لربّما البعض لم يسمع حتّى باسمها “الغجر”، أو لا يعنيه من الأمر سوى منفعة ماديّة ورضا المشغّل، ولأنّ أسير المال لا تعنيه الكرامة والحقوق، بتنا أمام سوق المزادات في هوية الانتماء والوطنيّة.
“إسرائيل” المستعمِرة لم تقبل بما تعتبره تعدّيًا على ما تعتبره -أيضًا- تبعًا لملكيّتها وهيمنتها، وهي تقلّب وجهة الإعلام الذّليل بين راحتي حقوقها المزعومة، والمساهمة في التّجييش ضدّ المقاومة وتشويه الحقائق، فأين أنتم يا دعاة السّيادة؟
إن كنتم ممّن لا يزالون يراهنون على التّطبيع، فيكفيكم أن تنظروا حال الضّفة وجنين، لتعرفوا مدى الفارق الزّمانيّ الّذي يفصلكم عن الواقع وتطوّرات الأحداث، وفي مقلبٍ آخر يكفيكم ما جرى في أفغانستان مثلًا تُستقى منه العِبَر والدّروس.
صّدّقوا أو لا تصدّقوا، فإنّ خيمةً من قماشٍ نُسِج بدمٍ حرٍّ، باتت تفوّقًا في الرّدع، ولا تُنزَع لأنّها رمزٌ من رموز الحقّ واستعادته.
لبنان لم يستعِد بعدُ كامل أراضيه وفق الخرائط التّاريخيّة المعترف بها، وإن كانت اليوم تُطبَع خرائطهم المزيّفة فذلك بتشجيعٍ من الخائنين، لأنّ فعاليّة قوّتهم وتسلّحهم باتت محلّ نقاش، لا جدال في أنّ الأحمق يستطيع استعراض قوّة عضلاته، لكن المسلّم به أنّ استعراضه هذا لا يجرّ عليه إلّا النّدم في كلّ مرّة يحاول فيها التعقّل حسب فهمه. هكذا بات هذا الكيان المؤقّت منكفئًا عن ساحة الهجوم والمبادرة، وهو يُخفي عن جمهوره حقيقة الهزائم الّتي يُمنى بها.
خيمتان من قماش في وجه الميركافا المحصّنة، أرعبت قلوبًا مشتّتة. نحن لا نزال في عطلةٍ صيفيّة ونخيّم في ربوع أرضنا الّتي لا نقايضها بأيّ ثمن، وكلّ الحقّ لنا بأن نتصدّى لمن يحاول السّرقة جهارًا تحت أعين الأمم المستعبَدة، فلا تهديدهم يصل مسامعنا ولا صراخ أذنابهم يمنعنا من مواصلة طريق الدّفاع عن الحقوق واسترجاعها. خيمتان من قماش في أرضٍ لبنانيّة ينهال عليها سيلٌ من الاعتراضات التافهة الرخيصة، لم يتكلّم بعد مَن هم داخلها، فقد أجادوا بصمتهم نسف توازن الرّدع المزعوم. خيمتان من قماش على أرضنا اللّبنانيّة نُصبتا للتقدّم وحبس أنفاس العدو المتوغّل الّذي لا تُخيفه إلّا المقاومة.
ما أسرع ما ستُنقلان إلى العمق وإلّا لا معنى لمجاورتهما الحدود المصطنعة. البعض تفلسف ووصف الأمر بالاستفزازي، وهنا سؤال وجيه: لمَن هذا الاستفزاز؟ لمَ لم يستفزّهم خرق العدو المستمرّ لسيادة أرضنا وسمائنا وهوائنا واللّائحة تطول؟!
“إسرائيل” سقطت منذ العام ١٩٨٢، حقيقةٌ تعمى عنها العيون الحاقدة، ولكي تثبُت المقولة ها هم اليوم يرونها بالفعل، والمقاومة الّتي في ريعان الأربعين باتت هاجس العملاء الّذين لا يكفّون عن بثّ سموم مغالطاتهم وحساباتهم الشّخصيّة والّتي لن تقودهم إلّا إلى الاضمحلال في وطنٍ مستقبله للشّرفاء المتحابّين فيما بينهم والأشدّاء على من يعاديهم.
خيمتان من قماش ستعبران لتُنصبا في القدس وإن كرهت الدُنيا ومن فيها… قريبًا
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.