لربّما اضطررت لاستخدام هذه الكلمة (المثليّة) ولو كنت أفضّل أن أستخدم الاسم الفعليّ الّذي يُعبّر حقيقةً عن هذا النوع من الشذوذ. “اللّواط” اسم يُشعرُك بالاشمئزاز. قد توافقني الرأي، وقد يكون من الممكن أنّهم قد جمّلوا الاسم ليكون مستساغًا للعقل ومقبولًا.
إن الشيطان يُبدع في تفنّن التزيين والترغيب، ليس لأنه قويّ بل إن ذلك يعود لشدّة ظهور الحقيقة وقوة الجذب فيها حيث يكون بحاجة إلى إعمال كل طاقته ليكسب المُنازَلة. لن أشبّهه بالغمامة الّتي تحجب نور الشّمس، فالغمامة فيها الخير والنّعمة، ولعلّ الوصف الأصدق إن قلنا إنّه أشبه بالذباب، وعذرًا من الذباب، الّذي يُعكّر علينا صفو يومٍ ربيعيٍّ لطيف.
هم قد أتقنوا فنون الترويج للتفلّت الثقافيّ الّذي يتخبّطون في آثاره المدمّرة، فاختاروا الذّوق ونكهة الطعام الحلو ليروّجوا لشعار الشذوذ الجنسيّ.
هم لم يُخبروا العالم بأن ألوان الحياة الّتي يَنشدون طمس حقيقتها الناصعة، سيبدلونها بضلالٍ أشدّ مرارةً من الاختناق، فكانت لهم بدايةً خفيّة الخبث، هي نوع من الحلوى الّتي يشتريها الآباء لأبنائهم الّذين أُعجبوا بطعمها وشكلها فباتت تجذب الكبار قبل الصّغار، رغم أنّ الهدف منصبّ على ترويض عقول الأطفال وزرع هكذا رمز في ذاكرتهم ليكون تطبيق الخطوات التالية في مشروع التنميط مضمون التأثير. للأسف إنّنا اليوم ضحايا الفكر والثقافة والنمط الغربيّ المنحطّ حتّى ينقطع النفس.
ما عجزوا عن تحقيقه بواسطة الجنود والمدافع يصطادونه الآن بشباكٍ ناعمة خفيّة، إلّا مَن فَطِن، فإن ذلك له جلي بوضوح النور، ومسؤوليّته في ذلك إعادة تذكير الغافلين بوجود هذه الشّباك وتوضيح طريقة عملهم وأساليبهم الوقحة بوقاحة أفكارهم وشذوذهم.
بعد أن نجح شعارهم هذا بأن يصبح مرغوبًا ومقبولًا في أذهان غالبيّة الناس، استخدموا مفهوم الحقوق لأجل تبرير عملهم الوضيع، فبعناوين الحريّة (التسيّب) لجأَوا إلى نسف الحياء لدى الجنسَين ومهّدوا الأرضيّة لتقبّل الحالة المنفّرة. طبعًا هذا لم يكن ليُحقّق الهدف لو أنّهم لم يُغرقوا الشعوب قبلُ في عالم الفقر والتبعيّة وانعدام الثقة بالذات والانبهار ببريق المظاهر الخدّاعة وكلّ ذلك ضمن سياق حروبٍ ثقافيّة ينشدون من خلالها تحقيق هيمنتهم على الشعوب والبلدان.
أحيانًا يكون للضيق الاقتصادي فائدة تحطّم لهم ما بنوا خلال سنواتٍ طوال، لذلك نراهم يحتاطون في ممارستهم التدميريّة خوفًا من أن يفقدوا زمام الأمور وتخفق محاولاتهم، فتراهم أصحاب همّة يجدّون في أعمالهم وينتظرون بلوغ المقصد دون كلل، ولا يحبس أنفاسهم إلّا الوعي والتمسّك بتعاليم الأديان السماويّة المقدّسة، لأنّها مصدر النور الّذي لا ينضب ولا يمكن إطفاؤه.
حتّى أنّهم قد عرّفوا هذا الشذوذ إلى الناس باسم آخر غير المتعارف عليه في الدين الإسلاميّ، ليتفادوا تنفير التاس من هذا الفعل المنكر، وليثير مفهومه تعاطف النّاس وأحاسيسهم فأطلقوا على شذوذهم اسم “المثلية” كي يشعر الفرد بأنّهم حالةٌ طبيعيّة فيتعاطف معهم ويمنحهم الحق في ممارسة ما يشعرون بأنّه يُلبّي حاجاتهم تحت عنوان التعاطف الإنساني والحريّة والحق في الحياة.
لقد بات الإفساد شغل العدو الشاغل، فلا يركع البعض إلّا بلقمة العيش، وآخر لا يخضع إلّا بالخوف والتهديد بالموت وآخر وآخر، وما أكثر المنزلقات. حقًا إنّه كلّما ازداد اقتراب مسير البشريّة من بلوغ قمّة إنسانيّتها تزداد المخاطر وتقوى عليها رياح الأهواء والمطامع. لكن من نشد بلوغ الهدف ولم يغفل وجهّز نفسه وعتاده حتمًا سيبلغ القمّة لا محالة.
للأسف، فإنّ مصير أولئك المنحرفين حتمًا هو الدمار الذاتي قبل دمار مجتمعاتهم، فما كان لحفظ النسل واستمرار البشريّة حرّفوا وجهته ليصبح تدميرًا سريعًا وشاملًا، وما قوم لوطٍ منهم ببعيد.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.