يُمعن العدو الصهيونيُّ في عدوانه المجرم على قطاع غزَّة بدعمٍ دوليٍّ استكباري ظالم وسط شبه صمتٍ من أنظمة رجعية عربية متآمرة ومتخاذلة عن دعم ومناصرة فلسطين وشعبها ، وتقاوم غزّة وأخواتها باللحم الحي عدوانًا همجيًّا بربريًّا يتجاوز كل الأعراف والاتفاقيات الدولية وشرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وقبل كل شيء تجاوزًا لكل الشرائع السماوية الإلهية، حيث تختلطُ أجساد الشهداء من الأطفال والنساء والرجال والعجزة بترابها وحجرها في مشاهد مأساوية مؤلمة ومحزنة تبكي الحجر وتدمي القلوب مضافًا إليها حصارًا ظالمًا لأكثر من مليوني مواطن في القطاع مانعًا الماء والكهرباء والغذاء والمواد الطبية والإسعافية.
إن طُرُقَ القتل والإبادة التي يتَّبعها العدو الصهيوني تضع محور المقاومة أمام خيار لا ثاني له وهو القتال بما لديه من قدرات تدميرية تُفقِد العدو القدرة على المواجهة والحافزية للقتال وتؤدّي إلى هروب قطعان المستوطنين إلى خارج الكيان أمام هول ما سيراه من قصف تدميري غير مسبوق وعبورٍا من الأرض والسّماء نحو فلسطين المغتصبة في تجسيدٍ لمعركة “وحدة الساحات” في مواجهة عدوٍّ مستكبرٍ غاصبٍ ومجرم وقاتل للطفولة البريئة وللإنسانية المظلومة برعاية امريكية وبريطانية ومدعومًا من جحافل وأساطيل غربية لدولٍ لطالما تشدَّقت بقيمِ حقوق الإنسان كذِبًا وافتراءً.
ما يجري اليوم على الحافة الأمامية للجبهة الجنوبية اللبنانية مع العدو الإسرائيلي مهم وأساسي في مشاغلة العدو وتحشيداته وسيكون له أبعاد ونتائج إستراتيجية على مستوى الصراع الوجودي الدائر حاليًا ومستقبلًا، والتي استطاعت أن تلزم العدو بحشد ما يقارب نصف قواته المقاتلة على هذه الجبهة مع دباباتها ومدرعاتها، ونرى كأنَّ من يدير الأمر لدى المقاومة الإسلامية يمارس بحنكةٍ وذكاء فعل الاستطلاع بالنار للجبهة وإقلاق العدو وتوتيره وإيقاع الخسائر في الأرواحِ والعتاد ثمَّ يعمل على دراسة الثُّغرات ونقاط الضعف والقوة لدى هذا العدو وتقييم ردود الفعل لدى جنوده وضباطه ومراقبة مناوراته وتكتيكاته الميدانية وتقدير نتائج الضربات الموضعية في جهدٍ استخباري لافت ليُبنى على الشيء مقتضاه، كما وعملت على تعمية بل وفقأ العيون التجسسية للعدو هناك والتي تشكل له مورد جمعٍ للمعلومات في القرى اللبنانية الامامية والطرق المحيطة بها، والتي زرعها على طول الحدود والخط الفاصل مع فلسطين المحتلة في استباق لأية مواجهة مقبلة.
إنَّ الحديث عن زيارة قائد المنطقة الوسطى للجيوش الأمريكية برفقة وفدٍ عسكري إلى منطقة الشمال الفلسطيني بغرض الاطلاع على خطط العدو العسكرية وتفقّد القوات المنتشرة هناك هو تأكيدٌ وإمعانٌ بالمشاركة في الدم اللبناني والفلسطيني على حدٍّ سواء، ولهذه الزيارة عدّة أهداف منها الاطلاع بشكلٍ مباشر على جهوزية الجيش الإسرائيلي في المعركة التي تديرها أمريكا وأعوانها مباشرةً، والنظر بما يمكن تقديمه أو المشاركة فيه على هذه الجبهة في حال اندلاعها، وأيضًا بغرض رفع الروح المعنوية المنهزمة والمحبطة لدى جيش الاحتلال والتي تحتاج إلى معجزة إلهية في هذا الخصوص مع أنَّ زمن المعجزات قد مضى.
في الأيام الماضية قام العدو بإخلاء مستوطناته في الجليل الأعلى وعلى مسافاتٍ محدَّدة وهذا ناتِجٌ عن تقديرٍ منه بأن هذه المنطقة ستكون ميدان الحرب القادمة من الشمال وأنَّ هذه المستوطنات سيتم تسويتها بالأرض بفعل ضربات المقاومين في إطار سيناريو حربٍ طاحنة تصوّروا معي أنَّها ستبدأ بقصف تدميري تمهيدي لتقدُّم قوات الرضوان يبدأُ من على حافَّة الجبهة وبعمقٍ لا يقل عن 7 كيلومترات المدى الفعّال والممكن لصواريخ من طراز “بركان وطوفان” ذات القوة التدميرية الهائلة والتي بإمكانها تدمير أحياء بكاملها في المستوطنات والملاجئ على رؤوس المستوطنين فيها، كما ولن تتحملها تحصينات مواقع العدو العسكرية ( تم تعديل وزيادة حجم القدرة التدميرية لدى صواريخ غراد المعروفة لتصبح أكثر فتكًا وتدميرًا وشوهدت فعاليتها في مواجهة العصابات التكفيريين في سوريا وسلسلة جبال لبنان الشرقية ) مضافًا إليها مئات بل يمكن آلاف من الصواريخ الموجهة المضادة للدروع والمسيَّرات ومن أحجام مختلفة المنقضَّة من السماء ذات القدرة التدميرية العالية والدقَّةً في استهداف التحصينات والمدرعات ومرابض المدفعية وشبكات الاتصال ومجاميع الجنود والمشاة، حينها ستُفتحُ أبواب الجحيم وتُخرِجُ الأرض أثقالها وتصبُّ شواظَّها وحِممها وسنكون أمام مشهدٍ مزلزلٍ ستخلِّده القصص والروايات بالصورة والصوت في ذاكرة الأجيال القادمة.
مرارًا وتكرارًا أعلنها قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله (حفظه الله) أنَّ قدرات المقاومة لا يمكن للعدو أن يتصوّرها ولن يكون لديه القدرة والطَّاقة على تحمُّل نتائجها إذا ما فتحت أبواب النيران وصُبَّت الحمم عل كل مدن ومستوطنات الكيان من كريات شمونة في الشمال إلى إيلات في الجنوب، وتقدّر جهات عدة ومنها العدو الإسرائيلي أن لدى المقاومة ما بين 160 و 200 ألف صاروخ من طرازات متعددة طاف خيال الباحثين والكُتَّاب في تعدادها وأنواعها بدءًا من صواريخ كاتيوشا 107 ملم وغراد 122 ملم إلى شاهين عيار 333ملم وفجر 3 و 5 مرورًا بصاروخ رعد وأنواعه المعدَّلة إلى خيبر وزلزال 1 و 2 وفاتح 110 والبعض تحدَّث عن وجود صواريخ سكود من أجيال (بي – سي – دي) وجميعها من مدايات مختلفة وقدرات تدميرية (جبهوية ونقطوية) تضافُ إليها المسيَّرات القاذفة والتدميرية ومنظومات دفاع جوي للتصدّي للطائرات المغيرة وصواريخ أرض- بحر لمواجهة القطع البحرية المعادية، وباختصار شديد وتخفيفًا على أولئك القلقين من حجم هذه الترسانة وقدراتها وبثقة أقول: إنَّ كل ما هو موجود من ترسانة وصناعات عسكرية وصاروخية لدى الجمهورية الإسلامية في إيران وسوريا هي أصبحت موجودة لدى المقاومة في لبنان وبتصرُّفها، نقطة على آخر السطر وانتهى، وستفتحُ بها أبواب الجحيم تزامنًا مع السيناريو المفترض لجبهة الشّمال كما تصوّرناه أعلاه ولن تكون بمنأى عنها الجبهة الداخلية للكيان المؤقت وبالتحديد ما فيها من كثافة سكانية استيطانية وقواعد وثكنات ومطارات عسكرية ومراكز “الدولة” الأساسية الأمنية والحكومية أو منشآت حيوية من مطارات مدنية وموانيء ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وخزانات النفط والغاز والأمونيوم ولا ننسى مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب.
والسؤال الأهم ماذا لو فُتحت كلُّ الجبهات من غزة ولبنان وسوريا إلى العراق فإيران وصولًا إلى اليمن؟ وما يمكن أن تقوم به الشعوب العربية الحيَّة والقوى الثورية والنضالية المتحفِّزة في دول الطوق من خرقٍ للحدود وخاصة في مصر والأردن والزحف نحو الأراضي المحتلة؟ حينها سنكون أمام سيناريو آخر ومختلف سيطلقُ عليه “سيناريو يوم القيامة”.
يروى أنَّ المقاومين في غزَّة وجدوا يومًا شبكة أنابيب مجهولة الاستخدام، قديمة وخارج الخدمة، ممتدة على طول الساحل الغزِّي من جنوب القطاع وشمالًا نحو الساحل الفلسطيني، حيث قاموا باستخراجها والاستفادة منها في تصنيع صواريخهم الثقيلة المحلِّقة هذه الأيَّام فوق سماء فلسطين، وأيضًا يُحكى أنَّ بعض الغواصين اكتشفوا صدفةً وجود قطعة بحرية غارقة في البحر قبالة ساحل غزّة (مدمِّرة أو ما شابه ) من بقايا الحرب العالمية الثانية وما زالت تحتوي على كامل عدَّتها من الذخائر والمتفجرات، حيث قام غطاسو القوة البحرية في المقاومة الفلسطينية باستخراج تلك الذخائر واستخدامها أيضًا في تطوير ورفع مستوى التدمير لدى صواريخهم المصنعة محليًّا، هي عطاءاتٌ إلهية لهذه المقاومة المخلصة والشريفة، وكما يقال “النَّصرُ صبرُ ساعة”، قولوا الله.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.