كامل المعمري | صحفي يمني | متخصص في الشؤون العسكرية
استهداف حزب الله لقاعدة غليلوت العسكرية التابعة للكيان الإسرائيلي يمثل تطورًا نوعيًا غير تقليدي في أسلوب المواجهة مع إسرائيل، ويشير إلى تصعيد لافت في مستوى الصراع.
قاعدة غليلوت ليست مجرد موقع عسكري تقليدي بل تعد مركزًا حيويًا لشعبة أمان التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتضم وحدة 8200 التي تعتبر من أبرز وحدات الاستخبارات الإلكترونية والتجسس السيبراني على مستوى العالم.
أبعاد استراتيجية للهجوم
الضربة التي تعرضت لها قاعدة غليلوت تحمل عدة أبعاد استراتيجية.
أولًا: تُعد اختراقًا كبيرًا لمنظومة الأمان الإسرائيلية خاصة وأن القاعدة تقع بالقرب من تل أبيب العاصمة الاقتصادية والسياسية للكيان المحتل. وهذا الهجوم يرسل رسالة قوية بأن حزب الله يمتلك القدرة على الوصول إلى عمق الكيان وضرب أهداف حساسة ما يدل على تطور في قدراته من حيث جمع المعلومات الاستخباراتية، اختيار الأهداف وتنفيذ العمليات المعقدة بدقة.
إن القدرة على الوصول إلى هذا الموقع الحيوي يؤكد أن حزب الله قد يكون قد حصل على معلومات استخباراتية متقدمة أو استخدم تقنيات جديدة في جمع المعلومات، مما يثير تساؤلات حول مستوى الأمان والتأمين في المواقع العسكرية التابعة للكيان.
ثانيًا: استهداف قاعدة تضم وحدة 8200 يعكس فهمًا عميقًا لدور هذه الوحدة في الحرب السيبرانية والإلكترونية ضد أعداء إسرائيل. حزب الله يدرك تمامًا أن هذه الوحدة تُعد جزءًا لا يتجزأ من القدرة الاستخباراتية الإسرائيلية، وهي المسؤولة عن عمليات جمع وتحليل المعلومات من مصادر إلكترونية متنوعة بما في ذلك التنصت على الاتصالات ومراقبة الإنترنت.
علاوة على ذلك، تلعب وحدة 8200 دورًا أساسيًا في تنفيذ عمليات الاغتيالات المستهدفة ضد القادة البارزين في محور المقاومة، فالبيانات التي تجمعها الوحدة تساعد في تحديد مواقعهم وتحركاتهم، مما يمكن من تنفيذ عمليات دقيقة وفعالة ضدهم. وبالتالي، فإن استهدافها يحد من قدرة إسرائيل على إجراء هذه العمليات بدقة.
تعتبر وحدة 8200 مركز ثقل في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي فالتحليل الدقيق للبيانات الذي تقوم به الوحدة ضروري لتوقع وتحليل التهديدات الأمنية. والهجوم على هذه الوحدة يمكن أن يعيق قدرتها على معالجة المعلومات بكفاءة، مما يضعف قدرة إسرائيل على تحديد وتقييم التهديدات بدقة. بالتالي، فإن استهدافها لا يمثل مجرد هجوم على أحد الأجزاء الفنية من الجيش الإسرائيلي، بل هو استهداف لعنصر حاسم في الاستراتيجية الدفاعية والأمنية للكيان.
أهداف الهجوم
استهداف قاعدة غليلوت يشير إلى محاولة لإحداث تأثير كبير على القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية عبر استهداف مجموعة من الأهداف الاستراتيجية في القاعدة:
– في قلب القاعدة تقع مراكز القيادة والتحكم، التي تعد المحور الأساسي لإدارة وتنسيق العمليات الاستخباراتية والعسكرية، واستهداف هذه المراكز يمكن أن يؤدي إلى شلل في قدرة شعبة أمان ووحدة 8200 على قيادة وإدارة العمليات بفعالية، مما يؤثر سلبًا على قدرة إسرائيل على تنفيذ استراتيجياتها العسكرية.
– تعتبر مراكز جمع وتحليل المعلومات من الأهداف المحورية الأخرى هذه المراكز مسؤولة عن معالجة البيانات الاستخباراتية من مصادر متعددة، بما في ذلك المعلومات الإلكترونية والبشرية.
– الهجوم على هذه المراكز قد يؤثر بشكل كبير على قدرة إسرائيل على فهم وتحليل التهديدات الأمنية، مما يعوق قدرتها على اتخاذ قرارات دقيقة.
هذا التحليل يشير إلى أن حزب الله قد يكون قد حدد نقاط الضعف في البنية التحتية الاستخباراتية الإسرائيلية واستفاد منها لتوجيه ضربة مؤثرة.
– البنية التحتية السيبرانية في القاعدة ايضًا تشكل هدفا استراتيجيا حيث تدير وحدة 8200 عمليات الحرب السيبرانية، بما في ذلك التجسس الإلكتروني واختراق الشبكات والدفاع ضد الهجمات السيبرانية.
-استهداف هذه البنية يمكن أن يعرقل قدرة إسرائيل على تنفيذ عمليات سيبرانية معقدة أو الدفاع عن نفسها ضد هجمات سيبرانية معادية، مما يضعف قدرتها على حماية المعلومات الحيوية والبنية التحتية الرقمية.
– مستودعات البيانات والأجهزة الإلكترونية داخل القاعدة تشكل هدفا آخر اذ تحتوي هذه المستودعات على بيانات حساسة ومعدات متقدمة تستخدم في التجسس والتنصت والهجوم على هذه المستودعات قد يؤدي إلى فقدان معلومات حيوية وإلحاق أضرار كبيرة بقدرة إسرائيل على جمع المعلومات ومواصلة عملياتها الاستخباراتية.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.