من أخطر واعقد أشكال الحرب الناعمة على بلاد العرب هو الفيلم المصري. وربما يتفاجأ كثيرون من هذا الطرح؛ فمنذ أكثر من سبعين عامًا والفيلم المصري يدخل حياتنا بالكامل، ولطالما التفَّت الأُسَر العربية الطيبة حول الفيلم المصري ليلًا او نهارًا. وأخطر ما في الفيلم المذكور دائمًا هي فكرة الفيلم الذي تُحاك عقدة الدراما فيه بشكل خطير وخبيث لا ينتبه المشاهد العادي إليها؛ فلو أخذنا المرأة في الفيلم المصري نجد ان التركيز عليها غاية في التزوير وتشويه شخصيتها، وما وضع فتياتنا في العالم العربي اليوم إلا مرده للفيلم المصري الذي رسّخ مفهوم المرأة طوال عقود من الزمن.
في الفيلم الأميركي ترى المرأة الأميركية كما هي بتربيتها وثقافتها ومفاهيمها ولا يمكن أن تكون إلا أمريكية حسب واقع الحياة، وكذلك الفيلم الهندي ترى المرأة الهندية كما هي رغم التطور الكبير الذي دخل على السينما الهندية، تجدها في هندامها الهندي المعروف وبالدائرة الحمراء الصغيره المطبوعة على جبينها، واينما حلّت تراها كما هي هندية الشكل والمضمون. وأما المرأة المصرية في الفيلم المصري، والذي أصبحت ممثلاته بكل أسف مثلاً أعلى لملايين الفتيات في العالم العربي طوال أجيال وأجيال، فأمرها أمر آخر، وسأعطي أمثلة على أسماء بعض الأفلام المصرية لتكتشف كم هو العنوان خطير ويشوه حقيقة المرأة الإنسانية والاجتماعية: “الشيطان امرأة”، “العذاب امرأة”، “غابة من السيقان”، “الشيطان أصله امرأة”، “زوجتي والكلب”، “عصابة النساء”، “انت لست زوجي”، “خدني بعاري”، “قبلني في الظلام”، “امرأة سيئة السمعة”، “الراقصة والطبال”، “الراقصة والسياسي”، “الزوجة ١٣”، “امرأة واحدة لا تكفي”، “الهاربة”… وإن عدَّدنا ما تبقى من هذه النماذج لا ننتهي ابداً.
هذه العناوين للأفلام المصرية كفيلة بأن تشوه مفاهيم وعادات وتقاليد، وهم يعلمون تماماً ان تشويه المرأة العربية كفيل بتشويه كل شيء لأنها هي الأم والأخت والابنة. وكلنا نعرف انه ما من فيلم مصري إلا وفيه راقصة تهبط من السماء ولا علاقة لها بمضمون الفيلم، والغاية طبعاً تقديم جسد المرأة بشكل رخيص جداً. وهناك نقطة اساسية مهمة لعب عليها الفيلم المصري فكانت غاية في الخطوره وهي ان المرأة المحجبة في اي فيلم هي الخادمة والفقيرة والمعاقة، اي الغلبانة، وكذلك الشحاذة، اما المرأة الناجحة والمنطلقة والمثقفة وسيدة نفسها وقرارها فهي السافرة والشبه العارية تقول ما يحلو لها دون ضوابط شرعية او اجتماعية، تظهر في المايوه فاجرة بوجه زوجها وأبيها واخيها متمردة على كل شيء بدون اي سبب يُذكر. والأخطر أيضًا ان الفيلم المصري دائماً يوجِد التبرير لها لخيانة زوجها ولم ارَ مبررًا واحدًا يُقْنِع. ناهيك عن المشاهد الفاضحة التي تدخل بيوتنا جميعًا وهي ليست من ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وتراثنا.
بالاختصار لم أعد اعرف المرأة المصرية او العربية من اي صنفٍ هي ومن اي مجتمع ولا وجود لها في واقع حياتنا بل ابتكروا امرأة جديدة لا هوية لها ولا وطن سوى انها جسد بلا روح او حياة. أليست هذه حربًا ناعمة ابتكرتها ايدٍ عربية مسلمة ساهمت بشكل مباشر بتفكيك الأُسَر وخدمت اعداءنا ولم نجنِ منها إلا انحلال الكثير من أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا؟
وللبحث صلة وتكملة حول الفيلم المصري ومساهمته في الحرب الناعمة والخشنة علينا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.