مصطفى خازم – خاص الناشر |
مرت الأعوام بسرعة، ولكن الذاكرة يجب أن لا تنسى. قبل واحد وأربعين عاماً، صحونا على عويل وصراخ.
مجزرة في صبرا وشاتيلا. حزام بؤس صنعته الأمم الصامتة على قرار العودة، وتسلط أكثرية متحكمة بالعباد.
والذي لا يعرفه البعض أن المجزرة لم تستهدف الفلسطينيين فقط، فآل المقداد وآل فرحات وآخرون من اللبنانيين، كانوا شركاء في المصيبة والعزاء.
لم يطلب المجرمون يومها بطاقات الهوية من ضحاياهم، فالمشكلة هي المخيم، يجب أن يختفي عن وجه الأرض.
هكذا هم الصهاينة، وهكذا هم صغارهم، ولو حملوا الهوية اللبنانية، ولا سيما أنهم كانوا قد مهروا الولاء للعدو، في مجازر الكرنتينا والنبعة وبرج حمود وتل الزعتر، وما أدراك ما تل الزعتر، بدمنا.
استفاقت بيروت وضاحيتها على أكوام من الجثث فخرجت تبحث عن وجوه احبائها. يكاد المار في أزقة المخيم يتعثر بالأشلاء، ولكنه يمر برفق رأفة بالموتى الأحياء.
هنا رأس مضروب بساطور، وهناك كتف مقطوعة بحربة، وهنالك جثث مرمية بطلقات رصاص من رأسها إلى أخمصَي قدميها.
كبارًا صغارًا، نسوة ورجالًا وشيوخًا.
لم يترك لهم الجزار وصبيته مجالًا للفرار. أطبقوا عليهم وهم نيام.
أكثر من 40 ساعة والعملية مستمرة، تصفيات عن سابق إصرار وتصور وتصميم على الإبادة. عدد الضحايا لم يحصر حتى اليوم. بعض المصادر تحدث عن 3000 و3500 أكثر من ربعهم كان من اللبنانيين والباقي من الفلسطينيين.
مقابر جماعية للضحايا، فيما آوى بعض البيوت قتلاه تحت ركامه.
البعض نجا.. وتحدث.
مجزرة كهذه يصمت لها كل العالم.
لا نريد أن نقارن، ولكن لماذا تأخذ 11 أيلول/ سبتمبر كل هذه الدعاية السنوية، فيما مخيم صبرا وشاتيلا ينام مع مجزرته في أقبية الإعلام.. والسياسة؟
بعد صبرا وشاتيلا.. التاريخ كتب بالدم الفلسطيني واللبناني.. وهما أصلًا ما افترقا.. كيف لا والعدو واحد؟
صبرا وشاتيلا رسمت معلمًا لم يترك مجالًا للتقاعس، فلو نجح المجرم في إدخال الرعب الى النفوس لسقط الوطن.
من صبرا وشاتيلا تعلم المقاومزن أن النوم على مخدة الحضارة العالمية قد يكون إلى غير استفاقة.
فاليد على الزناد وحدها تأتي بالفجر الصادق في تالي الأيام.
صبرا وشاتيلا مجزرة أحيت أمة، وحققت توازن الرعب وصنعت الانتصارات.
لا تنسوا صبرا وشاتيلا فيجرفكم التاريخ الى الدرك الأسفل.. وأعدوا العدة لمواجهة أي جزار وأي مجرم..
فهل يستفيق النائمون، ويتذكرون أن العدو لا يريد لهم الحياة، بل الموت بضربة ساطور؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.