بينما تُصدرُ السعودية بيانات استنكارها لتهريب الكبتاغون من لبنان الى السعودية، خوفاً على جيل شبابها الذي لولا الكبتاغون اللبناني لكان رائد الشباب في العالم العربي، وربما العالم، هناك أميرٌ سعودي لا يزال يقبع في السجون اللبنانية منذ العام ٢٠١٥، بسبب تهريب المخدرات على متن طائرته الخاصة.
هذه السعودية، التي صنفها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الأولى في استعمال المخدرات، تستهلك أكثر من نصف جميع كميات الكبتاغون التي جرى ضبطها في الشرق الأوسط بين عامي 2015 و2019، وينتمي غالبية متعاطي المخدرات السعوديين إلى الفئة العمرية من 12 إلى 22 عاماً، هذه السعودية التي تصلها ملايين حبوب الكبتاغون من أكثر من ١٠ دولٍ شهرياً، تذرعت بالمخدرات حتى تزيد من حصارها على لبنان، وكنا صدقناها لو لم تضغط في العام ٢٠١٦ للإفراج عن سمو الأمير الكبتاغوني، ولولا أنها لم تجمد بعد عامين هبة عسكرية كانت قد أعلنت عن تقديمها الى الجيش اللبناني.
المملكة، التي أعلنت وقف كل الصادرات اللبنانية إليها، بسبب العثور على شحنة رمانٍ محشوٍّ بالكبتاغون وصل إليها من لبنان قيل إنها أتت من سوريا، هي نفسها كانت قد عثرت في المدّة عينها على أكثر من ٣٠ مليون حبة كبتاغون مخبأة في الهيل الذي وصل إليها من الأردن، دون أن تتخذ أي إجراء تجاه المملكة الهاشمية.
هي ليست الحادثة الوحيدة، بل، وكما ذكر تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات، فإن ١٠ دولٍ تصدّر الحبوب المخدرة الى السعودية، ومن بين الدول العشرة اختارت المملكة لبنان فقط لمعاقبته دولةً وشعباً، لا بسبب جودة الكابتغون، إنما بسبب الكيد الذي بدأته السعودية تجاه لبنان منذ سنوات، وكان لا بدّ أن يتوّج بمقاطعة دبلوماسية كانت ذريعتها تصريحًا قديمًا لوزير الاعلام السابق جورج قرداحي، وعلى نفس النحو جاءت ذريعة الرمان لتطبق الرياض مقاطعتها للبنان تجارياً واقتصادياً.
في العام ٢٠١٩، أصدرت محكمة الجنايات في جبل لبنان حكمًا بالأشغال الشاقة لست سنوات على الأمير السعودي، ومن يِعتقد أنه أحد مرافقيه، يحيى الشمري، وغرّمت كلّاً منهما 10 ملايين ليرة بعدما أدانتهما بجرم الإتجار بالمخدرات، لكنها أسقطت عنهما جرم الترويج لها. يومها شكّل صدور الحكم على شخصية تتمتع بهذه الصفة الاجتماعية مفاجأة للبنانيين والمراقبين العرب، لا سيما أن محامي الدفاع عن الأمير ركَّز في دفاعه على براءة موكله وعدم علمه مطلقًا بمحاولة تهريب حبوب الكبتاغون، مرتكزًا بذلك على المتهم الثاني في القضية لإفادته مرات عديدة في مختلف مراحل التحقيق.
نعم، يومها كان لبنان يعاقب السعودية على إتجار أمرائها بالكبتاغون، أما اليوم، فترضخ الدولة، وتتهاون في استقالة وزرائها، ولو أن السعودية تطلب الآن، رغم القطيعة ودون مقابل، الإفراج عن الأمير، لكان المسؤولون تسابقوا الى الإفراج عنه، فوراً.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.