على الرغم من أن الطائرات بدون طيّار الإسرائيليّة، كما يوحي اسمها، طائرات بدون عنصر بشريّ، وبالتالي خسارتها ظاهريًا هي خسارة مادية بحت.
فلماذا يتحسّس الإسرائيلي بشكل خاصّ من إسقاطها؟ وما هو إذن دورها استراتيجيًا وتكتيكيًا في المعركة؟
تخدم طائرات الإستطلاع الرئيسية التكتيكية (هيرميس 450)، متوسّطة الإرتفاع (هيرميس-900) وعالية الإرتفاع (هيرون تي بي/ايتان) بشكل أساسي وظيفة استخبار الصورة (IMINT) او التصوير بشكل مبسّط…
إما عبر البثّ المباشر والمراقبة، أو عبر التقاط الصور المختلفة ومقارنتها خدمة لتعيين الأهداف، وبدونها تفقد قيادة العدو أهم أذرعها في مراقبة عمق المقاومة مما يصعّب عليها الحصول على صورة كاملة لميدان المعركة، او ما يسمى بالإستخبار، المراقبة والإستطلاع. (ISR)
تقوم الهيرمس 900 والهيرون تي بي أيضاً بوظائف استخبار الإشارة، أو ما يسمى بSIGNIT، وهذا يعني أن تتلقى الموجات اللاسلكية فوق أراضي الخصم.
هذا ما يفيد في تحليل هذه الموجات والإتصالات، أو تحديد أماكن إرسالها، وبذلك تقوم بتعيين الأهداف بطريقة أخرى أو التنصّت على اتصالات العدو.
عبر المساهمة في تعيين الأهداف وتغذية بنك الأهداف، يمكن لهذه المسيّرات أن تمهّد للأذرع الأخرى التعامل مع هذه الأهداف، كما سلاح الجوّ، المدفعيّة، أو السلاح الصاروخي.
من ناحية أخرى، يمكن لهذه المسيّرات القيام بدور الصيّاد-القاتل بنفسها في حالة المتابعة وكشف الأهداف، عبر مجموعة من الذخائر الموجّهة بالليزر، أجهزة تحديد المواقع، او الكاميرا الكهروبصريّة، كما صواريخ الميخوليت، سبايك أو الهلفاير، أو حتى قنابل البافواي الأصغر.
وما يمنح هذه المسيّرات الأفضلية هي قدرتها على التسكّع لوقت طويل في الأجواء بعكس الطائرات الحربيّة، بالتالي حرمان الإسرائيلي من هكذا ذراع، سيحدّ من قدرته ويقلّل من سرعته في التعامل مع الأهداف اللحظية.
يملك كيان العدوّ عدداً محدوداً من هذه الطائرات، وخصوصا الأحدث، أي الهيرميس 900 والهيرون تي بي، وهي بالعشرات في كلّ نموذج بحسب عدّة تقديرات.
من الصعوبة بمكان معرفة العدد الدقيق، نظراً لتضارب المصادر، وكون هذه المعلومات سريّة، ولكن “إسرائيل” تملك فقط بعض العشرات من هذه المسيّرات.
وتصنيعها هو عمليّة صعبة وتتطلب وقتاً نظراً لاحتوائها على العديد من المكوّنات التي يجب إستيرادها.
العائق والمانع هنا إذن ليست الكلفة بقدر ما هو الوقت والقدرة التصنيعية والحصول على الموادّ، ولهذا السبب وغيره يتحسّس الإسرائيلييون من اسقاط هكذا طائرات يصعب تعويضها.
بالخلاصة، تؤمن هذه المسيّرات الهجومية مرونة في العمل التكتيكي لدى العدوّ، خصوصاً وانها تناسب بشكل كبير شكل المعركة الحالي غير المفتوح.
فقدان هذه الأسلحة والحدّ من عملها بشكل كبير، سيمنح بدون شكّ حريّة أكبر في العمل لدى المقاومة، ويحرم العدوّ من العديد من الخيارات ويقلّص اكتمال صورة المشهد العامّ لديه.
حيث أن الطائرات الحربيّة والأقمار الصناعية مثلاً، غير كافيّة للمتابعة والإستهداف شبه اللحظوي للأهداف ضمن المعركة.
تعزز دور هذه المسيّرات خصوصاً بعد إصلاحات رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي التي أفرزت لكل كتيبة هجوميّة مسيّرة منها، مما زاد الإعتمادية عليها، وبالتالي زاد من فداحة نتيجة خسارتها في المعركة بعدما اصبحت ذراعاً اساسياً.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.