منذ الساعات الأولى لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى السعودية ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كثرت التحليلات والتعويلات على ما دار وما تم الاتفاق عليه خلال هذا اللقاء، لا بل قبل ذلك، منذ اللحظة التي أعلن فيها الوزير جورج قرداحي نيته تقديم استقالته.
كلٌّ يسعى الى أخذ النتائج الى حيث يريد وحيث يشاء، وبما ينسجم مع ما يروج له. ربما كما يرى الكثيرون من المبكر الحديث عن نتائج لهذا اللقاء، لكن متابعةً لما جرى خلال الاسابيع الماضية وافتعال السعودية الأزمة مع لبنان وما رافقها من شروط سعودية لعودة العلاقات والحديث الواضح عمّن هو غريم بن سلمان في المنطقة لا يمكن القول إن هناك شيئًا ما تغير في السياسة العلنية. لكن رغبة السعودية، ولو ضمنيًّا، في من ينزلها عن الشجرة كان واضحًا، ليس حبًّا بلبنان ولا تراجعًا عن شروطها وموقفها تجاه حزب الله، لكن هناك معطيات وتطورات إقليمية وحتى داخلية في لبنان تفرض على المملكة أن تعترف ولو ضمنيًّا بأن خطوتها التصاعدية كانت ارتجالية، إن دلت على شيء فهي تدل على ضعف السياسة وفقرها في التعامل مع المستجدات والتطورات على أرض الواقع في المنطقة.
السعودية تدرك وتعرف أن الهدف الأميركي، كما الفرنسي، في هذه الفترة، بخصوص لبنان، هو تمرير الاستحقاق الانتخابي والتعويل عليه في تغيير الواقع الداخلي اللبناني. وكذلك فإن السعودية تراهن على هذا الاستحقاق، وهي تشرف على الكثير من الاصطفافات، ولو ليس في العلن، وهي كذلك تواصل دعمها المالي للقوات اللبنانية لخوض هذه الانتخابات.
لكن عقدة بن سلمان في هذه المرحلة هي طبيعة تعامل الرئيس الأميركي جو بايدن معه وحالة الاستخفاف به. وبالمقابل تشعر السعودية أن هناك الكثير من الملفات التي يتم ترتيبها في المنطقة بعيدًا عنها، لا بل حتى لم تتم الاستجابة الى ما تسعى إليه وتنتظره من بعض القوى، في أن تساعدها في إخراجها من المستنقع اليمني.
وفي ملخص اللقاء الفرنسي السعودي، إذا عدنا إليه، نجد أن لا رؤية واضحة أو تعهدات يمكن البناء عليها، بل ما صدر هو كلام عمومي لن يغير الكثير على ارض الواقع. وستبقى الرهانات على الاستحقاقات القادمة أو الإشارات الخارجية المرتبطة بملفات المنطقة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.