رغم ما تقوم به السلطات البحرينية من مضايقات بحق الشعب البحريني العزيز، خرجت بالأمس الجموع البحرينية، صادحةً بحناجرها، ملبيةً بقبضاتها، رافعةً شعارات التلبية والوفاء للقضية الفلسطينية، معربةً عن تضامنها مع أهلها في فلسطين المحتلة، الذين يبادون وسط صمت العالم الخائف من الإدارة الأمريكية تارةً، ومن خدش مشاعر”الإسرائيليين” طوراً.
فبدل أن يصمت طغاةُ البحرين ويدعوا هذا الشعب يمسح بعض عار تخاذلهم عن نصرة فلسطين، ماذا فعلوا؟ تنطبق المقولة المعروفة “إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت”، على طغاة البحرين، الذين بدايةً طبعوا مع العدو ضاربين عرض الحائط بموقف البحرينيين التاريخي الثابت بالوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية. ومنذ أسابيع افتتحوا سفارةً للكيان المؤقت في المنامة. لكن قمة الوقاحة تجلت عندما أصدر حكام البحرين المطبعون بيان الخزي والعار الذي انتقدوا فيه عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، مستنكرةً ما أسمته بـ”اختطاف المدنيين الإسرائيليين من منازلهم كرهائن، وأسفها البالغ للخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات وتعازيها لأسر الضحايا، وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل”.
وعند مواصلة العدو الإسرائيلي ارتكابه المجازر بحق الفلسطينيين العزل من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ، وتسوية المنازل بالأرض، صمت هؤلاء صمت أهل القبور، ولم يخرج منهم بيان إلا عندما ارتكب العدو مجزرته الشنيعة لمستشفى “الأهلي المعمداني”، وطبعاً من باب حفظ بعض ماء الوجه لا أكثر، كون هول الجريمة يستدعي بيانًا من سطرٍ واحد فقط لا أكثر.
لكن موقف طغاة البحرين الحقيقي سرى في فلتات لسان وزير المالية الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة، الذي قال إنه “لا ينبغي السماح للحرب بين “إسرائيل” وحماس في غزة أن تعرقل التكامل الاقتصادي مع تل أبيب”، مضيفاً أنه “من المهم مواصلة بناء الجسور، فمستقبل هذه المنطقة واستقرارها يعتمد على توفير الفرص للجميع، وهذا ما سيعزز أمن المنطقة وأمانها”.
ارتكب الوزير العتيد جريمة بحق الإنسانية عندما ساوى بين الجلاد والضحية وعندما حصر الحرب بين حركة المقاومة “حماس” والعدو الإسرائيلي، مبرراً بذلك للعدو مجازره التي يرتكبها وكأنه يقول له “أنت تقوم بضرب أهداف عسكرية”، وهذا مجافٍ للحقيقة فالذين يُبادون هم فلسطينيون والمعركة هي بين فلسطين والكيان المؤقت. وهنا كذلك نسأل الوزير العتيد عن أي أمن وأمان يتحدث؟ وهل سَلِمَ أي أحد أو شيءٍ من القصف الصهيوني؟ (مبانٍ، أفران، مستشفيات، أطقم طبية، إعلاميون)، فالأمن أيها الوزير لا يكون على حق أصحاب الأرض الأصليين، عذرا لقد نسيت أنكم تفعلون كذلك بالبحرين، الخير للأجنبي المجنس وأهل البلد لا خير لهم.
أما موقف أهالي البحرين المشرف الذي ترفع له القبعة ويشاد به، هو التعبير الصادق والنبيل عن شتى أشكال الدعم للقضية الفلسطينية، من مظاهرات تجوب البلدات والقرى ومن الدعم والمؤازرة الإعلامية التي تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي. غير مكترثين بقمع الحريات الذي يمارسه طغاة البحرين ضدهم، واستهداف المظاهرات بالقنابل المسيلة للدموع، وبالاعتداء الوحشي من قبل مرتزقة آل خليفة عليهم. يضاف إليهم حملات الاعتقالات التي طالت عددا من الشبان المتظاهرين، لا لذنبٍ اقترفوه سوى أنهم خرجوا لنصرة قضية الأمة وتلبيةً لاستغاثة إخوانهم في فلسطين المحتلة.
خلاصة القول، طغاة البحرين يريدون فرض التطبيع بالقوة على أهالي البحرين، الذين بدورهم لن يتخلوا عن دعمهم وتأييدهم لتحرير فلسطين من رجس الصهاينة المحتلين، فمهما كشر طغاة البحرين عن أنيابهم بوجه الشعب البحريني الأعزل لن يغير مواقفهم الثابتة والراسخة التي عمدوها بدم المئات من الشهداء، وسيبقى شعار “الموت لإسرائيل” يدوي عالياً في أرجاء البحرين العزيزة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.