قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن الحرب الروسية الأوكرانية تشكّل اختباراً دبلوماسياً متناقضاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذ تدرس فنلندا والسويد اللذان تتمتعان بالحياد منذ فترة طويلة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي صلة غربية رئيسية سعى بوتين إلى كسرها.
وأضافت الصحيفة أنه مع إعلان قادة فنلندا دعمهم لانضمام بلادهم إلى الناتو، وتوقع أن يفعل قادة السويد الأمر نفسه في غضون أيام، فإن احتمال دخول دولتين من بلدان الشمال الأوروبي غير المنحازتين عسكرياً إلى حلف الأطلسي “هو علامة أخرى على كيف أدت التهديدات والعدوان الروسية إلى زيادة المخاوف الأمنية في أوروبا وأجبرت الدول على الانحياز”، بحسب زعم الصحيفة.
ورأت أن ذلك سيكون كذلك مثالاً آخر على النتائج العكسية لتدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا. فبدلاً من تقسيم الناتو وعرقلة نموه، وحد الزعيم الروسي تحالفاً وصفه بأنه تهديد لأمته.
وقد حذرت موسكو فنلندا والسويد مراراً من الانضمام إلى الناتو، مهددة “بعواقب عسكرية وسياسية خطيرة”. ورداً على سؤال يوم الأربعاء عما إذا كانت فنلندا ستستفز روسيا من خلال الانضمام إلى حلف الأطلسي، قال رئيس فنلندا سولي نينيستو إن بوتين سيكون هو المسؤول. وأضاف: “ردي هو أنك تسببت في هذا – انظر إلى المرآة”.
وقالت الصحيفة إنه إذا تقدمت كل من فنلندا والسويد بطلب الانضمام إلى حلف الأطلسي، فمن المتوقع أن تتم الموافقة على طلبيهما على نطاق واسع، على الرغم من أن مسؤولي الناتو يتحفظون علانية، ويقولون فقط إن الحلف لديه سياسة الباب المفتوح وأي دولة ترغب في الانضمام يمكنها طلب ذلك.
لكن حتى عملية الانضمام السريعة قد تستغرق عاماً، مما يثير مخاوف من أن البلدين سيكونان عرضة لتهديدات روسيا أثناء وجودهما خارج التحالف، الذي يشمل أعضاءه ضمان دفاعي مشترك. لكن بريطانيا أعلنت على لسان رئيس وزرائها بوريس جونسون الأربعاء، عن اتفاقيات أمنية جديدة مع السويد وفنلندا، ووافقت على تقديم الدعم للدولتين خلال أي عملية انضمام إلى الناتو، عندما تكون عرضة بشكل خاص للرد الروسي، أو إذا قررتا عدم الانضمام.
تشترك فنلندا في حدود طولها 810 أميال مع روسيا، فضلاً عن تاريخها المعقد والعنيف. كانت فنلندا والاتحاد السوفياتي على طرفي نقيض في الحرب العالمية الثانية، حيث صد الفنلنديون الغزو السوفياتي في عامي 1939-1940 فيما يعرف باسم “حرب الشتاء”.
لكن في اتفاق السلام النهائي، خسرت فنلندا 10 في المائة من أراضيها لصالح موسكو ووافقت على البقاء محايدة رسمياً طوال الحرب الباردة. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، انتقلت فنلندا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1992، وأصبحت عضواً فيه عام 1995، وأسقطت حيادها لكنها ظلت غير منحازة عسكرياً وحافظت على علاقات العمل مع موسكو. لكنها حافظت على إنفاقها العسكري وقواتها المسلحة الضخمة.
انضمت فنلندا إلى برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف الناتو إلى جانب السويد في عام 1994 وأصبحت أقرب إلى الحلف من دون الانضمام إليه.
فيوم أمس الخميس، أعلنت رئيسة وزراء فنلندا ورئيسها دعمهما لانضمام بلادهما إلى حلف الناتو. ومن المتوقع أن يصوت البرلمان الفنلندي يوم الاثنين المقبل على ذلك، ووعد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي فنلندا بعملية انضمام “سلسة وسريعة”.
ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة هي تحول ملحوظ: فنلندا، التي لديها تاريخ طويل من عدم الانحياز العسكري، تقول إنها مستعدة للقتال. كما أن السويد، الشريك الاستراتيجي لفنلندا، كانت محايدة لأكثر من 200 عام. وكلا البلدان يتجهان نحو التقدم للانضمام إلى الناتو، ربما في غضون أيام.
وأضافت الصحيفة أن التحول الاسكندنافي يطرح كذلك سؤالاً على حلفاء الناتو الآخرين: لماذا يُرفض انضمام أوكرانيا إلى الحلف؟
وقال الكرملين إن عضوية فنلندا في الناتو تشكل تهديداً “بالتأكيد”، وإنه على استعداد لـ”موازنة الوضع” لضمان أمن روسيا.
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.