يوجد اعتقاد سائد لدى معظمنا مفاده أن هواتفنا الذكية تتنصت علينا، وفي الواقع لم يأتِ هذا الاعتقاد من فراغ، فعندما تخبر أحدهم على سبيل المثال أنك ترغب في شراء هاتف جديد تجد فجأة عروض وإعلانات الهواتف تنهال عليك على إنستغرام وفيسبوك، وعندما تتعطل الغسالة مثلاً في منزلك تتفاجأ بإعلانات عن غسالات جديدة أو شركات للتصليح، لكن هل يقوم هاتفك الذكي بالتجسس عليك بالفعل؟
رغم أن هذه الإعلانات والعروض لم تظهر لك عن طريق الصدفة بالتأكيد، إلا أن هاتفك لا يتجسس عليك في الحقيقة، لأنه ببساطة لا يحتاج إلى ذلك. كيف؟ سنشرح لكم في هذا التقرير:
هل يقوم هاتفك الذكي بالتجسس عليك؟
وفقاً لما ورد في موقع The Next Web الهولندي، يمتلك هاتفك الذكي معلومات وبيانات عنك أكثر بكثير مما تتخيل.
فعند زيارتك للكثير من المواقع الإلكترونية والتطبيقات غالباً ما تسمح لها بالاطلاع على معلوماتك، وتعطيها أذوناً بالكشف عن بياناتك، فعندما ترغب في تصفح شيء ما على الإنترنت تظهر لك نافذة تستأذنك للوصول إلى بيانات معينة، وأنت في الغالب تضغط على زر “موافق” دون قراءة ما جاء في النافذة حتى.
هذه الأذونات التي نعطيها بشكل يومي للتطبيقات والمواقع تسمح لـ”ملفات تعريف الارتباط” بتتبع أنشطتنا على الإنترنت.
كذلك فهي تسمح للمواقع الإلكترونية بـ”تذكر” تفاصيل معينة عن تفاعلك مع هذه المواقع.
على سبيل المثال، ملفات تعريف ارتباط تسجيل الدخول تسمح لك بحفظ بيانات تسجيل دخولك إلى الموقع، حتى لا تضطر إلى إعادة إدخالها في كل مرة.
ومع ذلك، تنشأ ملفات تعريف الارتباط الخارجية عن طريق نطاقات خارج الموقع الذي تزوره، وغالباً ما تكون تلك الجهة الخارجية شركة تسويق تعمل بالشراكة مع الموقع الإلكتروني أو التطبيق.
يستضيف الموقع الإلكتروني أو التطبيق إعلانات شركة تسويقية ويمنحها إمكانية الوصول إلى البيانات التي يجمعها منك (بعدما منحتهم الإذن لفعل ذلك).
وبذلك، تحصل جهة التسويق والإعلانات على لمحة عن حياتك؛ نظامك اليومي واحتياجاتك ورغباتك.
وتسعى تلك الشركات دائماً إلى زيادة شعبية منتجاتها وسط التحديات التي تتمثل في اختلاف شرائح المستهلكين، بناء على عدة عوامل مثل العمر والجنس والطول والوزن والوظيفة والهوايات وما إلى ذلك.
ومن خلال فرز وتصنيف تلك المعلومات، تتمكن شركات التسويق والإعلانات من تحسين خوارزمياتها لتقديم المنتجات المقترحة، باستخدام ما يُطلق عليه نظام المقترحات الذي يستهدف العملاء المناسبين بالإعلانات المناسبة.
الذكاء الصناعي هو السر
هناك العديد من أساليب التعلم الآلي في الذكاء الاصطناعي، تساعد الأنظمة على تنقيح وتحليل بياناتك، مثل تجميع وفرز وتصنيف البيانات والتعلّم المعزز.
بإمكان تطبيق التعلم المعزز تدريب نفسه بناء على الملاحظات التي يكتسبها من تفاعلات المستخدم، بنفس الطريقة التي يتعلم بها طفل صغير تكرار فعل ما يؤدي للحصول على مكافأة.
من خلال عرض أو الضغط على زر “الإعجاب” على منشور بوسائل التواصل الاجتماعي، ترسل إشارة مكافأة إلى تطبيق التعلّم المعزز، تؤكد خلالها انجذابك لمحتوى المنشور، أو ربما اهتمامك بالشخص الذي نشر هذا المنشور. بمعنى آخر ترسل من خلال تفاعلك رسالة إلى تطبيق التعلم المعزز توضح من خلالها اهتماماتك وتفضيلاتك الشخصية.
على سبيل المثال، إذا بدأت تتفاعل بكثرة مع المنشورات التي تتحدث عن “اليوغا”، سوف يتعلم النظام إرسال إعلانات لك عن شركات تقدم منتجات ومحتوى مرتبطاً بذلك.
وقد تستند الإعلانات المقترحة إلى بيانات أخرى، تتضمن على سبيل الذكر لا الحصر:
• إعلانات أخرى قمت بالنقر عليها على إنستغرام أو غيره من المنصات.
• تفاصيل شخصية قدمتها للمنصة (مثل عمرك وعنوان بريدك الإلكتروني وجنسك والموقع والأجهزة التي تستخدمها للوصول إلى المنصة).
• معلومات يشاركها شركاء إعلان وتسويق آخرون أنت عميل لديهم بالفعل مع المنصة.
• الصفحات أو المجموعات الخاصة التي انضممت إليها أو “أعجبت” بها على المنصة.
في الواقع، بإمكان خوارزميات الذكاء الاصطناعي مساعدة المسوقين في الحصول على مجموعة ضخمة من البيانات واستخدامها لغزو شبكتك الاجتماعية بالكامل، وتصنيف الأشخاص من حولك بناء على مقدار “اهتمامك” (وتفاعلك) معهم.
وبعد ذلك ستتمكن تلك الشركات من استهدافك بالإعلانات، ليس بناء على بياناتك وحدك، وإنما بناء على كل البيانات التي جمعتها عن أصدقائك وأفراد عائلتك الذين يستخدمون نفس المنصة التي تستخدمها.
على سبيل المثال، قد تقترح عليك منصة فيسبوك منتجاً اشتراه أحد أصدقائك مؤخراً. (لا تحتاج المنصة إلى “التجسس” على محادثاتك مع أصدقائك كي تفعل ذلك).
مع ذلك كن حذراً
وبالرغم من أنه من المفترض أن يقدم مقدمو التطبيقات شروطاً وأحكاماً واضحة للمستخدمين بشأن كيفية جمع وتخزين واستخدام بياناتهم، على المستخدمين أن يتوخوا الحذر بشأن الأذون التي يمنحونها إلى التطبيقات والمواقع التي يستخدمونها.
إذا كانت لديك أي شكوك، يمكنك منح التطبيقات ما تحتاجه من أذون على أساس “الحاجة”. من المنطقي أن تمنح تطبيق واتساب إذناً للوصول إلى الكاميرا والميكروفون، لأنه لن يتمكن من تقديم بعض خدماته دونهما، ولكن ليس كل التطبيقات والخدمات ستطلب أذوناً بالوصول لما تحتاج إليه فقط.
ربما لا تمانع من الأساس تسلم إعلانات مستهدفة بناء على بياناتك، وقد تجد الأمر جذاباً ومفيداً. أظهرت الأبحاث أن الأشخاص أصحاب الرؤية العملية يفضلون في الواقع توصيات الذكاء الاصطناعي عن التوصيات البشرية.
كيف أستطيع الحد من مشاركة بياناتي مع المعلنين؟
وفقاً لما ورد في موقع The conversation، هناك بعض الإرشادات البسيطة التي يمكنك اتباعها للحد من مقدار البيانات التي تشاركها عبر الإنترنت. أولاً، ينبغي عليك مراجعة أذون تطبيقات الهاتف بانتظام.
فكّر مرتين قبل أن تمنح أي تطبيق أو موقع إلكتروني ما يطلبه من أذون أو السماح باستخدام ملفات تعريف الارتباط. وإذا أمكن تجنب استخدام حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي لتسجيل الدخول إلى مواقع وخدمات أخرى. في معظم الحالات، سيتوفر خيار لتسجيل الدخول باستخدام البريد الإلكتروني، ومن الأفضل أن تستخدم حساب بريد إلكتروني غير حسابك الرسمي.
بمجرد أن تبدأ عملية تسجيل الدخول، تذكّر ألا تشارك إلا القدر المطلوب فقط من المعلومات. وإذا كنت حساساً تجاه خصوصيتك، ربما من الأفضل تثبيت شبكة افتراضية خاصة (VPN) على جهازك. سوف تخفي عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) الخاص بك وتعمل على تشفير أنشطتك على الإنترنت.
لكن كيف أجزم أن هاتفي لا يتجسس علي؟
إذا كنت لا تزال تظن أن هاتفك يتجسس عليك، يمكنك تجربة الأمر بنفسك.
اذهب إلى إعدادات الهاتف واحظر وصول كل التطبيقات على الهاتف إلى الميكروفون. اختر منتج تعلم أنك لم تبحث عنه باستخدام أي من أجهزتك وتحدث عنه بصوت مرتفع لفترة طويلة مع شخص آخر.
كرّر الأمر لعدة مرات، إذا لم تتسلم أي إعلانات مستهدفة لهذا المنتج خلال الأيام القليلة المقبلة فهذا يعني أن هاتفك لا يستمع إليك فعلاً.
تلك الأجهزة الذكية لديها طرق أخرى لمعرفة ما يدور ببالك.
عربي بوست
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.