د. أحمد الشامي – خاص الناشر |
عذرًا من الأديب الكولومبي، غبريال ماركيز، على استعارة مقلوبة من قبل بعض اللبنانيين لأحداث قصته الرائعة، عن ذاك الحبيب الذي راح يتوسّل بكتيريا خطرة تهدد الجسد بالفناء من أجل توفير مساحة خالية من العيون، علّه يحظى بقلب الحبيبة، ويمد لحظات التحام روحيهما مدة أكبر من البقاء.
تؤكد القصة الكولومبية باسلوبها الأدبي الممتع قوة مشاعر الحب النبيلة وقدرتها على تجاوز تحدي الزمن، وأحوال الحياة، ولو تطلب ذلك أن يصبر الحبيب سبعين عاماً، دون كلل أو ملل، ليكون لائقًا بقلب من يحب، ومجاورته على الدوام.
بينما قصة هذا البعض من اللبنانيين بسردياتها وسلوكياتها المملّة تكشف كم أنّ مشاعر النفور والبغض خطيرة، وهي تهزأ من قول سائد، بأن الزمن وحده يكفل منع تلك المشاعر الحفر بالوعي، فمئة عام على ولادة لبنان الكبير، ولا يزال هؤلاء، صغارًا، يقبعون في غرف أفكارهم ومشاعرهم الموبوءة.
لم يتردد هذا المبدع الكولومبي في إشاعة انتشار عدوى البكتيريا الصفراء (الكوليرا) ولو استدعى ذلك الحجر الصحي، فالمهم أن يبقى إلى جنب من يحب، بينما في لبنان لا يتردد هؤلاء في بث اليأس، والإحباط، ونفي أي إشارة لأمل قادم، فالمهم أن يبقى التباعد والتنافر والقلق هو السائد.
وفيما يطلق لبنان التحذيرات والارشادات من بكتيريا الكوليرا الداهمة، لمحاصرتها والقضاء عليها، بينما تلك العقول والقلوب المريضة طليقة، تعبث بمشاعرنا، بأمننا النفسي والروحي، وبكل فرصة تلاق واجتماع على الخير.
ترى أيهما الأشد خطرًا؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.