عندما يحصل خلاف سياسي بين أي دولتين، غالباً ما تتجه الأنظار نحو الرأي الشعبي من هذا الخلاف، وفي غالب الأحيان لا ينسحب الخلاف السياسي على القاعدة الشعبية لكلا الدولتين. ولأن “في المواقف تظهر معادن الرجال”، فإنه بعد انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي ظهر موقف الشعب السعودي على حقيقته، حيث بان ما يختلج قلوب السعوديين تجاه لبنان واللبنانيين.
وفي هذا السياق سنعرض عينة من المواقف التي تختصر الموقف الشعبي السعودي من الخلاف السياسي مع لبنان، من خلال التعليق على هبوط الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، وهي على الشكل التالي:
- اللهم زد وبارك، وإن شاء الله من هبوطٍ إلى هبوط، فدولة لبنان تستحق ما يجري لها.
- لا دخل لنا بهم، انسوهم فنحن لا نريد أخبارهم، فنحن قد قطعنا العلاقات معهم.
- هذا الانهيار قد حصل ونحن السعوديون لم نسحب ودائعنا التي في مصارفهم فما بالك لو سحبت المملكة ودائعها.
-بعد الانهيار سيأتون إلينا ويعتذرون عبر برنامج المسامح كريم.
-الآن ستتعرفون على معنى البدو على الحقيقة.
-بإذن الله سنستقدم اللبنانيات كعاملات منزلية لدينا واللبنانيين عمال تنظيف نفايات، وبهذه الطريقة سيساهمون بتطوير المملكة.
-هذه هي ضريبة معاداة السعودية والسعوديين، وتفضيل إيران علينا، أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية، لذلك “فليزوقوا” ما عملت أيديهم من أجل سواد عيون إيران.
-أمنيتي التي أريد من الله أن تتحقق، وهي أن لا تعود العلاقات نهائيًا مع لبنان.
-الحزم مع لبنان هو الصحيح.
-يجب طرد اللبنانيين العاملين في المملكة الذين يتكبرون علينا ويستحوذون على فرص عملنا، فلم نستفد من هؤلاء بقدر ما قد استفادوا هم من خيرات بلادنا، كما نخشى أن يكون من بينهم أناس يدعمون أعداء المملكة كما حصل في الكويت والبحرين.
قلة قليلة دعت إلى عدم الشماتة باللبنانيين، وأنه مهما حصل يبقى الشعب لا دخل له بما يقوم به مسؤولوه، ويجب الابتعاد عن البغض للشعب اللبناني “الذي لا يستحق منا هذه المعاملة”.
هذه العينة تظهر الكم الهائل من الكره والحقد على لبنان واللبنانيين جميعًا، ولا يخرج أحد ليقول إن هذا رأيهم باللبنانيين المؤيدين لمحور المقاومة، فهذا ينسحب أيضًا على اللبنانيين الذين يعتبرون أنفسهم حلفاء للمملكة. وفي هذا السياق من الجيد ذكر تعليق لسعودي على حديث لأشرف ريفي حيث قال: “لا أنتم لستم بأخوة لنا، بل أنت عبارة عن أجير لدى السعودية حينما تريد منك أن تتكلم تفتح فمك، وعندما تريد منك أن تصمت تقفله”، وهناك الكثير الكثير من الشواهد من التوبيخ اليومي من قبل كتاب المملكة لمن يسمون أنفسهم حلفاء السعودية.
وبناء على ما تقدم، ألم يعِ اللبنانيون بعد أن السعودية دولة لا يمكن التعويل عليها، ولم تكن ولن تكون صديقة للبنان، كونها تحمل هذا الكم من البغض والاستعلاء، فلا توفر المملكة مناسبة إلا ويمن بها مسؤولوها على اللبنانيين بما قدموه من دعم مزعوم لم يصل إلى الشعب اللبناني منه سوى بعض الفتات، وفي المقابل هناك أصدقاء حقيقيون للبنان قدموا له الكثير، وقد لمس الشعب اللبناني ذلك لمس اليد، وهذا النوع من الأصدقاء الذي يحتاجه لبنان في الوقت الراهن؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.