أعلن وزير الطاقة الروسي أن بلاده والحكومة الصينية بصدد توقيع اتفاق مهم لتوريد 50 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين. فيما يأتي هذا في وقت تسعى فيه أوروبا لوقف استيراد الطاقة من موسكو، ما قد يؤثر سلباً على مداخيلها من تلك الصادرات.
حتى يونيو/ تموز الماضي، لم تؤثر الحرب في أوكرانيا وما لحقها من عزم غربي على فك الارتباط مع الغاز الروسي، على عائدات “غازبروم” الروسية. إذ ظلت هذه العائدات عند مستوياتها ما قبل الحرب، بما يعادل 100 مليون يورو في اليوم فقط من الصادرات نحو أوروبا، على الرغم من خفض تلك بما يقارب 25%.
وأرجع محللون استقرار تلك العائدات إلى ارتفاع أسعار الغاز في السوق الدولية، فيما يبقى الاقتصاد الروسي مهدداً بالتضرر إذا انهارت تلك الأسعار في السوق الدولية. الأمر الذي يفرض على موسكو البحث عن زبائن جدد لهذا الصنف من الصادرات الطاقية، ما دفعها إلى الالتفات نحو الصين لتكون الزبون المستقبلي الأكثر أهمية.
وهو ما أتى تزامناً مع قمة شنغهاي التي استضافتها العاصمة الأوزبكية سمرقند، التي التقى فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الصيني شي جين بينغ، حينما أعلن وزير طاقة روسيا ألكسندر نوفاك، أن بلاده بصدد توقيع اتفاق مع الصين من أجل تصدير 50 مليار متر مكعب من الغاز، عبر أنبوب “قوة سيبيريا 2” الذي يربط البلدين.
الغاز محور تقارب صيني-روسي
وحسبما نقله التلفزيون الرسمي الروسي الخميس أشار وزير الطاقة ألكسندر نوفاك، إلى أن روسيا والصين ستوقعان قريباً صفقة لتسليم “50 مليار متر مكعب من الغاز” سنوياً، عبر خط أنابيب “قوة سيبيريا 2” الرابط بين البلدين عبر منطقة ألتاي في منغوليا.
وفي ذات السياق، أضاف الوزير أن صادرات الغاز الروسي في 2022 ستنخفض بمقدار 50 مليار متر مكعب، وهي نفس الكمية التي تنوي البلاد تصديرها شرقاً نحو الاقتصاد الصيني المتعطش للطاقة.
في 2021، بلغ استهلاك الصين من الغاز الطبيعي ما يزيد بقليل عن مليار متر مكعب يومياً، أي نحو 367 مليار متر مكعب في السنة. وبلغت الواردات الصينية من الغاز الروسي، برسم نفس العام، مقدار 16.5 مليار متر مكعب. وبموجب الاتفاق الجديد تقفز هذه الواردات إلى عتبة 56.5 مليار متر مكعب في السنة.
وأوردت وكالة “بلومبيرغ”، في تقرير لها، أن الصين أحد الرابحين الكبار من الحرب في أوكرانيا، إذ حافظت على موقف متوازن مما يقع هناك، بالمقابل لم تغلق الباب في وجه روسيا، ما جعلها تستفيد اقتصادياً وسياسياً من هذه الوضعية. وذكرت الوكالة أن الصين اشترت شحنات غاز مسال روسي بنصف ثمنها، وأن الصادرات الصينية نحو روسيا زادت بـ 50% خلال الأشهر الثمانية الأخيرة.
بديل “نورد ستريم 2”
وتطمح موسكو إلى أن يعوض خط “قوة سيبيريا 2” نظيره “نورد ستريم 2″، الموقوف عن العمل منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وهو ما أكده وزير الطاقة الروسي، في حديثه الخميس، بالقول: “نعم، سيحل خط الأنابيب الأسيوي (قوة سيبيريا 2) محل نورد ستريم 2”.
ويعود إعلان بناء خط “قوة سيبيريا 2” إلى سنة 2011، إثر زيارة بوتين لبكين، حيث أعلن أن القدرة الاستيعابية للخط الجديد ستبلغ 80 مليار متر مكعب من الغاز في السنة، بميزانية إجمالية تتراوح بين 10 و13 مليار دولار أمريكي. وسيبلغ طول هذا الخط نحو 6700 كيلومتر، ويُرجَّح الانتهاء من أشغاله بحلول 2024.
ويكافئ هذا الخط الجديد نظيره المتوجه نحو أوروبا “نورد ستريم 2″، الذي تبلغ قدراته الاستيعابية 55 مليار متر مكعب من الغاز في السنة.
ويغطي الاتفاق الصيني-الروسي المرتقب حول الغاز الكميات ما يعادل ثلث واردات أوروبا من الغاز الروسي، والتي بلغت سنة 2021 حوالي 155 مليار متر مكعب، كما الكمية التي من المرجح أن تخسرها روسيا من تلك الواردات خلال السنة الجارية.
TRT عربي
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.