تتعرض الورقة لموضوع في غاية الأهمية إذ يرتبط مباشرة بمصير محور المقاومة بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة على لبنان بكل مجرياتها ونتائجها على حزب الله والمقاومة. تحدد الورقة إطارًا للعمل تُجمع عناصره على ضرورة وجود مرونة بنيوية لدى المحور تنعكس في قابليات الترميم وإعادة البناء وفق رؤية مناسبة للوضع الحالي. وتعني “المرونة” وجود عمليات مرنة كابحة للتشظّي وتحول دون الكسر عند الاصطدام عبر القدرة على امتصاص الصدمات والتفاعل معها بطريقة حيوية: إلتفاف أو احتواء أو ارتداد معاكس، أو أي آلية أخرى قادرة على تخفيف وطأة الاصطدام والخسائر الناجمة عنها. وتشير “البنيوية” إلى أن المرونة المطلوبة جوهرية غير قشرية؛ تتناول أسس ومبادئ حركة المقاومة ومسارها، والمرتكزات التي تتقوّم بها حيثيات المسيرة وآليات عملها.
تكمن أهمية الورقة في التصويب على أولوية اكتشاف الخلل ومواضعه بما يسمح للانتقال للمرحلة التالية، وهي العمل على تصحيحه وإعادة البناء بطريقة مناسبة مع التهديد القائم. فقيمة اكتشاف الخلل تظهر عبر الاستجابة السريعة في معالجة نقاط الضعف والعمل على إغلاق الثغرات، بالاستفادة من انعكاسات مرحلة وقف الحرب على التصحيح أولًا، والانطلاق من حدّ الترميم الذي سبق أن تم التوصل إليه خلال الحرب، مهما بلغ. نظريًّا، قد يسأل القارئ عن جدوى البحث بلحاظ مجال “محور المقاومة”، بعد سقوط سوريا والاعتبارات الخاصة في كل دولة من دول المحور، والتي حددت وجه المواجهة وحدودها. والجواب هو أن الورقة تتطرق إلى عملية الترميم في محور المقاومة ككل، باستثمار نقاط التقاطع بين لبنان والمحور في السماح بانتقال تجربة لبنان، بل وفلسطين إلى باقي المحور؛ ليس فقط على مستوى استراتيجية الحرب، لكن في التكتيكات والتقنيات كذلك. وعليه، حين تتحدث الورقة عن ترميم بنية المحور، فإنه لا يعني استرجاع ساحة خرجت من المحور، وإنما عن ترميم مبادئ كليّة يتحرك من خلالها اعضاء المحور، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت وضعية الساحات، حيث أمكن وحيث الحاجة.
المشروعية الدينية والأخلاقية والعالمية
المقاومة واستمراريتها موضع إجماع عقلي ومنطقي وشرعي واجتماعي عبر التاريخ لا خلاف حوله في الأصل والجوهر، فهو حق مشروع لمواجهة الاحتلال والظلم واستلاب الخيرات والموارد. والحديث هنا بعيدًا عن الانحيازات والاعتبارات الوضعية الضيّقة التي فرضتها السياسات الخاضعة في خدمة مشاريع دول الاستكبار والاستعمار عبر التاريخ. أصالة مشروعية فعل المقاومة يسمح لها بترميم بنيتها بالاستناد على المشروعية التي توفر لها الدعم الشعبي والطاقة الذاتية والأفق الرؤيوي النابع من ضرورتها. وتؤمن هذه المشروعية أو تفرض بدورها على قوى المقاومة الالتزام بالحفاظ على هذه المشروعية من جهة، والاستفادة منها من جهة أخرى. تاليًّا، تصبح المرونة البنيوية بعد تداعيات الحرب الأخيرة ضرورة شرعية وأخلاقية للحفاظ على المنجزات الموجودة، واستثمارها بالشكل البنّاء الذي يكبح المزيد من الخسائر الاستراتيجية. والمرونة البنيوية تستقي مشروعيتها الدينية من حركة الفقه الشيعي السياسي في دائرة المتغيرات دون المسّ بالثوابت والأسس. قد تتطلب المرونة البنيوية وفق المصلحة الوجودية الذهاب إلى هدنة ما، او التفاف على الصراع في ساحة ما، وبطريقة ما. وهناك مشروعية أخرى تخدم استمرارية المقاومة وتتطلّب مرونتها في تأسيس استراتيجية المرحلة الجديدة؛ وهي المشروعية العالمية التي تمظهرت خلال الحرب على غزة، حيث بدأ الشارع العالمي يسجّل رفض السياسات الظالمة لحقوق الشعوب ومندّدًا بالسياسات المزدوجة في احترام معايير الحقوق والكرامة. وللمرة الأولى في تاريخ الكيان المؤقت، يصبح الأخير موضع مساءلة ومحاسبة في المؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية في لاهاي، فضلًا عن اتخاذ بعض الدول الغربية إجراءات تنفيذية بحق مسؤولي الكيان مثل منع نتنياهو من الدخول إلى أراضيها أو حتى النزول في المطار وإلا تنفيذ المذكرة القانونية بحقه. وعليه، المرونة البنيوية في استراتيجية المرحلة المقبلة لها مشروعية دينية وأخلاقية وإنسانية وعالمية، حالها حال المقاومة التي لا غنى عنها في تاريخ الأمم ونواميسها.
تاريخ الاستضعاف والانطلاق من الصفر
تعرّضت مشاريع نصرة الحق ومواجهة الظلم عبر التاريخ إلى نكسات كثيرة، لكن مسيرة المقاومة والمجابهة لم تتوقف. لطالما عملت سلطات الاستبداد على استضعاف الشعوب والجماعات وقمع كلمتها وحركتها، وتشويه تاريخها واستهداف نماذجها “المثالية” لإسقاط المشروعية عنها واستبدالها بـ “نماذج” جاهزة. استباحت السلطات المستبدة والدول الاستعمارية خيرات الشعوب الضعيفة بمختلف قوى السلاح والمال والثقافة والإعلام؛ ومع ذلك انتفضت شعوب الهند وأفريقيا والجزائر ضد القوى التي أرادت لها التبعية و”الإبادة الثقافية”، فضلًا عن تلك العرقية والطائفية، على الرغم من الافتقار لأدنى مقومات النضال في مواجهة عمليات الاستلاب والاحتلال. العالم الفرنسي ميشال فوكو عندما تحدث عن ثورة المستضعفين الإيرانيين ضد الشاه، عبّر بأنها ثورة “الأيدي العارية”، ثورة الروحانيات والمعنويات ضد القدرات المادية التي تمتلكها قوات الشاه. ما كان المعيار يومًا في حروب الحق ضد الباطل العدد والإمكانيات والموارد بمقدار الهدف والإرادة والعزيمة والثبات. تقدم تجربة حزب الله في مقاومة العدو الإسرائيلي نموذجًا لحركات التحرر في النصف الأخير من القرن العشرين التي لا تحدها الموارد والقدرات. تكمن الأهمية في اختيار الاستراتيجية الصحيحة في المواجهة، بالاستفادة من الأدوات والقدرات الموجودة، والتي يمكن أن تلحق الخسائر الأكبر بالعدو.
في الثمانينات، انطلق حزب الله من الصفر في مواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي بالقوة لتشكيل خارطة الشرق الأوسط الجديد للمنطقة من بوابة لبنان. وبدأ ببناء المنظومة العسكرية والقيادية واللوجستية والصاروخية التي أفشلت المشروع بالفعل ميدانيًّا عام 2006. وعلى الرغم من ضعف القدرات وقلة الموارد آنذاك، سجّل الحزب إنجازات في حماية لبنان، وإفشال المشروع التكفيري وراكم خبرات عبر العقدين الأوليين في القرن الواحد والعشرين، بالاستفادة من تطوير القدرات وتراكم الخبرات، وتحديد نقاط ضعف العدو وثغرات آلياته وتكتيكاته. اليوم، وعلى الرغم من مآلات الوضع العسكري الذي وصل إليه حزب الله بعد الحرب الإسرائيلية الثاثلة على لبنا، فالوضع أفضل من فترة الانطلاق التي افتقرت الماورد والخبرات. واليوم، تشكّل التجربة مدماكًا قويًا في الانطلاق مجددًا.
تراكم الخبرة من خلال المواجهة الجديدة
تشكّل الخبرة في العمل بكل تفاصيله ودقائقه حجر الزاوية في نجاح العمل لجهة استثمار المعرفة بالتفاصيل والوعي بنقاط القوة والضعف، والقدرة على معالجة الأخطاء. وتزخر المواجهة الجديدة الأخيرة بكمٍّ كبير من الدروس والعبر الضروري معرفتها من خلال تقييم الأداء والمراجعة والنقد الذاتي قبل “الغيْري”. تزوّد النواتج التجربة بقاعدة بيانات مفاهيمية وتنفيذية جديدة تساهم في تشكيل أسس الاستراتيجية الجديدة الضرورية في استعادة القوى وترميم الاختلالات. خلال المواجهة الاخيرة لجأ العدو إلى آليات جديدة وأساليب وتكتيكات غير مستخدمة سابقًا، وتحديدًا في ميدان التقنيات والتكنولوجيا والبرامج المعلوماتية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى أدوات وأساليب الإطباق على المقاومة وحركتها، فضلًا عن القرار بتصفية القادة، واختيار الوقت المناسب والقيام بالمباغتة الاستراتيجية. هذه الطفرة في الصراع الإسرائيلي مع المقاومة في لبنان تشكّل التحدّي الأكبر في المرحلة المقبلة من الترميم والتعافي. تتطلّب المراجعة شفافية في الاعتراف بالوقائع، وتحديد مواضع الخلل والضعف، وتعيين الإجراءات المتناسبة مع المعطيات الحالية التي هي نواتج الحرب، باعتبار أن هذه الأخيرة ينبغي أن تكون مقدمات الحرب المقبلة. وهنا بالتحديد، تبرز الحاجة إلى المرونة البنيوية التي قد تجد انه يقتضي تغيير الاستراتيجية بما يتوافق مع المقدمات والمعطيات لمجاراة العدو في استراتجيته الجديدة المعتمدة بعد تحديدها بدقة وفهم آلياتها. هكذا، يتم الانتباه والتعامل مع الغفلة الاستراتيجية التي يتحدث عنها سماحة الإمام الخامنئي فهي الاستراتيجية المتغيرة بشدة مع التطور والتمكين، واليقظة تستدعي العمل باستراتيجية تقوّض المسافة بين المعرفة بالاستراتيجية القديمة والجديدة، فتردم الهوة بين استراتيجية الطرفين بالاستفادة من تراكم الخبرة في الحرب الأخيرة.
التجربة المعقّدة وظهور القدرة المعنوية
خاض حزب الله ضد الكيان المؤقّت حربًا قاسية في تاريخ حروب منطقة غرب آسيا، وقد لجأ العدو إلى المباغتة الاستراتيجة والتضليل التفاوضي في سياق اختراق أمني وتكنولوجي غير مسبوق. حملت التجربة سلسلة متعاقبة من الصدمات القادرة على إلحاق الهزيمة أو القضاء على جيش نظامي أو غير نظامي، بشهادة الخبراء العسكريين. كان المقصود إحداث إنهيارات متتالية في حزب الله مع اغتيال القادة وتحييد آلاف العناصر الكوادر، وقطع الاتصالات، والكثافة النارية في المدى والحجم. وعلى الرغم من دخول حزب الله في حالة من الإرباك وفترة من التشتت كنتيجة طبيعية لحجم الحصار الناري والحركي، وما أصيبت به القدرات الصاروخية من تقويض نسبي أو تجميد القدرة على استخدامها، بالحد الأدنى، فشل العدو في تثبيت المنطقة العازلة لتأمين إعادة المستوطنين على الشمال، بما يحقق له أحد أهم أهداف الحرب، أو يمكن القول الهدف المحوري. هذه التجربة بكل تعقيداتها التي قوّضت القدرات المادية رفعت في المقابل رصيد اللجوء إلى القدرة المعنوية في مسار الحرب ومصيرها. هذه القدرة الروحية صدّت عدوان القوات الإسرائيلية البرية والغارات والمسيّرات وسياسة الأرض المحروقة بأجسادها ودمائها، ومنعت العدو من الدخول والتثبت في الأرض، ولو 5 كلم داخل الأراضي اللبنانية. وقد نشطت هذه القوة في مجتمع المقاومة في كل أوجه الصمود والنزوح واللجوء حتى حمى المقاومة وفرض الصورة النصر في صبر وثبات قاعدة المقاومة وأهلها. شكّلت القدرة الإلهية الملجأ والمنجى الوحيد للمقاومة ومجتمعها، وهي لا نفاذ لها على عكس كل القدرات المادية. وعليه، تمثّل هذه القدرة المخزون والمحرك للانطلاق في المرحلة الجديدة بالرغم من كل صعوباتها، وتزود المسار بقوة الاستمرار والتقدم شرط الحفاظ على تأمين مقدمات الاستمرارية والتطور. القدرة المعنوية التي ظهرت كانت غير مسبوقة في تاريخ المقاومة، فقد وصلت الأمور إلى أشدها مع آلة القتل التدميرية والانكشاف التكنولوجي والاغتيال بالمسيرات واستباحة الأهداف التهديد في كل المناطق وحجم التدمير واستهداف القدرات الصاروخية، وأغلبها في المخازن قبل استخدامها. أضف إلى ذلك، بل وقبل كل ذلك اغتيال سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، وهو من علّل نتنياهو استهدافه بالقول إنه كان “محور المحور”. هذه المشهدية سلبت كل الإحساس بالقوة المادية وتركت المقاومة ومجتمعها بين يدي قدرة الله وحده. وبالتالي تحصلت الثقة ونمت، الثقة بالله والثقة بالذات والثقة بالمقاتلين، في استعادة القدرة على بناء مستقبل جديد مختلف عما سبق.
جذرية الصراع وضرورته
الصراع بين الحق والباطل جذري والمواجهة ضرورة لا مناص منها، والصراع بين مشروع المقاومة ومشروع الهيمنة الامريكية والإسرائيلية في المنطقة جذري والمواجهة حتمية وضرورة. بيد أن تأجيل المواجهة والصراع أو تجميده فترة معينة لا يعني التقاعس أو التردد. تذكر السيرة النبوية الشريفة صلح الحديبية بين النبي الأكرم “ص” ومشركي قريش، ومن بعده كان فتح مكة. وكذلك أُبرم صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية حفاظًا على المسلمين عمومًا، والشيعة خصوصًا. الشاهد هنا هو أهمية الاستجابة وتحديد طبيعتها بناء على تشخيص المصلحة، وفقًا للظروف الموضوعية والميدانية، والمصالحة مع التكليف دون المسّ بالأسس والثوابت. الصراع الذي خاضته المقاومة في لبنان في المواجهة الدفاعية بعد اغتيال القادة وبدء الحرب في الجنوب اللبناني هو صراع وجودي بالنسبة للكيان المؤقت؛ ما يفسر شدّة وطأة الحرب على المقاومة، والاستراتيجية التي استخدمت ضد المحور ككل. للمرة الأولى، نظر الكيان إلى الحرب ضد المحور كحرب وجودية. وكذلك بالنسبة لحزب الله، الصراع وجودي، والاخير يختلف عن الصراعات المصلحية أو الحدودية، ويمر في مراحل، وهذه هي الحرب الاولى لإزالة اسرائيل، وهي أول تجربة في هذا المجال منذ تأسيس الكيان. وعليه، تؤمن المرونة البنيوية النظر في أساليب قتالية ومجالات وساحات مختلفة.
تبادل الخبرات والموارد
تَظهر عملية تبادل الخبرات والموارد بمثابة ضرورة قصوى في عملية التعافي والترميم، بحيث أن كل دولة من دول المحور خاضت تجربتها الخاصة، وراكمت خبرة في آليات المواجهة والتكتيكات الناجعة تجاه العدو. ويعدّ تبادل الموارد بدوره التي تتميّز بها كل ساحة عن الأخرى مورد اهتمام خاص لما يمكن أن يخدم عملية الترميم والتكامل. وتعزز عملية التبادل العهود والمواثيق والثقة بين جميع الأطراف. وتظهر أولوية المجال التكنولوجي والتقني في عملية التبادل، حيث تتخذ بقية الساحات الحذر وفقًا لتجربة الساحة اللبنانية، بينما تسعى الأخيرة إلى تعزيز الجانب التدريبي والتعليمي في هذا المجال، وتستفيد من كل الخبرات والمتواجدة في الدول المستعدة لتقديم الدعم والمساعدة في هذا الجانب. وهنا، تبرز أهمية انتقال الخبرات بين الساحات، في ظل تتابع الحرب وتتالي الجولات بالاستفادة من الدينامية المهمة بين الساحات الحيوية ضمن المحور، والمستمر عملها. كل ساحة مارست استراتيجية معينة في الحفاظ على كينونتها، وتبادل الاستراتيجيات والآليات يحدث نقلة نوعية في مسار عمل المحور.
نشوء جيل جديد مقاتل
العزم والإرادة عنصران أساسيان في إنجاز أي مهام. ومهما بلغت الصعاب، فالروحية القوية في الشباب المقاوم، التعبئة والمتعاقدين، تسهّل عملية بث الروح القتالية في الاتجاه الصحيح. المهم أن تتكامل القدرة الخطابية الإعلامية والسياسية والقدرة القيادية في مساعدة هؤلاء الشباب على استعادة التوازن في القاموس الجهادي لديهم نتيجة الخلل في بعض الأمور؛ الخلل الناجم عن غموض أحداث المرحلة، وحاجة هؤلاء إلى التوضيح وشرح بعض الحقائق، وكذلك المساعدة على امتصاص الحالات التفاعلية والانفعالية الناجمة عن مجريات الحرب وأحداثها. يمثل جيل الشباب ركيزة البنية التحتية للمقاومة، وقد أثبتت صلابتها وتماسكها خلال الحرب. ومع رحيل الرعيل الأول للقادة، تدعم المرونة البنيوية في حزب الله عملية ضخ دماء جديدة في الهيكلية قادرة على بعث الأمل والعزم والسعي من جديد لحمل الأمانة واستمرار المسير. مسيرة المقاومة مسيرة ربانية متصلة بمبادئ الكرامة والحق تنمو ببركة دماء الجهاد والشهادة.
الاعتماد على الله واستمرار الأمل والسعي الحثيث
من المرتكزات السماوية التي قامت عليها مسيرة المقاومة المبدأ القرآني {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} الأنفال: 17. الاعتماد على الله والتوكل عليه تعالى بعد تحضير العدّة من شروط ومقدمات هو عين التسليم. الأساس هو أداء التكليف بمعزل عن النتيجة. الحكمة قلّما يدركها البشر، لكن في مسيرة الارتباط بالله تعالى لا بد للنتائج أن تكون خيرًا، وغن لم ندرك معناه ومحله. فالخير والحكمة في إرادة الله تعالى ومشيئته لأنه منبع الخير والحكمة وأصلهما. المطلوب هو التوجّه نحو منبع القدرة والقوة دون رؤية أي استقلالية مهما بلغت القدرات والقوى. المرونة البنيوية تثبت تجربة المقاومة في الحرب الأخيرة والمنجزات التي كرستها القدرة الغيبية الإلهية في ظل تفوّق قدرات العدو المادية والهمجية العدوانية التي حارب بها. تزخر قصص الحرب بدروس تربوية إلهية ترتقي بالروح المعنوية للمجتمع المقاومة والمقاتلين. هي قصص المجاهدين المرابضين لعشرات الأيام، والمقاومين المتحايلين على الاختراق التكنولوجي، والنازحين الداعمين للمقاومة على الثغور والمتمسكين بها بعد استشهاد سماحة الأمين العام، وغيرها من مشاهد العز والإباء. الحرب على لبنان في شهرين تاريخ في الاحتساب والصبر والتصابر والتوكل على الله ومعاينة حياة الآخرة عن قرب في سبيل نصرة الحق ورفض الظلم.
مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.