“وحدة الساحات” باب لمعادلة جديدة في الضفة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أظهرت الجولة الأخيرة في الأراضي المحتلة مجددًا هشاشة الأمن والسياسة الصهيونيين مع ما بدا من أسلوب العمل الإسرائيلي العسكري، حيث انتهت الجولة بانتقال المقاومة الفلسطينية إلى مستوى آخر من الردع، وفتح الباب على معادلة جديدة خاصة بوضع خطوط حمراء فلسطينية أمام الجيش الإسرائيلي عند نيته تنفيذ اعتقالات بحق الكوادر والمجاهدين في الضفة الغربية.

انتهت معركة سيف القدس السنة الماضية بفرض معادلة منع الاغتيالات بحق قادة المقاومة في قطاع غزة. ومع بدء تراكم العمل المقاوم في الضفة والتطور النوعي وخلق مناطق محمية من دخول الجيش الإسرائيلي إليها وتقييد يد جماعة أبو مازن من العمل فيها بحرية على نسق مخيم جنين، وإيجاد تشكيلات للمقاومة فيها تقوم بتنفيذ عمليات على حواجز الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وحماية المنفذين بعد عودتهم، وهذه المناطق المحمية آخذة بالتوسع والانتشار، ويحاول جيش الاحتلال التعامل معها بجدية ومحاولة القضاء عليها قبل تحولها إلى أمر واقع كمخيم جينين وكتيبة جنين التابعة لسرايا القدس. لذلك فإن السير بخطط الاعتقالات والاغتيالات والعمليات الموضعية دون الدخول الشامل الى مناطق الضفة بقي السبيل الوحيد أمام الجيش الصهيوني لمواجهة هذا الخطر. ومن هنا جاء اعتقال الشيخ بسام السعدي أحد كوادر حركة الجهاد الإسلامي.

وقعت حكومة الكيان في فخ الجهاد الإسلامي من باب الوضع الأمني الذي فرضته سرايا القدس على مستوطنات غلاف غزة، وبالتالي جرت أقدامها إلى النار التي تخشاها، وفي محاولة لتلافي الوضع والخروج من حالة التوتر الذي عاشته نتيجة ضغوط متنوعة تبدأ بالحالة التي تعيشها من الحالة الداخلية للكيان إلى حالة الجبهة الشمالية ومفاوضات حقول الغاز وصولًا إلى ظهور واضح لتهتك وضعف سلطة أبو مازن في الضفة التي كانت تحمل الحمل الثقيل نيابة عن الإسرائيلي في مجال مطاردة الناشطين الفلسطينيين الذين يرفعون لواء المقاومة في الضفة الغربية.

اعتقال بسام السعدي والطريقة التي عرض فيها الشريط المصور عن حادثة الاعتقال استغلته قيادة الجهاد الإسلامي بطريقة ذكية جدًّا لتفرض بالتهديد حالة من الطوارئ ومنع تجول وفتح للملاجئ في مستوطنات الغلاف. أيام قليلة وصدعت صرخات التململ الصادرة من المستوطنين هناك آذان قيادة الاحتلال التي تريد أن تخوض انتخابات هادئة قدر المستطاع مع عزل العامل الفلسطيني من استغلال نتنياهو له والمعارضة الصهيونية بشكل عام.

مع التهديد الصادر من قيادة الجهاد والضغط للإفراج عن الشيخ السعدي حاولت قيادة العدو الهروب إلى الأمام بالبدء بعملية اغتيال قادة الجهاد لمنع الانتقال لمعادلة جديدة تفرضها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال من حيث اعتقال الكوادر الجهادية في الضفة الغربية؛ بمعنى أن الجيش الإسرائيلي سيقمع هذه المعادلة بالعودة إلى سياسة اغتيال الكوادر المقاومة في غزة في حال استمرار المقاومة في غزة بفرض خطوط حمراء في الضفة الغربية تمنع العدو من تجاوزها بشكل قوي. ومن هنا جاءت تسمية العملية “وحدة الساحات” أي لا انفكاك بين ساحة غزة وساحة الضفة ولا انفكاك ولا تفريط بالمقاومين والمجاهدين في الضفة الغربية، وهذا ما فرض على الصهاينة القيام بعملية استباقية بدأت باغتيال قائدي لواء الشمال والجنوب في غزة الشهيد تيسير الجعبري والشهيد خالد منصور ومجموعة كوادر عسكرية من مختلف الاختصاصات كمحاولة لإرهاب سرايا القدس، وسلبها القدرة على أخذ المبادرة وتنفيذ تهديداتها، ومحاولة العودة إلى نمط ما قبل معركة سيف القدس.

بعد هذه الجولة تختصر العملية بأن باب حماية المقاومين في الضفة الغربية من الاعتقال قد فتح وبقوة، وأن الفخ الذي حاول الصهاينة تجنبه قد وقعوا فيه، وما الهرولة الصهيونية نحو الوسطاء لإقناع قيادة حركة الجهاد الإسلامي بوقف إطلاق النار سوى تعبير عن الفشل والخوف من توسع المواجهة وتدحرجها ودخول كتائب القسام بشكل مباشر في المواجهة، لأن بنك الأهداف الخاص بسرايا القدس كان قد نفد من قبل سلاح الجو الإسرائيلي وهذا ما ظهر من ناحية تكراره قصف الأهداف التي قصفت في السابق والغارات على المناطق المفتوحة.

رؤية نهاية الجولة من الجانب الصهيوني لخصها ضابط المدفعية من الكتيبة 411 وهو يحاور مراسل إحدى القنوات الصهيونية، وهما في حالة انبطاح، أن الهدف الإسرائيلي المتبقي هو وقف إطلاق النار، بينما أنهى المسألة أمين عام الجهاد زياد النخالة بالإضاءة والتركيز على موضوع إطلاق سراح الشيخ بسام السعدي والأسير عواودة المضرب عن الطعام، بضمانة مصرية.

صحيح أن العدو لا يؤمن له جانب، فهو دائم النكث بالوعود والعهود والاتفاقيات، وهذا ديدنه، إنما ما يلزم العدو هو فعل القوة والقدرة والجرأة على مقارعته ومقاومته، وما نراه من سياق التقارب الزمني بين الجولات الحربية معه، سيوصلنا حتما الى الجولة النهائية، وما وحدة الساحات إلا جولة صغيرة من الجولات الكبيرة التي يهرب منها، بعدما أصبحت عاصمته تقصف عند أقل احتكاك، فبعدما كان قصف عاصمة العدو لا يتخيله أحد فاليوم أصبح أصغر التنظيمات المقاومة يفعل ذلك كشربة ماء.

النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد