في الحرب القادمة، سلاح الجو سيُشل

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

منذ سنين يحاولون خلق صورة بطولية لسلاح الجو وكأنه سلاح الجو الافضل في العالم، وطالما أن هذا هو الوضع فان الجمهور يعتقد بأنه يمكننا الهدوء. الواقع مختلف كليا، وهذه نقطة في بحر المشكلات التي ستؤثر بشكل كبير على سلاح الجو في الحرب القادمة متعددة الساحات.

في سلاح الجو هناك نوعان من الثقافة التنظيمية: كل ما يتعلق بتدريب الطيارين وقدرتهم المهنية وجودة الطائرات واستخدامها، واستخلاص الدروس وتطبيقها، تحقيقات امينة – في هذه المواضيع تضع القيادة العليا معظم اهتمامها. ثقافة تنظيمية في أفضل حالاتها، لكن في نفس هذا السلاح توجد ثقافة تنظيمية معيبة في كل ما يتعلق بإعداد قواعد السلاح للحرب متعددة الساحات.

اهتمام القيادة العليا في سلاح الجو باستمرارية الوظيفية في قواعد السلاح في الحرب القادمة متعددة الساحات هو اهتمام ضئيل، وتأثيره غير واضح في تحسين الوضع. يبدو أن القيادة العليا في سلاح الجو منشغلة بقمة الهرم – الطيارين والطائرات – لكنها لا تنشغل كما ينبغي بقاعدة الهرم، التي بدونها لا يمكن للقمة أن تعمل.

في الحرب القادمة متعددة الساحات ستشكل قواعد سلاح الجو هدفا استراتيجيا للعدو. صواريخ دقيقة مع رؤوس حربية بوزن مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة التي سيتم اطلاقها كل يوم على قواعد السلاح من مسافة مئات الكيلومترات، وايضا من قبل الطائرات بدون طيار. اسراب من المسيرات ستطلق كل يوم على قواعد سلاح الجو وستضر بشكل كبير باستمرارية أداء القواعد واقلاع الطائرات.

سلاح الجو غير مستعد لهذا الوضع ولا يوجد لديه أي رد. الوحيد الذي يحاول الانشغال بهذا الامر امام نواب قادة القواعد المسؤولين عن هذا الموضوع هو رئيس قسم استمرارية الأداء في السلاح، برتبة مقدم. وبدون اهتمام ودعم من القيادة العليا التي توجد فوقه فإن لا شيء حقيقيا سيحدث. ايضا القليل الذي حدث في قواعد السلاح من ناحية القوة البشرية ووسائل ضمان الاستمرارية الوظيفية في الحرب القادمة متعددة الساحات، آخذ في التدهور بوتيرة عالية جدا.

في كل قاعدة لسلاح الجو هناك كتيبة احتياط هي المسؤولة عن الاستمرارية الوظيفية للقاعدة اثناء الحرب، من اجل تمكين الطائرات من الاقلاع والهبوط وأداء مهمتها. مسؤولية الكتائب المذكورة اعلاه مثل جمع الشظايا من الممرات في اعقاب انفجار صواريخ العدو، اطفاء الحرائق في القواعد بسبب اصابة مباشرة بالصواريخ، معالجة المصابين ونقلهم الى المستشفيات، معالجة كل احداث تلقي الضربات على القاعدة: بناء صورة الامتصاص، عزل الحدث، معالجة ما يسقط وعودة مكان العمل والقاعدة الى الكفاءة الكاملة. مع ذلك، لم يتم القيام بأي عمل منظم في السلاح لسنوات كثيرة. منذ انشاء كتائب استمرارية الاداء قبل سنوات فإن الجيش لم يعترف بها ولم يقم بتنظيمها. هذا الامر أدى الى نقص كبير في القوة البشرية والمعدات والسيارات. لذلك، هذه الكتائب لن تتمكن من القيام بمهمتها في الحرب القادمة، أي إن اقلاع طائرات الهجوم وهبوطها سيتضرر بشكل كبير.

الى هذا يمكن اضافة تزويد طائرات سلاح الجو بالوقود، في الوضع العادي وفي زمن الحرب، الذي يرتكز بالأساس على شركة مدنية خاصة، “باز” للخدمات الجوية، فهي تشغل نحو مئة موظف ومزود للوقود في الطائرات الذين في معظمهم يخدمون في الاحتياط ايضا. المعدات في معظمها هي لسلاح الجو. السائقون والمزودون للوقود هم موظفون في الشركة. سلاح الجو يعتمد على الشركة التي يعتمد عليها تزويد الطائرات في الوضع العادي وفي الحرب. ولكن بسبب أن سائقي صهاريج الوقود يتبعون في الحرب لسلاح البر فلن يكون هناك من سينقل الوقود الى الطائرات. خلال سنوات وحتى الآن لم يتم العثور على أي حل يجسر الفجوة بين احتياجات سلاح البر لسائقي الصهاريج والشاحنات وبين طلب سلاح الجو أن يبقى السائقون في وضع الطوارئ في شركة “باز للخدمات الجوية” من اجل ألا يتم التشويش على تزويد الطائرات بالوقود.

معظم الكتائب التي تعمل باستمرارية الأداء توجد الآن في وضع تفكك متقدم. ايضا في الكتائب التي ما زالت توجد فيها قوة بشرية لا توجد انظمة للإطفاء أو وسائل لإطفاء الحرائق، ولا توجد تقريبا سيارات اسعاف لنقل المصابين الى المستشفيات ولا توجد سيارات للتنقل والسيطرة في ارجاء القاعدة. رجال الاحتياط يمكنهم استخدام سياراتهم الخاصة، لا توجد قوة بشرية أو معدات كافية لجمع شظايا الصواريخ عن مدرجات الاقلاع في وقت معقول، لا توجد نظرية قتالية موحدة ولا توجد منظومة تدريب موحدة أو عملية منظمة لتجنيد وتأهيل جنود الكتيبة. سلاح الجو لم يحدد احتياجاته للجيش ووزارة الدفاع.

اضافة الى ذلك، في معظم قواعد السلاح لا توجد ملاجئ لآلاف الجنود، رجال الخدمة الدائمة والعاملين في الجيش الاسرائيلي، الذين يوجدون في كل قاعدة. ايضا لم يتم فعل أي اعداد نفسي لوضع كهذا. الحديث يدور عن سلاح جو مستعد لمعركة بين حربين – هجمات في سوريا وجولات متكررة مع حماس في غزة – ولكنه في المقابل يقف أمام كل ما يتعلق بالحرب القادمة متعددة الساحات التي فيها ستكون قواعد سلاح الجو هدفا استراتيجيا لصواريخ العدو. وهذا الوضع سلاح الجو غير مستعد له.

هذا سلوك غير مناسب وغير مسؤول للقيادة العليا في السلاح، الذي رؤوس قادته في السماء واقدامهم ليست على الارض. فقد أغمضوا عيونهم عن رؤية ما يحدث على الارض في الحرب. وحسب قادة كبار في السلاح، بما في ذلك طيارون تحدثت معهم، فإن القيادة العليا في الجيش وفي سلاح الجو مقطوعة عن الواقع البائس على الارض. طالما أن الطائرات في السماء فان كل شيء تحت السيطرة، لكن ماذا سيحدث على الارض في الحرب؟ هذا سؤال آخر.

القيادة العليا في سلاح الجو تفضل تأجيل النهاية والقول إن كل شيء على ما يرام. معظم الميزانية، التي تبلغ تسعة مليارات دولار من المساعدات الامريكية، مخصصة في السنوات الاربعة القادمة لشراء طائرات جديدة ومعدات مرافقة، وتقريبا لا يستثمرون أي شيء في اعداد الوسائل والقوة البشرية التي تمكن من استمرارية الأداء التي ستسمح بإقلاع الطائرات وهبوطها في الحرب. لا يوجد تناقض أكبر من ذلك. كل شخص عاقل يعرف أن حصانة وصمود سلسلة تتكون من حلقات يتم تحديدها حسب الحلقات الاضعف. حيث إنه عندما تتمزق فإن كل السلسلة تخرج من نطاق العمل. الوضع الحالي هو وضع حاسم ويحتاج الى علاج فوري إذا أردنا البقاء. ولا نريد مشاهدة كارثة وطنية بأم عيننا.

قبل سنة ونصف تقريبا قمت بإرسال رسالة حول الموضوع الى القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو. لم يتم فعل أي شيء. قبل نحو ثلاثة أشهر جلست وجها لوجه مع القيادة العليا في الجيش وفي سلاح الجو ومرة اخرى لم تكن هناك أي اشارة على التغيير. هذا غير معقول. هذا الموضوع كان يجب أن يكون المهمة الوطنية الفورية من الدرجة الاولى في نظام الاولويات الوطنية، مع انتقاد خارجي للجيش ووزارة الدفاع من اجل التأكد من أن كل شيء يسير كما هو مطلوب. ولكن كما قلنا، اللامبالاة استمرت، وكنتيجة لعدم مسؤولية كبيرة من القيادة العليا سيكون هناك ضرر كبير جدا للقدرة على تنفيذ مهمات الهجوم والنقل لسلاح الجو في الحرب القادمة متعددة الساحات.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد