موثق العمليات هو جندي يخضع لتدريب قتالي، وبعد ذلك يخضع لتدريب على التوثيق خلال العمليات العسكرية في الوحدة التابعة للناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الموثق يطلب منه الجمع بين مجالات التصوير والمونتاج والنشر لعمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي جواً وبحراً وبراً، ولذلك ينضم جنود التوثيق للعمليات العدوانية التي تقوم بها الوحدات المختلفة في جيش الاحتلال.
كان التوثيق مصاحبًا لأنشطة جيش الاحتلال الإسرائيلي لفترة طويلة، ولكن مع اندلاع الانتفاضة الثانية (سبتمبر 2000) زاد النقاش والاهتمام بالقضية في الأوساط العسكرية الإسرائيلية، وطرحت مقترحات عدة لإنشاء وتدريب وحدة من المصورين، الذين تتلخص مهمتهم في توفير صور ومقاطع فيديو من العمليات العدوانية التي ينفذها جيش الاحتلال، لقناعة وحدة الناطق باسم جيش الاحتلال بأهمية هذا العمل في العمليات النفسية ضد الفلسطينيين.
خلال النقاش الدائر حول أهمية الوحدة بالتزامن مع أحداث الانتفاضة الثانية، قرر رئيس أركان جيش الاحتلال في ذلك الوقت، موشيه يعلون، إنشاء مجموعة (وليس وحدة) تقوم بعملية التوثيق، واعتبر أن هذا يوفر “رواية إسرائيلية”. في أبريل 2001، تم افتتاح الدورة الأولى للأفلام الوثائقية القتالية، وخلال اجتياح مدن الضفة الغربية، تم دمج المجموعة بفرق جيش الاحتلال.
أهمية المجموعة بالنسبة لجيش الاحتلال، كانت تتلخص في التالي:
تقديم صورة إيجابية عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، واستخدام بعض الصور والفيديوهات لنفي ارتكاب مجازر وانتهاكات بحق الفلسطينيين.
يساعد التوثيق للعمليات العسكرية الناجحة في تعزيز الشعور بالأمن لدى قوات الاحتلال والمستوطنين، وقد استفاد الاحتلال من صور الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها وكذلك صور المعتقلين من المقاتلين في تعزيز هذا الشعور.
يفترض جيش الاحتلال أن مقاطع الفيديو التي ينشرها تؤثر على نفسية المقاتلين وقد تدفعهم للاختفاء وعدم والحركة وهو ما يعني تعطيل فاعليتهم.
المفارقة المهمة، والتي تكشف أهداف هذا النوع من التوثيق، أنه خلال معركة جنين في 2002 لم يتم دمج الموثقين بقوات جيش الاحتلال خوفا من توثيق مشاهد تضر بالصورة التي يحاول جيش الاحتلال أن يخلقها حول قدراته، وقد كان تقدير الموقف لدى قادة جيش الاحتلال أن المعارك ستكون ضارية، وللسبب المذكور لا يوجد أي توثيق عسكري إسرائيلي من تلك المعركة، وهذا ما يؤكد أن التوثيق مصمم لخدمة الأغراض العسكرية والنفسية الإسرائيلية.
في عام 2006 شكل جيش الاحتلال وحدة خاصة بشكل مستعجل تُدار من مقر قيادة جيش الاحتلال “الكرياه” تتلخص مهامها في معالجة الصور الصادرة من الميدان، وتضم 200 من الجنود المدربين على التصوير والمونتاج، توكل إليهم مهمة التقاط الصور التي قد تشكل إهانة لشعور العدو بالقوة وتضرّ بثقافة الاشتباك. يكشف الجنرال احتياط في جيش الاحتلال “إيلان كفير” في كتابه “اهتزت الأرض” أن قيادة هيئة أركان جيش الاحتلال ضغطت على القوات في الميدان من أجل الحصول على صور لمقاتلين لبنانيين وهم يستسلمون خلال الحرب على لبنان عام 2006. في المقابل تشير بعض الشهادات الإسرائيلية إلى أن الجيش اشترى كاميرات خلال الحرب ووزعها على عدد كبير من الجنود، لكنهم لم يحسنوا استخدامها، وساهمت شدة المعارك في عدم تصوير أي مشهد قتالي.
في عام 2012 تقرر تغيير هيكل الوحدة، بحيث أصبحت وحدة قائمة بحد ذاتها، وأعلن عن إنشائها رسمياً في عام 2012. وفي عدوان 2014 كان أول نشاط عملياتي واسع للوحدة، وانضم أفرادها لكتائب المشاة والوحدات الأخرى أثناء العدوان على قطاع غزة. وفي نوفمبر 2018، تقرر استيعاب المجندات في الوحدة، وتوسع نشاطها ليشمل الشمال والجنوب والوسط.
وحدة التوثيق العملياتي أصبحت من أهم الوحدات العسكرية بالنسبة للجيوش الغربية وكذلك جيش الاحتلال في السنوات الأخيرة، للأسباب التالية:
الحاجة إلى إجراء تحقيق شامل واستخلاص الدروس بعد كل عملية.
الحاجة إلى جمع معلومات استخبارية عن نشاط العدو.
ضرورة توثيق الأحداث لأغراض الدعاية.
الحرب الإعلامية وتحقيق صورة النصر.
في ضوء ما سبق، يشير الحارس إلى أن هذه الوحدة، لا تنشر أي مقطع فيديو أو صورة إلا بعد مروره في معالجة تضمن الأهداف التي أنشئت لأجلها، ولذلك فإن المساهمة في نشر مقاطع الفيديو والصور التي يبثها جيش الاحتلال يغذي أهداف هذه الوحدة، إذ أن الفلسطينيين يعتبرون جمهورا مهما بالنسبة لها.
الحارس للبحوث والدراسات
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.