تشهد العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، حاليًا نوعًا من التوتر بعد قرار الحزب السير بطريقة مغايرة لما كان يتوقعه التيار. فآلية عمل الحزب وتعاطيه مع التيار الوطني الحرّ لسنوات خلت قاربت العقدين من الزمن، كانت تقوم على إرضاء باسيل ولو على حساب الحزب نفسه.
قبل انعقاد مجلس الوزراء الاثنين الماضي، اشترط الثنائي الوطني على ميقاتي أن تكون البنود معيشية تهم المواطن على أن تتخذ القرارات بالإجماع، وهذا ما دفع الحزب الى قبول انعقاد الجلسة وحاول إقناع التيار بالحضور، مراهنًا على تفهم باسيل موقف الحزب من عدم تعطيل مصالح الناس بتعطيل الجلسة بغياب وزارئه الستة، بالإضافة للوزير عصام شرف الدين.
فهل كان انعقاد الجلسة بداية خلاف جدي كما يصف البعض أم أن حزب الله أرادها رسالة بأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار وفق المسار السياسي القديم؟ وهل الخلاف الحاصل هو مرحلي فرضته الظروف يمكن تجاوزه برغم امتعاض الحزب من تعتب باسيل ومواقفه بشأن الاستحقاق الرئاسي ورفضه سليمان فرنجية المرشح الأقوى والأكثر قدرة للوصول لرئاسة الجمهورية وهو الذي “كارم” عون وتنازل عن ترشحه في الدورة السابقة؟
باسيل مكبّل بعقوبات دولية واستحالة داخلية للوصول لرئاسة الجمهورية ولديه حسابات كثيرة مع رغبات سياسية مشروعة منها هم حفظ مكتسبات ضمن تركيبة الدولة العميقة أمام عهد جديد، وتحكمه العلاقة مع الحزب وحجمه ودوره وما شكل له تحالفه معه من قوة، فتضاربت مصالح باسيل مع بعضها.
ومن المعلوم أن رفع العقوبات يستوجب شروطًا سياسية أقلها الابتعاد عن حزب الله، وهذا مطلب أميركي ملحّ، بمعنى أوضح: هل يرضي فك التحالف مع حزب الله واشنطن فترفع العقوبات عن باسيل، أم أن حسابات رئيس التيار الوطني الحر ستتعقد أكثر إذا اتخذ نصف قرار بالتمايز عن حزب الله من دون قطع العلاقة نهائيًا فيكون كمن خرب علاقته بحارة حريك ولم يرضِ واشنطن؟
من يعرف حزب الله وطريقة عمله يعلم أنه لم يوجه رسالة لباسيل، بل تمايز عنه بقرار فحواه أنه لا يمكن استمرار هذه الطريقة من التعنت ورفض التعاون، ما يفرض على الطرفين مراجعة شاملة لكامل المواقف، يريد حزب الله منها إقناع باسيل السير بخيار فرنجية باعتباره “أهون الشرور”، مع ضمان حصة باسيل محفوظة. فهل يقتنع باسيل بهذا وهو الذي صاغ بنفسه تفاهم مار مخايل وحرص عليه في تجارب أصعب من هذه، أم أن لباسيل كلامًا آخر ومسارًا جديدًا؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.