اختتمت منذ أيام فعاليات المعرض العربي الدولي للكتاب في بيروت، والذي يقام للمرة الثانية على التوالي هذا العام، بنسخته الـ 64.
يأتي هذا المعرض بوقت يشهد فيه الواقع اللبناني أزمات خانقة للغاية، ظهرت معالمها واضحة في العديد من مظاهر المعرض لهذا العام، لكنها لم تمنع اللبنانيين من زيارته واقتناء الكتب والمشاركة الواسعة في فعاليات توقيع الإصدارات الجديدة منها، والتي كان عددها ملفتًا نوعًا ما مقارنة مع التحديات الكثيرة التي نشهدها.
رغم الأزمة الخانقة: المعرض فعال والإقبال جيد
افتتحت فعاليات المعرض لهذا العام وسط تخوف كبير لدى العديد من دور النشر المشاركة من عدم وجود إقبال مشجع وكبير من قبل القرّاء، لكن رغم ذلك فقد شارك ما يزيد عن 133 دار نشر لهذا العام بالمعرض مع حضور متميز لدور النشر المستوردة للكتب الفرنسية وفق ما أفاد النادي الثقافي العربي الذي ينظم المعرض بالشراكة مع نقابة اتحاد الناشرين في لبنان.
من ناحية ثانية، تنوعت الإصدارات المعروضة بين الرواية وكتب التاريخ والتراث والدستور وخطط التعافي الاقتصادي والأزمات المالية، كما يوجه المعرض تحية وفاء لأعلام لبنانية وعربية عديدة.
وأفادت رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة أن البرنامج الثقافي المرافق للمعرض “يشمل أكثر من 24 ندوة وفعالية تتناول بالبحث والتحليل والمعالجة مجموعة من القضايا التي تستدعي يقظة فكرية متجددة، في سعي لتشريحها واستنباط رؤى خلاقة بشأنها”.
بالإضافة إلى ذلك فقد لفتت السنيورة إلى المشاركة الوازنة لدور النشر المستوردة للكتب الفرنسية، وبالمقابل إلى المشاركة العربية الخجولة في النسخة الجديدة من المعرض التي تضم دور نشر من مصر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وشرحت أن تقلّص مساحة القاعة التي تحتضن المعرض من 10 آلاف متر مربع قبل 2019 إلى 2200 متر مربع حاليًّا جعل “المطلوب أكثر من المتاح.”
ورغم تخوف المنظمين في النسخة السابقة من المعرض من انعدام حركة البيع نظرًا إلى تراجع القدرة الشرائية، إلا أنه تبيّن أن دور النشر استطاعت منذ اليوم الأول أن تستوفي التكاليف التي تحملتها للمشاركة في المعرض، وفقًا للسنيورة التي لاحظت” أن اللبناني لا يزال يضع شراء الكتب بين أولوياته ويسعى إلى تأمين ثمنها بفضل دعم المغتربين لأفراد عائلاتهم المقيمين في لبنان.”
معرض الكتاب.. كان وسيبقى أحد معالم لبنان الثقافية
لطالما احتلت بيروت دورًا محوريًا في العالم العربي في مجال الريادة الفكرية والثقافية، كانت نقطة التقاء للثقافات المختلفة العربية والأجنبية وعاملًا مساهمًا في تبادل هذه الثقافات وانتشارها.
يعد معرض بيروت الدولي للكتاب أحد أبرز معالم هذه الهوية الثقافية للبنان، الذي كان ولا زال نقطة التقاء الشرق بالغرب، رغم كل ما حل و يحل به من أزمات على اختلافها، وفي هذا الإطار فقد كان المعرض -ولا سيما لهذا العام- نقطة لالتقاء أقطاب هذا الوطن ومحاولة لإعادة ربط أوصاله وتعزيز حضوره الثقافي والفكري عربيًا وحتى عالميًا.
وفي هذا السياق، فإن فعاليات المعرض تأتي في وقت كثرت فيه الانقسامات السياسية في البلد والضغوطات المعيشية والحياتية مما جعل المعرض وجهة للانتقاد من قبل العديد من أهل الانقسام والتفريق، رغم أن دور النشر بشكل عام ملتزمة بشروط المعرض وقوانين المشاركة فيه.
شكلت فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب فسحة لالتقاء اللبنانيين، وإعادة إحياء روح التواصل فيما بينهم بعدما فرقت السياسة كل صلة للتعايش المشترك، ولطالما كان “عميد المعارض العربية” صلة وصل بين لبنان ومحيطه العربي، وبين اللبنانيين أنفسهم.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.