د. طنوس شلهوب – الناشر |
انطلقت في العاصمة الجيورجية تبيليسي مظاهرات على نسق “الميدان” الأوكراني في كييف احتجاجًا على محاولة البرلمان إقرار مشروع مقترح من الحزب الحاكم يحظر نشاط المنظمات المحلية التي يتعدى تمويلها الخارجي 20 بالمئة من ميزانيتها، ويصنّفها منظمات عميلة للخارج.
وبالتدقيق في جوهر القضية، فإن الجهات الخارجية الممولة للأن جي أوز ليست بالتأكيد روسية أو صينية، إنما هي بشكل أساسي أميركية وأوروبية غربية.
وترافقت هذه الاحتجاجات مع استخدام المحتجين لقنابل المولوتوف في مواجهة الشرطة التي حاولت منعهم من تطويق البرلمان والدخول إليه، ولظهور مجموعات شبابية شبه عسكرية ذات شعارات نازية، في تكرار لعملية الانقلاب بواسطة “الميدان” التي قادتها السفارة الأميركية في كييف، وأدت لإسقاط الرئيس الأوكراني ياناكوفيتش “المنتخب ديمقراطيًا” وفق التعبير الأميركي.
إن الحزب الحاكم في جورجيا (حزب الحلم الجيورجي) وصل الى السلطة بنتيجة انتخابات “شرعية” باعتراف الغرب الإمبريالي، وكانت البلاد قد عانت من اضطرابات على خلفية سياسة الرئيس الأسبق ساكشفيللي، الأميركي الجنسية والهوى، والذي ورط البلاد في العام 2008 في مغامرة عسكرية ضد روسيا أتت بنتائج كارثية على البلاد والجيش، وأدت لانفصال أوسيتيا وأبخازيا عن جورجيا.
وبالرغم من سحب الحزب الحاكم لمشروع القانون الحالي، فإ الاحتجاجات لم تتوقف، مع حملة سياسية وإعلامية شعواء من قبل الغرب ضد الحكومة الجيورجبة.
وما يجري في جورجيا اليوم ليس منفصلًا عن المواجهة الكبرى في أوكرانيا بين الناتو وروسيا، حيث تسعى دول الناتو بزعامة الولايات المتحدة الأميركية لفتح جبهات عسكرية جديدة ضد روسيا، وحتى الآن لم تنجح محاولتهم لفتح جبهة ضد مقاطعة ترانسنيستريا، وهي مقاطعة روسبة في مولدافيا، مما دفعهم الى تفعيل الخيار الجيورجي.
إن الرهان الأميركي في جيورجيا هو الآن على القوميين الشوفينيين أصحاب الرؤوس الحامية المعادين للروس، وهؤلاء مستعدون لزج البلاد في اتون حرب سيدفع ثمنها الشعب الجيورجي خدمة للمشاريع الإمبريالية، ويمكن ضمان مصالح البلاد وتجنيبها ويلات الحروب إذا توفرت موازين قوى عمادها الوطنيون الجيورجيون في مواجهة أصحاب الرؤوس الحامية منعًا لتكرار التجربة الأوكرانية.
جورجيا اليوم على مفترق طرق..
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.