نشرت مجلة “The Cradle” تحقيقا للصحفي الاستقصائي كيت كلارينبيرج، حمل عنوان: “كيف تدرب بريطانيا الأردن على التجسس على مواطنيها”.
وأكد التحقيق أن الحكومة البريطانية قامت بتدريب الأجهزة الأمنية الأردنية سرّا على تقنيات تُعرف باسم “استغلال الوسائط الرقمية”، التي استخدمت لمراقبة المعارضة والتلاعب بها وتعطيلها في المملكة.
وكشفت الوثائق المسربة التي استعرضها التحقيق، أن بريطانيا دربت سرّا أجهزة الأمن الأردنية على التقنيات التي تستخدمها وكالة الأمن السيبرانية البريطانية سيئة السمعة GCHQ، والتي توفر معلومات استخبارية للحكومة البريطانية وقواتها المسلحة.
وأشار التحقيق إلى أن بريطانيا أجرت أكثر من ثلاث دورات تدريبية مكثفة، على مدار أسبوع، بتمويل من وزارة الخارجية بين حزيران/ يونيو 2019 وآذار/ مارس 2020.
وتلقى الأعضاء الذين اختارتهم السفارة البريطانية في عمان، تدريبات على أدق النقاط في “استغلال الوسائط الرقمية.
وبين أن التدريب من الناحية النظرية، كان الغرض من التمرين هو مساعدة “وكالات جمع الأدلة في الأردن لاستخراج البيانات بشكل فعال من الأجهزة الرقمية” لتعزيز قدراتها التحقيقية، وتحسين مستوى الملاحقات القضائية، لا سيما في مجال الإرهاب.
وهذا بدوره سيمكن من تعزيز تبادل الأدلة بين عمان ولندن، “ويؤدي إلى زيادة التعاون العملياتي”، بحسب معد التحقيق.
ولفت التحقيق إلى أن الأهداف النبيلة المعلنة رسميّا لبرامج الدعم الأمني والإصلاح المتنوعة، التي تقدمها الحكومة في غرب آسيا، قد لا تتوافق مع الواقع الأساسي لهذه الجهود.
وأضاف: “على سبيل المثال، كشف هذا المنفذ في السابق عن كيفية وضع عملاء وتكنولوجيا بريطانيين في أجهزة المخابرات اللبنانية، تحت ستار تعليمهم كيفية استخدام أدوات الطب الشرعي الرقمية. وهذا يسمح للندن بمراقبة أنشطتها عن كثب – والمواطنين اللبنانيين”.
ونبه إلى أن برنامج المراقبة يتم تسليمه من قبل المقاول الحكومي البريطاني “Torchlight”، وهي شركة يعمل بها قدامى المحاربين في الجيش والمخابرات في المملكة المتحدة، ولديهم تصاريح أمنية رفيعة المستوى. وكانت الشركة نفسها وراء التدريب المقدم للفرع الخاص الأردني.
وفقا لتقديماتها إلى وزارة الخارجية، بناء على “زيارة ميدانية شاملة” في عام 2018، كان عملاء المديرية بالفعل “مجهزين بشكل مرض من حيث الأجهزة والبرامج” لإجراء “استغلال الوسائط الرقمية”.
وأكدت المجلة أن انتقاد الملك عبد الله الثاني في الأردن، يعتبر جريمة خطيرة للغاية، حيث يتعرض الصحفيون بشكل روتيني للمضايقات والاعتقال والمقاضاة من قبل السلطات؛ بسبب تقارير انتقادية أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
لذا، فإن احتمالية أن تكون مخابرات عمان بارعة في أساليب التجسس الخبيثة مقلقة بحكم التعريف.
وليس من المستغرب استعداد بريطانيا لتصدير هذه التقنيات إلى الأردن. إن قانون الجرائم الإلكترونية الصارم والمنتقد على نطاق واسع، الذي يقيد حرية التعبير على الإنترنت وحق المواطنين في الخصوصية، يجعل البلاد نقطة انطلاق مثالية لأنشطة لندن الشائنة في أماكن أخرى من غرب آسيا، ويساعد في الحفاظ على سرية وجودهم ونواياهم، بحسب المجلة.
على سبيل المثال، منذ الأيام الأولى للأزمة السورية، قامت بريطانيا بتشغيل موقع يقع على بعد 45 دقيقة من عمان، حيث تم تدريب المقاتلين في الحرب بالوكالة. تنبأت ملفات مسربة تتعلق بالمشروع أن بعض هؤلاء الأفراد، سوف يستمرون في الانضمام إلى النصرة و”داعش”، وأن المعدات ستسرق وتستخدم من قبلهم.
على الرغم من ذلك، لم تكن وزارة الخارجية مهتمة بهذه الاحتمالات، على الأرجح لأنه كان هناك خطر ضئيل في أن يتم الكشف عنها علنا أو عن برنامج التدريب بشكل عام.
عربي 21
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.