دعوات الحوار التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، يبدو أنها لن تلقى آذاناً صاغية قبل بداية العام الجديد. للمرة الثانية، كرر الرئيس بري دعوته لحوار يضم رؤوساء الكتل النيابية من أجل التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية. لكن رفض الثنائي “المسيحي” لدعوات الحوار يبطل مفعول الدعوة.
ووفق المعلومات، فإن الجلسة العاشرة المقررة يوم غد الخميس، لن تكون إلا نسخة طبق الأصل عن أخواتها السابقات، على أن يعلق الرئيس بري الدعوة لجلسة أخرى حتى منتصف شهر كانون الثاني المقبل على أقل تقدير. وسط تعمق الخلافات بين الفرقاء السياسيين حلفاء وخصوم، ما يجعل من اجتراع حلول محلية الصنع أكثر تعقيدًا في ظل انتظار كلمة مفتاحية من الخارج ليبنى على الشيء مقتضاه.
هذا داخليًا، أما في الحراك الإقليمي والدولي على خط الرئاسة، فلا يعدو الحراك الفرنسي كونه لعبًا بالوقت الضائع بتكليف أميركي، مع القناعة التامة أن أي حل أو توافق لا يمكن أن يكون إلا بضوء أخضر أميركي وعدم ممانعة داخلية. يقول العارفون في تفاصيل الطبخة الرئاسية، إن لحزب الله الكلمة الفصل في قبول أو رفض المرشحين للرئاسة، حيث يدرك الأميركيّون أن أي حلّ في لبنان لا يمكن أن يكون بتخطي رغبة الحزب أو ممانعته.
فهل يكون قائد الجيش جوزيف عون المرشح الأوفر حظًا؟ لا شك أن الأميركيين قد يفضّلون عون على الوزير السابق سليمان فرنجية، على سبيل المثال، نظرًا لآلية التعاون الواضحة والعميقة التي يمثلها الجنرال جوزيف عون بين الجيش والأميركيين. في مقلب آخر، لم يظهر اعتراض واضح أو رسمي من قبل حزب الله على اسم عون لتولي الرئاسة. كما أن زيارة قائد الجيش إلى قطر منذ أيام، أتت في سياق ترتيب المناخات الإقليمية لإنضاج التوافق لانتخاب رئيس عتيد للجمهورية.
العائق الحقيقي أمام التوافق على اسم للرئاسة، إلى جانب الخلافات الداخلية بين الأفرقاء، هو الموقف السعودي الذي لازال لغاية اليوم سلبيًا حيال أي حلّ أو توافق يعطي لحزب الله دورًا في المررحلة المقبلة. فبرغم لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب مقاتي خلال القمة السعودية – الصينية في الرياض، إلا أن أوساط مطلعة على لقاء الرجلين تؤكد أن لا جديد في الموقف السعودي من الأزمة اللبنانية، ولا اسم تزكيه السعودية لمنصب الرئاسة لغاية الآن.
المؤشرات كلها تقول إن الحلّ لن يكون قبل شباط المقبل على أقل تقدير، بانتظار قناعة أميركية بضرورة فرملة الانفجار الكبير الذي يتجه نحو لبنان بخطى ثابتة، في ظل الاعتقاد بأن لا مصلحة أميركية وغربية في وصول لبنان إلى مرحلة اللا عودة.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.