الإسلام في روسيا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أكثر من ثمانية آلاف مسجد تم بناؤها في السنوات العشرين الأخيرة في روسيا. وعلى الرغم من أن روسيا بلد مسيحي، لكنها تحترم حقوق المواطنين المسلمين. هذا ما أشار إليه مفتي المسلمين في روسيا البر كرغانوف. وجاء ذلك في تعليق على قيام الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي بواجب الصلاة في قاعة الكرملين بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكان الرئيس الإيراني رئيسي قد وصل الى روسيا في زيارة رسمية تلبية لدعوة من نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند تسلمه سدة الرئاسة في إيران. وبعد اللقاء قام الرئيس الإيراني بأداء الصلاة في الكرملين. وقال المفتي: كما رأيتم في الصورة، هذه هي روسيا المسيحية التي تحترم الأديان وحرية التعبير. وأضاف المفتي أن العلاقات بين الشعبين الروسي والإيراني في تطور مستمر وكذلك العلاقات الثقافية، وقال: “هناك الكثير من الأمور المشتركة تجمعنا في مواجهة التحديات في الوقت المعاصر من أجل الحفاظ على السلم، وإن بعض الدول الغربية تختار طريقًا آخر بديلًا للحوار والتقارب الروحي والاجتماعي”.

أضاف المفتي كرغانوف: إن المسلمين والمسيحيين يقفون جنبًا الى جنب في روسيا من أجل الدفاع عن السلام والعدالة.

يشترك سكان روسيا البالغ عددهم 144 مليون نسمة في مجموعة متنوعة من الديانات، وأكثرها شعبية في الدولة هي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. ومع ذلك، أصبحت المعتقدات غير الدينية أيضًا أكثر شيوعًا في روسيا في الآونة الأخيرة. وقد تراجعت المواقف تجاه الدين في روسيا وتقلبت بمرور الوقت. خلال الحقبة المطولة للاتحاد السوفييتي، كان الإلحاد هو الممارسة الواسعة الانتشار. ومع ذلك، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991، بدأت المعتقدات الدينية في الظهور مرة أخرى.

وقد أقرّ قانون صدر عام 1997 الحق في حرية الضمير والعقيدة لكل المواطنين، وبالإسهام الروحي للمسيحية الأرثوذكسية في تاريخ روسيا، واحترام “المسيحية والإسلام والبوذية واليهودية وبقية الأديان والعقائد التي تشكل جزءًا لا ينفكّ من الإرث التاريخي للشعوب الروسية”.

في عام 2012، كانت المسيحية الهوية الذاتية لنسبة 47.1 % من مجموع السكان الروس. وقد أظهر استطلاع عام 2012، أجراه مركز ليفادا أن 76% من الروس كانوا مسيحيين. وفي عام 2013 قدّرت مؤسسة الرأي العام أن 65% من الروس مسيحيون. وفي عام 2011 قدّر مركز بيو للأبحاث أن 73.6% من الروس مسيحيون. وفي عام 2011 قدّرت أبحاث إبسوس موري أن 69% من الروس مسيحيون. وفي عام 2010 قدّر مركز أبحاث الرأي العام الروسي أن نحو 77% من الروس مسيحيون.

في غياب الإحصاءات الدقيقة، تتباين تقديرات عدد المسلمين في روسيا وزيادة نسبتهم في المجتمع، وذلك مع تفوّق القوميات المسلمة، لا سيّما في شمال القوقاز، على غيرها من حيث معدّلات الإنجاب ونسبة الشباب بين أبنائها، في الوقت الذي توقّع فيه مجلس المفتين في روسيا ارتفاع نسبة المسلمين إلى 30 في المائة في خلال 15 عامًا.

عدد المسلمين في روسيا يقدر بحوالي 25 مليون نسمة قابلة للزيادة. إلا أنه لا تتوفر أي إحصائية دقيقة ترصد العدد الصحيح اليوم لمسلمي روسيا، وذلك لانفصال الدين عن الدولة. ولكن نسبة المسلمين الأصليين، بما فيهم التتار والبشكير، هي 10 % تقريباً، “أما إذا أضفنا إليهم القادمين من الدول التي كانت في ظل الاتحاد السوفييتي سابقاً فتقدر بنحو 30 % بحلول عام 2034 م، من إجمالي عدد السكان”، وفق قول كرغانوف.

تعود الاتصالات الأولى بين العالم الإسلامي والشعوب التي انضمت فيما بعد إلى الدولة الروسية، الى القرنين السابع والثامن الميلاديين. وفي منتصف القرن السابع وصلت الفتوحات الإسلامية الى شمال القوقاز وآسيا الوسطى. وبحلول مطلع القرن الثامن تمكن العرب من فرض سيطرتهم على جنوب القوقاز وما وراء النهر وخوارزم وفرغانة. وكان من بين نتائج الفتوحات إنشاء فضاء سياسي-اجتماعي موحد وانتشار واسع للدين الإسلامي فيه.

‎ولم يتوقف انتشار الإسلام بعد تفكك الخلافة كنظام حكم موحد في القرن التاسع، وهذا بفضل تعزيز العلاقات التجارية بين الشرقين الأدنى والأوسط ومناطق وسط أوراسيا بما فيها روسيا القديمة. ‎ويبدو أن أوائل المسلمين الذين عرفهم الروس، كانوا من سكان بلاد الخزر، حيث كان الإسلام منتشرًا بالإضافة إلى اليهودية والمسيحية.

بدأت الديانة الإسلامية بالانتشار في روسيا منذ القرن الثامن عشر داخل نطاق إقليم شعب داغستان الكائن في منطقة دربنت. وتعتبر ولغا بلغاريا أول دولة إسلامية كانت قد اعتنقت الإسلام في 922، وتوارثت الشعوب اعتناق الديانة الإسلامية بدءاً من التتار، ثم القوقاز، فاعتنق الأتراك الإسلام.

وتعتبر روسيا واحدةً من الدول التي دخلها الإسلام منذ أمدٍ بعيد، وبدأت الرقعة الإسلامية بالتوسع شيئاً فشيئاً في القرن السادس عشر، فاعتنقت الشعوب المقيمة في شمال القوقاز الديانة الإسلامية وهي داغستان، والشركس، والشيشان، والأنغوش بعد أن انضمّت إلى روسيا.

ولمّا كان المهاجرون الوافدون من آسيا الوسطى إلى روسيا بمعظمهم من المسلمين، تجاوزت قضية الإسلام في روسيا نطاقها الاجتماعي، متحوّلة إلى واحدة من المسائل المدرجة على الأجندة السياسية. ومع احتدام الجدال حول المبالغة في زيادة عدد المسلمين في روسيا، رأى الأستاذ في الجامعة الأوروبية في سانت بطرسبرغ، سيرغي أباشين، أنّ حركة الهجرة من آسيا الوسطى ليس لها أيّ تأثير يذكر على الوضع السكاني، مشيراً إلى تحوّل الأرقام إلى أداة سياسية. وقال أباشين لموقع قوقازي، إنّ “المهاجرين من آسيا الوسطى بمعظمهم مغتربون بشكل مؤقت، يحضرون ويغادرون من دون أن ينالوا الجنسية الروسية في أغلب الأحيان”.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد