أخطر 5 مرات في التاريخ كان العالم قريبًا فيها من الحرب النووية

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

«بينما نجلس مصدومين ظهرت أجساد بعض ضحايا التفجير متعثرة تحاول الدخول إلى الملجأ، جلودهم سلخت عن أجسادهم ووجوههم» «شعرهم كان محروقًا، ولم يتبق منه إلا بضعة سنتيمترات فقط فوق الجمجمة، كثير منهم سقط بمجرد وصوله مدخل الملجأ، مشكلين كومة من الأجساد الملتوية، والحر والرائحة لم يكونا محتملين أبدًا»

«علقت هناك مع إخوتي لثلاثة أو أربعة أيام، وأخيرًا وجدنا جدي، وأخذنا إلى المنزل، لن أنسى ما حييت المنظر الجحيمي الذي كان ينتظرنا، أجساد نصف محروقة، متخشبة على الأرض، أعين تلمع في محاجرها»، هذه كانت إحدى الشهادات المرعبة لأحد الناجين من التجربة النووية، حين ألقيت القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي، ولكون صاحبها أحد الناجين فهي لا تعكس – ولا بشكل قريب حتى – مدى الرعب الذي حققته القنبلتان في أماكن وقوعهما الدقيقة.

هذا الرعب الناتج عن أكثر الأسلحة فتكًا في تاريخ البشرية، هو بالضبط ما ظل العالم يرتعب منه طوال سنين الحرب الباردة، في ظل امتلاك الدول المختلفة والمتصارعة ترسانة نووية تكفي لتدمير الكوكب بعض مرات، ورغم أن هذا الخوف تناقص كثيرًا منذ انتهاء الحرب الباردة؛ فإن الدول المختلفة ما تزال تمتلك من القنابل النووية ما يكفي لتدمير الكوكب بنفس الطريقة السابقة، وصراعات العالم ما زالت مستمرة وإن بدرجة أقل مما كانت عليه في الحرب الباردة، والحربين العالميتين اللتين سبقتاها.

مؤخرًا عاد العالم إلى مخاوف الحرب الباردة من الحرب النووية، على أثر الهجوم الروسي العسكري على أوكرانيا والمستمر منذ الخميس 24 فبراير (شباط) 2022. بدأ الخوف عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوات الردع النووي الروسية في حالة تأهب، الخطوة التي جاءت – بحسب موسكو – ردًا على تصريحات غربية غير مسؤولة، وخصوصًا من بريطانيا، والتي صرحت وزيرة خارجيتها أن عدم توقف روسيا في أوكرانيا اليوم قد يعني تهديدًا لدول أخرى، وقد يؤدي ذلك إلى صراع مع حلف شمال الأطلسي.

وقد وصل الرعب إلى ذروته يوم الجمعة الموافق 4 مارس (آذار) 2022، حين أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لجوء من موسكو إلى ما أسماه «الرعب النووي» ومحاولة تكرار كارثة تشيرنوبيل، من خلال توجيه نيران القوات الروسية لمحطة زابوريجيا النووية في وسط أوكرانيا والأكبر في أوروبا؛ مما أدى إلى اندلاع حريق هائل في مبنى للتدريب، وانتهى الأمر بالتطمين من عدم عدم تجاوز المستوى الإشعاعي في محيط المحطة. حبس الخبر طوال الصباح أنفاس العالم في خوف وترقب.

في الواقع يمتلئ كتاب التاريخ بحوادث كارثية كان العالم فيها على وشك الهلاك النووي، حتى أن بعض هذه الحالات في الحرب الباردة وصلت إلى أن الخطر النووي أصبح على بعد ضغطة زر تقريبًا، وفي كثير من هذه الحالات لم يكن الاتحاد السوفيتي هو المسؤول عن القرب الشديد من إمكانية قيام الحرب النووية، بل إن الغرب أيضًا مسؤول عن جزء من هذه الحالات. يسرد التقرير أبرز هذه الحالات.

1- جنرال أمريكي يحض ترومان على استخدام السلاح النووي ضد الصين
كانت الحرب الكورية أولى المواجهات العسكرية ضمن الحرب الباردة، والتي دخلتها الصين إلى جانب القوات الشيوعية لكوريا الشمالية دعمًا لها، وأثر الدخول الصيني للحرب كثيرًا في مجرياتها، وقلص الفارق في ميزان القوى الذي كان لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الكوريين، وإن بقيت بعدها موازين القوى ترجح كفة أمريكا.

خلال الحرب، وبعد التدخل الصيني العسكري حض أحد أهم جنرالات الجيش الأمريكي؛ دوجلاس ماك آرثر، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هاري ترومان إلى توسيع الحرب إلى الأراضي الصينية نفسها، تحديدًا باستخدام سلاح الجو لقصف الجيش الصيني.

ومع أن ماك آرثر لم يطلب رسميًا إعطاءه صلاحيات استخدام السلاح النووي، إلا أن كثيرين في الإدارة الأمريكية، وبينهم ترومان نفسه، كانوا معتقدين برغبته أن يأخذ هذه الصلاحيات، لاستخدامها ضد الصين، لكن ترومان رفض توسيع الحرب، ولم تعط الصلاحيات لماك آرثر، بل أخرجه من قيادة الجيش الأمريكي لاحقًا.

مع ذلك هدد ترومان باستخدام السلاح النووي ضدها، وأبقى هذا الخيار مطروحًا ضد الصين، فيما اعتبر ابتزازًا نوويًا من قبل أمريكا، بل إن سلاح الجو الأمريكي بدأ نقل الأسلحة النووية، تحسبًا لضرورة استخدامها ضد الصين وكوريا الشمالية، دون أن يحصل ذلك، علمًا بأن الصينيين لم يبدأوا بتطوير أسلحة نووية حتى أواخر الخمسينات.

2- عندما كادت حرب السويس تشعل حربًا نووية
أعلنت مصر تأميم قناة السويس عام 1956، وعلى أثرها بدأت بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل عدوانا ثلاثيًا على مصر؛ ورفع ذلك مخاوف من احتمالية تدخل الاتحاد السوفيتي في الحرب لدعم الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر بشكل عسكري.

أبدى الاتحاد السوفيتي تصميمه على استخدام القوة لسحق مهاجمي مصر، واستعادة السلام في الشرق الأوسط في حال اضطر إلى ذلك، كما أنه هدد باستخدام الأسلحة النووية ضد لندن وباريس في حال استمرار عدوانهما على مصر.

في المقابل هددت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ستسخدم الأسلحة النووية ضد الاتحاد السوفيتي، في حال قرر استهداف بريطانيا وفرنسا. لكن الحرب في النهاية انتهت، بعد أن عارضتها القوتان العالميتان معًا، فحتى الولايات المتحدة لم تكن راضية عن العدوان الثلاثي، واعتبر السوفيت الحرب انتصارًا دبلوماسيًا لها.

3- أزمة الصواريخ الكوبية.. أقرب أيام العالم من الحرب النووية
عام 1959 نشرت الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة نووية في تركيا، التي كانت حينها جارة للاتحاد السوفيتي، ضمن التهديدات المتبادلة من قبل الطرفين لبعضهما، تحسبًا لاندلاع حرب نووية بينهما. بعدها بعامين قررت الولايات المتحدة تنظيم غزو لكوبا، قادته وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية، مستهدفة إطاحة حكم الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو، فيما بات يعرف «بغزو خليج الخنازير»، والذي فشل في تحقيق هدفه.

بعدها بعام واحد اندلع في العالم ما بات يعرف باسم «أزمة الصواريخ الكوبية»، والتي قامت بسبب محاولة نشر السوفيت لصواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية في كوبا لهدفين: هما منع الولايات المتحدة الأمريكية من القيام بأية عملية عسكرية لإطاحة حكم كاسترو، والآخر الرد على خطوة الولايات المتحدة بنشر أسلحة نووية في تركيا.

خلال الأزمة كانت إحدى الغواصات السوفيتية الحاملة لأسلحة نووية تعبر المحيط الأطلنطي باتجاه كوبا، قريبة من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كانت السفن العسكرية الأمريكية تُبحر فوقها، مانعة الغواصة من الاتجاه نحو السطح، وهو الأمر الذي تحتاجه الغواصة لشحن بطارياتها، واستخدام هوائيها للاتصال بقيادتها.

منعًا لحدوث أي تصعيد كان على السفن الأمريكية أن تتبع بروتوكولًا محددًا في تعاملها مع الغواصة يتضمن إرسال شحنات كهربائية غير ضارة في العمق للغواصة لتوجيهها إلى الصعود للسطح، ولكن في تلك اللحظة قرر أحد الجنود الأمريكيين أن يلقي قنبلة يدوية في البحر بدلًا عن ذلك! مجبرًا قائد الغواصة السوفيتية على إصدار أوامر الاستعداد للرد على إطلاق النار.

بالنسبة للغواصة السوفيتية التي لم تستطع الخروج إلى السطح، وبالتالي لم تستطع التواصل مع القيادة أو معرفة أي شيء عما يدور في الخارج، كان من الممكن أن تبدأ الحرب العالمية الثالثة بالفعل، وعليه قرر قائد الغواصة اتخاذ قرار منفرد بإطلاق الصواريخ النووية، ولولا أن أحد ضباط الغواصة ظل يقنعه بعدم استخدامها، لكانت تلك شرارة انطلاق الحرب العالمية بالفعل، ولاضطرت الولايات المتحدة إلى رد الاعتداء السوفيتي بالسلاح النووي أيضًا مع احتمالية نهاية العالم كله بسبب ذلك. وكان نقاش احتمال الوصول إلى حرب نووية شاملة حاضرًا في نقاشات الإدارة الأمريكية في فترة الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي، والذي كان الرئيس في فترة الأزمة الكوبية.

4- نيكسون يبدأ تحضيرات قصف كوريا الشمالية بالنووي
في عام 1969 أغرقت كوريا الشمالية سفينة حربية لكوريا الجنوبية، مخلفة 46 قتيلًا من طاقمها، وبدأ منذ ذلك تحضير الرد على هذا الهجوم من قبل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. بعدها قامت كوريا الشمالية بإسقاط طائرة تجسس أمريكية، عندها بدأ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، ومستشاره لشؤون الأمن القومي، هنري كيسنجر، دراسة خيارات الرد العسكري على كوريا الشمالية.

من بين الخيارات التي كانت مطروحة بالنسبة لنيكسون، كانت خيار استخدام الأسلحة النووية، وقد صرح أحد طياري الولايات المتحدة أنه أمر بالاستعداد للإقلاع لاحقًا، وأن طائرته كانت تحمل قنابل نووية تقدر قدرتها التدميرية بأنها 20 ضعف قدرة القنبلة الملقاة على هيروشيما. لكن وبعد انتظار لساعات أمرت القيادة الطيار بألا يقلع في مهمته، وتجنبت كوريا الشمالية خطر قصفها بالقنابل النووية، وتجنب العالم احتمالية اندلاع حرب نووية شاملة.

حرب أكتوبر.. الخطر ليس فقط من قبل الدول العظمى!
لم تكن حرب عام 1973 حربًا عادية بالنسبة لإسرائيل، بل كانت احتمالًا لتهديد وجودها بشكل كامل، حيث إن السوريين والمصريين بدأوا هجومًا مفاجئًا على إسرائيل، رأى فيه الإسرائيليون إمكانية لنهايتهم. بسبب ذلك حث وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي دايان، رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير بأن تأخذ في عين الاعتبار احتمالية استخدام الأسلحة النووية في الحرب، خصوصًا إذا ما أصبح الجيش الإسرائيلي في خطر التفكك، أو واجهت إسرائيل خطرًا وجوديًا.

في نفس الحرب تزايد خطر احتمال استخدام الدول العظمى للأسلحة النووية؛ لكون الاتحاد السوفيتي حليفًا لمصر، والولايات المتحدة حليفًا لإسرائيل، وهذا يعني أن خطر قيام حروب نووية ليس مقتصرًا على الدول العظمى، بل إن دولة بحجم إسرائيل أيضًا كان عندها إمكانية إشعال حرب نووية.

في النهاية ليست هذه الحالات الوحيدة التي كان العالم فيها على شفا حفرة من استخدام الأسلحة النووية، لكن هذه أبرز تلك الحالات، ويظهر منها جليًا أن الغرب أيضًا غير مبرأ من إمكانية استخدام هذه الأسلحة، وأن نهاية العالم النووية إن حدثت قد تأتي على أيديهم أيضًا.

ساسة بوست

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد