوكل على الله.
“كان من المفروض أن ينزل أفراد المجموعة على مسافة 45 – 50 ميلاً عن ساحل تل أبيب، وهؤلاء الأفراد البالغ عددهم 13 فدائياً، سيحتاجون إلى ساعة أو ساعة ونصف ساعة قبل الوصول إلى اليابسة، وذلك عبر ركوب زورقين من نوع “زودياك” كانا مجهزين، كل واحد منهما، بمحرك قوته 75 حصاناً، وكان الأخ أبو جهاد قد طلب إضافة محرك ثانٍ بالقدرة نفسها، إلى كل زورق.
“تحركنا في اتجاه منطقة الإنزال، وحين وصلنا إليها، شاهدت على رادار الباخرة زوارق متجهة نحونا، وكانت من طراز “الدبور” الذي يتميز بسرعة شديدة، ومحمّلة برشاشات عيار 800 ملم. أشعل القبطان ضوء الاستغاثة باللون الأحمر، وهو من الأمور المتعارف عليها في البحار حين تحدث مشكلة ما للسفن. وصل الزورقان: الأول بقي بعيداً عنا بمسافة قريبة، والآخر اقترب بمحاذاتنا، وصعد منه إلى ظهر السفينة، ضابط برتبة عالية ومعه عدد من الجنود. سأل القبطان عن سبب مرور السفينة في المنطقة، وعن الحمولة التي لديه، فأخبره جورج عن العطل الذي أصاب البوصلة، فذهب الضابط ومَن معه مع القبطان ومهندس السفينة التونسي للتأكد من المشكلة. وبعد أن تأكدت الدورية الإسرائيلية من العطل، منح ضابطها القبطان مدة ساعتين لإصلاح العطل، أو التحرك في اتجاه آخر. وكانت هذه المدة كافية لإنجاز الإنزال والابتعاد عن الموقع.
“غادر الإسرائيليون السفينة، وبقيت أراقب الرادار حتى اختفوا تماماً، عندها خرج أفراد المجموعة من العنابر، وبدأنا التجهيز: أخرجنا الزورقين والأسلحة وسائر المعدات الخاصة بالعملية؛ نفخنا الزورقين، وأنزلناهما إلى البحر، فاكتشفت الشهيدة دلال المغربي أن أحد الزورقين فيه تسرب للهواء؛ الزوارق كانت مكونة من خمس طبقات، والعطب كان في طبقتين فقط، الأمر الذي يعني أنه يمكن استخدامه مع تخفيف الحمولة التي عليه. وكان المخطط أن يصعد في الزورق الأول 7 فدائيين، وفي الثاني 6 فدائيين، لكن بسبب العطب، نقلت أحد الفدائيين من الزورق الثاني إلى الزورق الأول، فصاروا 8 في الزورق الأول، و5 في الثاني. انقلب الزورق الثاني في البحر، وغرق الشهيدان عبد السلام وأبو أحمد اليمني، وكان محمد الشرعان (وائل) مكلفاً قيادة المجموعة في هذا الزورق، مع الاستمرار في نفخ القارب خلال مكوثهم فيه.”
يصف بهاء الطقس في ذلك اليوم من آذار / مارس بأنه كان “عاصفاً والأمواج عالية”، لكن ذلك لم يُشكل عائقاً، “فلولا التدريب الذي خضع له أفراد المجموعة، لما كان في إمكانهم الوصول إلى الشاطىء.”
لم ينسَ شاتيلا يوماً ما جرى مع الفدائيَّين الشهيدين، فـ “بعد أعوام من العملية، التقيتُ خالد أبو أصبع، وهو من منفذي العملية وقد أُسر مع حسين فياض، وأُفرج عنهما في سنة 1985، وسألته عن سبب غرق الشهيدين، فأخبرني أن الأمواج المرتفعة قلبت مركبهم.”
يتابع بهاء شاتيلا سرد “السيرة البحرية لعملية ‘كمال عدوان’ ” التي قادتها الشهيدة دلال المغربي، فيقول:
“بعد أن أنجزتُ عملية التجهيز، ودّعتُ الفدائيين الموجودين على متن الزوارق، وصعدتُ إلى ظهر السفينة مجدداً، وكان الاتفاق أن يبقوا يدورون في المكان لمدة ساعة، حتى نبتعد عن المنطقة. وقبل إبحار السفينة، انتبهت إلى وجود سلاح بالقرب من البوصلة على الزورق الأول الذي كانت دلال عليه، فطلبت منها تغيير مكانه لأنه سيحرف الاتجاه، فقالت: نعم حين نتحرك سأغيره، وعلى الأغلب لم تبعد السلاح عن البوصلة، ولذلك تغير مسار الزورقين؛ فالعملية كانت مقررة في تل أبيب، لكن المجموعة وصلت إلى معجان ميخائيل التي تبعد عن تل أبيب مسافة كبيرة.
“عند عملية الإنزال أبلغت الأخ أبو جهاد بالشيفرة المتفق عليها، وهي “جهينة”، وتعني أن الإنزال تم، فأتت إجابة الأخ أبو جهاد: ‘يا أخ في غلط’، أجبته بأن كل شيء على ما يرام، عاد وأجابني: ‘يا أخ في غلط’. وكان الخطأ معروفاً بالنسبة إليّ، وهو الـ 12 ساعة التي اختصرناها أنا والقبطان، حين انطلقنا في اتجاه الخط الدولي من رأس بيروت. المهم أجبت الأخ أبو جهاد مجدداً بـ “اطمئن”، ومع ذلك قال: ‘يا أخ في غلط. راجع’، أجبته: ‘الكابتن جورج بقلك كمان اطمئن، والآن جهينة بدأت العمل’، فقال: ‘على بركة الله’.
“لم تكن أي من تعليمات أبو جهاد عبثاً، فهو معروف بدقة خططه: من الخطوط العامة الكبرى، إلى التفصيلات الصغيرة. وعن ذلك، يشرح شاتيلا:
“تعليمات الأخ أبو جهاد كانت، أنه بعد اتمام عملية الإنزال وعند تحرك السفينة، يجب فكّ أجهزة اللاسلكي ورميها في البحر، كي لا يبقى أي أثر يدل على عملنا العسكري، إلّا إنني لم أفعل ذلك، بسبب سعرها المرتفع. وكان أحد هذه الأجهزة هو ‘راكال’ والآخر ‘بيغ غير’، فأخفيتهما في مكان آمن، وكان هذا الأمر مخالفة للتعليمات. لم أدرك ذلك في حينه، لكنني بعد سنين، أدركت أني أخطأت عندما خالفت التعليمات.”
ويتابع بهاء شاتيلا شارحاً تفصيلات الساعات التي تلت عملية الإنزال ومغادرة السفينة منطقة الإنزال، فيقول:
“مرّ يومان، وكان الاتصال مقطوعاً مع الأخ أبو جهاد، إذ إنه على الرغم من وجود أجهزة الاتصال العسكرية على السفينة، فإنني لم أكن أملك الخبرة الكافية لتشغيلها من جديد، فلجأنا إلى راديو السفينة بحثاً عن أخبار لنعرف كيف جرت العملية. وخلال البحث، وصلنا صوت من إذاعة تتحدث بالعربية، وبعد قليل أتت الجملة التالية: ‘صوت فلسطين.. صوت فتح’، وعرفت من صيغة الخطاب أنها إذاعة ‘فتح المجلس الثوري’ التي تبثّ من بغداد. أعلنت الإذاعة أن ‘مجموعة من المقاتلين نزلت على الشواطىء الفلسطينية، وأخذت حافلة ركاب رهينة’… أراحني هذا الأمر، فالإخوة وصلوا إلى شواطىء فلسطين المحتلة، والعملية يتم تنفيذها.”
بهاء الثاني من اليسار (من أرشيف بهاء شاتيلا).
33 يوماً من التيه في البحر
لم تنتهِ رحلة السفينة عند إنهاء عملية الإنزال، إذ كان عليها التوجه بعيداً عن المكان، وهي “عمياء” من دون البوصلة. يسرد بهاء شاتيلا تلك التفصيلات، فيقول:
“بعد أن اطمأننت إلى أن العملية نُفّذت، مع أنني لم أعرف التفصيلات بدقة، عاد التفكير بنا إلى سفينتنا، وإلى أين نذهب، فقد كنا كالعميان من دون البوصلة التي عطلناها، إذ لم نكن نعرف إلى أين نتجه، حتى إن القبطان كان عاجزاً عن تحديد وجهتنا. بقينا في البحر 33 يوماً سمحت لي بأن أتعرف إلى أسرار هذا المدى الأزرق الشاسع. صحيح أن الطعام والشراب كانا متوفرين بشكل يكفينا عدة أشهر، إلّا إن مبتغانا كان الوصول إلى البر بأسرع ما يمكن. لقد كنا تائهين ومحاصرين بالماء.
“علمت لاحقاً، في بيروت، أن الأخ أبو جهاد كان منشغلاً بالبحث عن السفينة، فالعملية نُفذت، واستشهد 11 من منفذيها، وأُسر اثنان، لكن أحداً لم يأتِ على ذكر السفينة، لا إسرائيل ولا غيرها. وبعد مضي أيام من عدم وجود أي معلومات، أُرسل عدد من ‘ضباط القطاع الغربي’ إلى الموانىء حول البحر الأبيض المتوسط، والتي من الممكن أن نصل إليها، للبحث عنا. لكنهم لم يجدوا شيئاً، فنحن ما زلنا في عرض البحر، ولا نعرف إلى أين نتجه.”
جورج ينطق بالعربية!
لم تتوقف المفاجآت التي عاشها بهاء شاتيلا، منذ مرحلة التخطيط، حتى رحلة تيه السفينة في البحر من غير هدى. فجورج اليوناني نطق بالعربية. يقول بهاء:
“في الليلة 29 أو 30، لست متأكداً، وكانت الساعة الواحدة ليلاً، إذ بالقبطان يخرج من قمرته منادياً إياي: “يا بهاء.. يا بهاء” بالعربية، فأجبته: ‘Yes’، فقال: ‘بلا يس بلا بطيخ، تعال’، فذهبت إليه وأنا لا أفهم ما الذي يجري، فالقبطان يوناني ولا يتكلم اللغة العربية، وكنا نتواصل بالإنجليزية. سألته مباشرة: ‘هل أنت عربي؟’ فأجاب جورج: ‘أنا فلسطيني، وعضو في حركة ‘فتح’ واسمي سامي’. تعانقنا وأفهمني أن التعليمات كانت صارمة في هذا الصدد من الأخ أبو جهاد. كان القبطان سامي يناديني ليريني عبر منظار السفينة ضوءاً بعيداً يكاد حجمه لا يوازي رأس عود الكبريت، فاتفقنا على التحرك في اتجاه الضوء.
“ارتحت لرؤية الضوء، وذهبت كي أنام عدة ساعات، وأنا أفكر في أن مسافة ساعات تفصلنا عن البر، وأننا بعد استيقاظي سنكون قد وصلنا. استيقظت، لكننا كنا ما زلنا في البحر، فاستغربت الأمر، وهنا أخبرني سامي: ‘منحتاج يومين أو ثلاثة لنوصل للبر، والليلة ببيّن الضوء أكثر’. وفعلاً مع دخول الليل، نظرنا عبر المنظار، وكان الضوء قد ظهر أكثر، فأحسسنا بالطمأنينة، غير أننا حتى تلك اللحظة لم نعرف من أي بلد يأتي هذا الضوء. ومع شروق شمس اليوم الثالث والثلاثين، عرف سامي أين نحن، بسبب وجود قمامة وحيوانات نافقة في البحر، وكان هذا الأمر، بحسب سامي، لا يحدث إلّا في ليبيا.
“مع اقترابنا أكثر، شاهدنا الفنار (المنارة).. وفي كل سفينة بحرية يوجد عادة كتيّب يفسر ضوء الفنار الذي يشير إلى البلد الذي هو فيه، وبعد حساب الضوء الآتي مثلما هو وارد في الكتيب، أكد لي سامي أننا في مقابل ساحل مدينة توكرة الليبية، وهي مدينة صغيرة قريبة من بنغازي. فسألته: ‘شو بدنا نعمل؟’ فقال: ‘نتوجه إلى بنغازي’، غير أننا لن نستطيع الدخول إلى الميناء لعدم وجود وكيل لنا. بقينا بعيدين عن الميناء بحدود 4 – 5 كم، ثم شاهدنا زوارق سريعة تتجه نحونا، وأول ما جاء في تفكيري، أن تكون هذه الزوارق إسرائيلية؛ شاهد سامي الزوارق أيضاً.
“في تلك الأثناء تواصلنا مع برج الميناء، وطلب سامي منهم تحويل الاتصال إلى مكتب حركة ‘فتح’ في بنغازي، وكان المسؤول هناك الأخ أبو العبد. قام العاملون في برج الميناء بتحويل الاتصال، فكلَّمَنا شخص كان موجوداً في المكتب، وأخبرنا أن أبو العبد موجود في منزله، فطلبنا رقمه، وطلبنا مجدداً من برج المراقبة الاتصال به، وهذا ما حدث. كان رد الأخ أبو العبد أن القيادة لم تبلّغه أن أحداً سيصل إلى الميناء، وظل رافضاً استلام الباخرة بمَن وما فيها من دون تعليمات، فطلبنا منه الاتصال بالأخ أبو جهاد، وإخباره: ‘بهاء وسامي عندي، وبدهم يدخلوا’. أجرى أبو العبد الاتصال من هاتف آخر لديه، وكنا نستمع إلى ما كان يقوله، ويبدو أن أبو جهاد طلب منه إدخالنا، فتحرك أبو العبد لتنفيذ أوامر أبو جهاد بعد أن تواصل مع الاستخبارات الليبية، وخلال ساعة، وصل إلينا زورق ليبي كان فيه الأخ أبو العبد وثلاث ضباط ليبيون عانقونا ورحبوا بنا. سلّمْنا أبو العبد الأسلحة التي ظلت في حيازتنا، وكانت عبارة عن مسدس ورشاش صغير، كما سلّمه القبطان سامي السفينة، وأخذَنا الضباط الليبيون إلى فندق اسمه عمر الخيّام، بينما أُخذ سائر طاقم السفينة إلى فندق آخر، ومن هناك جرى في الأيام التالية تدبير سفرهم إلى دولهم، وأعطيتُ كل واحد منهم مبلغاً من المال كي يتدبر أموره.
“في الفندق طلبنا من الأخ أبو العبد أن يخبرنا بكل ما جرى في العملية، وما بعدها، وكانت إجابته: ‘خربت الدنيا’، وأسهب في الشرح، عن اجتياح سنة 1978، واحتلال أجزاء من الجنوب اللبناني، وعمليات المقاومة، وطلبنا منه أن يدبر أمر سفرنا سامي وأنا، فكانت إجابته: ‘بهاء وسامي ممنوع تسافروا، بتعليمات من الأخ أبو جهاد، ولازم تبقوا بليبيا 6 أشهر’. لم نعرف سبب هذه التعليمات، وطلبت منه تأمين اتصال مع الأخ أبو جهاد، وأخبرته أننا لن نستطيع البقاء في ليبيا هذه المدة كلها، فضحك وأوضح: ‘وقوع أسيرين عند الاحتلال، جعلك أنت وسامي بخطر، لهيك لازم تبقوا حفاظاً عليكما’.
“طلبت من الأخ أبو العبد أن يؤمن لنا أعداد الصحف كلها التي صدرت منذ يوم العملية، كي نفهم تفصيلات ما جرى منذ تنفيذ العملية.
“وزارنا في فندق عمر الخيام وزير الدفاع الليبي أبو بكر يونس[10] كي يسمع منا تفصيلات العملية، وعرض علينا الجنسية الليبية آنذاك، فأجبناه أننا بحاجة إلى إذن القيادة قبل الموافقة على عرضه، وكانت هذه الطريقة وسيلتنا إلى الاعتذار، فنحن كفلسطينيين لا نحتاج إلى أي جنسية أُخرى.”
إضاءات على تفصيلات[11]
أورد فيما يلي إضاءات على ومضات رأيت أنها بارزة، فأخرجتها من النص، وأبقيتها مثلما رواها بهاء شاتيلا، على النحو التالي:
- “قبل الإنزال بساعات، أخرجتُ الإخوة من العنبر، وجلست معهم، فكتب كل واحد منهم وصيته، وسجلها على كاسيت، وعندما انتهوا، جمعت الأوراق والكاسيتات في حقيبة. لم تكن وصاياهم توحي بأي شكل من الأشكال بأنهم ذاهبون إلى الموت، وإنما كانوا فرحين لأنهم يقومون بفعل فدائي من أجل أرضهم، وكانوا يتصرفون كأنهم في عرس، فغنوا لفلسطين ودبكوا.
- “عرف الناس عن وصية الشهيدة دلال المغربي وحدها، لكن في الواقع فإن ثمانية من الفدائيين كتبوا أو سجلوا وصاياهم، وقد سلّمتها إلى الأخ أبو جهاد.
- “كان من ضمن طاقم السفينة مهندس تونسي خمسيني، أدرك ونحن على السفينة، وتحديداً حين شاهد المجموعة، أن ما يجري هو تحضير لعملية فدائية، فجاءني ليطلب مني الموافقة على المشاركة معهم، فرفضت طلبه، وبررت له بأن المجموعة خضعت لتدريبات طويلة، وأنه إن أراد القيام بعملية فدائية، فليأتِ لاحقاً إلى بيروت من أجل تدريبه وإعداده، وسيكون له ذلك. فأجاب أنه يحسن استخدام السلاح، وأنه صياد بارع في تونس، وهنا تدخّل القبطان جورج لإقناعه، فوافق المهندس على مضض، لكنه لم يقتنع، وفاض دمعه حين عرف أن المجموعة تمكنت من الوصول إلى فلسطين.
- “كان الأخ أبو جهاد، قد زودني بمبلغ مالي لإعطاء كل فرد من المجموعة الفدائية مبلغ 3000 دولار، إلّا إنهم رفضوا أخذ المبلغ، على اعتبار أنه بعد استشهادهم، سيأخذ الاحتلال تلك المبالغ.
- “لم نبقَ في ليبيا 6 أشهر مثلما كان مطلوباً منا، إذ طلبنا من الأخ أبو العبد تأمين خروجنا، مع عدم تحميله المسؤولية عن هذا القرار، وفعلاً غادرنا أنا وسامي إلى قبرص، ومن هناك اتصلت بالأخ أبو جهاد الذي لم يتقبّل ما قمنا به. بقينا، سامي وأنا، في قبرص شهراً واحداً، ثم غادرنا إلى بيروت.
- “عندما عدت إلى بيروت سلمت الأخ أبو جهاد مبلغ 38,000 دولار، وهو ما تبقّى من الـ 100,000 التي سلّمني إياها قبل المغادرة؛ وكنت قد أعطيت طاقم السفينة البالغ 18 شخصاً، مبلغاً منها
- “بمجرد وصولي إلى بيروت، توجهت إلى مكتب (فتح) في شارع أبو سهل، لمقابلة الأخ أبو جهاد، وكانت معي الحقيبة التي تضم وصايا المجموعة وشريطَي كاسيت. قابلت أحد الإخوة، وأخبرني أن الأخ أبو جهاد موجود في عمليات صيدا.
- “بعد اللقاء بأبو جهاد في صيدا، وبعد العناق الطويل، كان سؤاله الأول لي عن الـ 12 ساعة التي لم تكن ضمن الخطة.
- “أكمل سامي حياته في قبرص باسم مغاير وهوية أُخرى، وأصيب بـ “جلطة” قلبية، حين سمع باغتيال الأخ أبو جهاد، وتوفي بعد أعوام.
- “في سنة 1988، اعتُقلت 13عاماً في سجون إحدى الدول العربية.”
***
دلال.. صرتُ “بنتاً للبلاد”
دلال المغربي
ولدت دلال المغربي في سنة 1958، في منطقة كورنيش المزرعة في بيروت. درست في مدارس “الأونروا”، وانتمت إلى “الزهرات” في حركة “فتح”، ولم تكن قد تجاوزت الثامنة من عمرها. ثم أكملت مسيرتها تدريباً وتجهيزاً وصولاً إلى اختيارها ضمن مجموعة عملية “كمال عدوان”.
خاضت التدريبات على العملية، كما غيرها من الشبان، ويقول بهاء شاتيلا: “كانت دلال تتصرف مثل أي واحد منا، وكانت قوية الشخصية، وموضع ثقة الأخ أبو جهاد.” ويضيف أن “دلال كان لها مهمة إضافية هي شدّ عزيمة شباب المجموعة، ورفع معنوياتهم في أثناء التدريبات وتنفيذ العملية”.
وكان بين المجموعة شاب هو عبد الكريم جعفر (عبودي)، خطيب الشهيدة دلال، وكان الاثنان فدائيَّين في عداد كتيبة “أبو يوسف النجار” وحدة “الرشيدية”، وهناك اختيرا بين عشرات الفدائيين، ليخضعا مع آخرين لتدريبات خاصة، من أجل تنفيذ عملية “كمال عدوان”.
في أثناء التدريبات، تعرّض عبودي لإصابة في فخذه تسببت بدخوله المستشفى، وخضوعه لعلاج منعه من المشاركة في العملية. وعندما عاده خليل الوزير (أبو جهاد) في المستشفى، طلب عبودي منه تأجيل العملية إلى أن يتماثل للشفاء، كي يتمكن من المشاركة في العملية مع دلال ورفاقها، كما طلب منه أن يُزفّ إلى عروسه دلال قبل تنفيذ العملية. لم يخبره أبو جهاد بقرار عدم مشاركته، لكنه هدّأ من روعه وقال له إنه سيشارك، وإن الزفاف سيتم بعد نجاح العملية وعودتهما ليكون العرس عرسَين.
انطلقت العملية، ونفذتها المجموعة المكونة من 13 فدائياً لم يكن عبودي بينهم. استشهدت دلال، ولم تعد.. بقيت هناك في فلسطين، وصارت “بنتاً للبلاد”. لم يقتنع خطيبها بأن تستشهد دلال وحدها، فكان يجوب البحر في زوارق الصيادين في مخيم الرشيدية وهو يحمل السلاح، بقصد الاشتباك مع زوارق الاحتلال، لكنه لم ينجح في ذلك، على الرغم من تكرار التجربة عدة مرات.
محاولة أخيرة نجحت، لكن ليس في البحر. فقد استشهد عبودي مع 4 فدائيين آخرين في عملية “حانيتا” التي نُفذت في كانون الأول / ديسمبر 1980، وذلك خلال اشتباك مع وحدة من الجيش الإسرائيلي لاحقتهم إلى منطقة مجدل زون في الجنوب اللبناني.
تمكنت دلال من أن تكون بين “إخوتها” قائدة وقدوة، وأن تبني مع رفاقها جمهورية على الأرض الفلسطينية المحتلة، يمكن أن نسميها “جمهورية دلال”، فقد رفعت العلم الفلسطيني على مقدم الحافلة التي احتجزت المجموعة فيها الجنود.
استشهدت دلال وكان من المفترض أن يُسلَّم جثمان دلال خلال تبادل الأسرى في سنة 2008، لكن إسرائيل ادعت أن “تيارات تحت الأرض” سحبت الجثة من مقبرة الأرقام. فبحسب صحيفة “هآرتس” (١٥ أيلول / سبتمبر ٢٠٠٨)، دُفنت دلال في مقبرة الأرقام بالقرب من جسر “آدم” في الأغوار.
المصادر:
[1] أبو جهاد: خليل الوزير، من مواليد مدينة الرملة في 10 تشرين الأول / أكتوبر 1935. اسمه الكامل خليل إبراهيم محمود الوزير، وهو أحد مؤسسي حركة “فتح” وجناحها المسلح “العاصفة”، ونائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني، وفي المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وفي المجلس المركزي الفلسطيني. اغتيل في ضاحية سيدي بوسعيد في تونس في 16 نيسان/ أبريل 1988.
[2] تحفّظ شاتيلا عن ذكر اسمه لأنه في موقع مسؤولية الآن، وربما لا يرغب في الإفصاح عن دوره في هذه العملية.
[3] انظر بيان العملية في: غازي الخليلي، “العملية”، “مجلة شؤون فلسطينية”، العدد 77 (نيسان / أبريل 1978)، ص 48.
[4] المصدر نفسه، ص 44. ويبدو أن الصحافة الإسرائيلية حرّفت كلام فياض للتقليل من شأن العملية وهدفها، على اعتبار أن بيانات العملية أوضحت عدة أهداف سياسية، علاوة على الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين، وليس خمسة معتقلين فقط مثلما ورد في الصحف الإسرائيلية.
[5] عزمي الزّْغَيّر: من مواليد الخليل في 2 آذار / مارس 1937، وهو أحد أبرز القادة العسكريين في حركة “فتح”، وعضو المجلس الثوري للحركة، والمجلس العسكري الأعلى لقوات “العاصفة”، وأحد المخططين لعملية “كمال عدوان” وعملية “فندق سافوي”. عُيّن مسؤولاً للقطاع الغربي، واستلم قيادة القوات المشتركة في صور حين اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني في سنة 1978 إلى نهر الليطاني. استشهد خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، في منطقة صور في 8 حزيران/ يونيو 1982، ولا يزال جثمانه محتجزاً في مقابر الأرقام حتى اليوم.
[6] الشهيدة دلال سعيد المغربي (الاسم الحركي جهاد، من مواليد بيروت 1958)؛ الشهيد محمود علي أبو منيف (الاسم الحركي أبو هزاع، من مواليد نابلس 1960، وهو قائد المجموعة)؛ الأسير حسين فياض (الاسم الحركي أبو جريحة، من مواليد غزة / خان يونس 1960)؛ الشهيد أبـو الرمــز (هو اسم حركي لشاب عمره 18 عاماً)؛ الأسير خالد محمد إبراهيم (الاسم الحركي أبو صلاح، من مواليد الكويت وكان عمره في حينه 18 عاماً)؛ الشهيد حسين مراد (الاسم الحركي أسامة، من مواليد المنصورة / لبنان 1961، كان عمره 15 عاماً، وهو أصغر عناصر المجموعة)؛ الشهيد حمد حسين الشمري (الاسم الحركي أبو حسن، من مواليد شمر / اليمن 1958)؛ الشهيد خالد عبد الفتاح يوسف (الاسم الحركي عبد السلام، وهو من مواليد طولكرم 1957، وغرق قبل أن تصل المجموعة إلى هدفها)؛ الشهيد عبد الرؤوف عبد السلام علي (الاسم الحركي أبو أحمد، من مواليد صنعاء / اليمن 1956، وقد غرق بعد أن انقلب الزورق)؛ الشهيد محمد محمود عبد الرحيم مسامح (الاسم الحركي فاخر النحال، مواليد طولكرم 1959)؛ الشهيد عامر أحمد عامرية (الاسم الحركي طارق بن زياد، من مواليد المنية / لبنان 1953)؛ الشهيد محمد راجي الشرعان (الاسم الحركي وائل، من مواليد صيدا / لبنان 1957)؛ المفقود يحيى محمد سكاف (الاسم الحركي أبو جلال، من مواليد المنية / لبنان 1959، أصيب في العملية، وتقول شهادات الصليب الأحمر إنه كان محتجزاً في السجون الإسرائيلية، ولم يعترف العدو بوجوده في سجونه).
[7] هو الحاج إسماعيل حسن عيسى أبو جبر، من مواليد دير البلح في 12 شباط / فبراير 1943. تولى قيادة القوات المشتركة في الجنوب اللبناني في إبان الغزو الإسرائيلي للبنان في سنة 1982. شغل منصب قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية بين سنتَي 1994 و2005، وأصبح لاحقاً عضواً في اللجنة المركزية لحركة “فتح”.
[8] مجيد الآغا أو سفيان عبد الله الآغا من مواليد خان يونس في 15 نيسان / أبريل 1945. عمل في الأشهر الأخيرة من سنة 1970 ركناً للاستخبارات العسكرية في سورية والأردن، وكلّفه الشهيد أبو جهاد بتشكيل القوة الخاصة، ذراع النخبة المقاتلة المنوطة بالعمليات الفدائية داخل فلسطين المحتلة. انتُخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن محافظة خان يونس، وعضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وعضواً في المجلس الثوري لحركة “فتح”. كما شغل منصب محافظ رفح. توفي في 27 نيسان / أبريل 2007.
[9] وجيه أبو غربية من مواليد مدينة الخليل في سنة 1943. التحق بحركة “فتح” منذ البدايات، وساهم في بناء القواعد الارتكازية في جنوب الأردن. تولى مهمة قيادة الكفاح المسلح في لبنان بين سنتَي 1986 و1991، وقبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سنة 1982 تولى مهمات عسكرية في منطقة صور. توفي في بيروت في 22 حزيران / يونيو 2012.
[10] أبو بكر يونس: من مواليد مدينة جالو شرق ليبيا في سنة 1940، تولى مهمات القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع بين سنتَي 1970 و2011. وقد قُتل في سرت خلال المعارك التي دارت هناك في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
[11] هذه استطرادات من بهاء شاتيلا خلال تسجيل المقابلة التي جرت في بيروت بتاريخ 28 شباط / فبراير 2023، في الساعة 14:00 بعد الظهر.
أيهم السهلي – مجلة الدراسات الفلسطينية
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.