ضياء، وله من اسمه نصيب. ضياء الذي أضاء الأمل من جديد في نفوس الأمهات والزوجات الثكالى، وأثبت أن الكفّ يمكنها أن تناطح المخرز بل وتهزمه وتسحقه بكل جرأة وأداء منقطع النظير. ضياء الذي أدخل الفرح في قلوب أمهات جنين وغزة ونابلس والشيخ جراح. ضياء الذي عرف فلزم والتزم. ضياء الذي أحب صديقه الشهيد مهند الحلبي مفجر ثورة الطعن، وكنّى نفسه بأبي مهند تيمنًا به، والعهد الذي قطعه على نفسه بأن يسير على ذات درب الشوكة.
ضياء الذي تيقّن تمام اليقين أن هذا الكيان الصهيوني الغاصب لا يوجد في قاموسه مفردة مدني، فالقتلى الصهاينة حتمًا ستجدهم إما جنودًا يخدمون في الجيش الصهيوني من خلال قانون التجنيد الإجباري لكل من هو صهيوني، وإما خدموا سابقًا وأوغلوا في دمنا، أو وضعوا على قائمة جنود الاحتياط في انتظار أي فرصة تسنح لهم للتوغل في دماء الأبرياء من أبناء شعبنا.
ضياء الذي طلب من النساء والأطفال في مكان العملية المغادرة، رغم أن هؤلاء النساء كان من الوارد جدًا أنهن يخدمن في صفوف جيش الاحتلال الصهيوني من خلال التجنيد الإجباري لهنّ أيضًا. أيُّ مدني ذلك الذي يقتل أطفالنا وشبابنا صباح مساء دون أدنى تردد؟ أي مدني ذلك الذي يهدم بيوتنا في القدس والشيخ جراح ويفرغها من أهلها وهويتها الفلسطينية الإسلامية؟ أي مدني ذلك الذي يتتلمذ منذ صغره على السلاح ويضع كل من هو عربي ومسلم هدفًا مباشًرا له؟ أي مفهوم للمدنية هذا الذي ابتدعه هذا الكيان الصهيوني الغاصب ويلوّح به دومًا أمام العالم أجمع، إذا ما فكّر فلسطيني في الدفاع عن نفسه وعرضه ووطنه.
الإرهاب هو أن تحتل أرض غيرك وتطرده من بيته الذي بناه بكدّه وتعبه وتوارثه عن أجداده، وتسكنه رغمًا عنه. الإرهاب هو الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وإطلاق العنان لقطعان المستوطنين الصهاينة لاقتلاع أشجارها التي لو نطقت لتحدثت اللغة العربية واللهجة الفلسطينية. هذا الكيان بعنجهيته و عنصريته وإجرامه أوجد سببًا لأن يكون كل شاب فلسطيني حر شريف يغار على أرضه وعرضه “ضياء حمارشة”، وينفجر في هذا الكيان المدجج بآلات القتل والدمار دون تردّد.
هي الرغبة في التحرّر من كل هذا الظلم، ما دفع ضياء وأقرانه من الشهداء، الذين رغم قلة إمكانياتهم، إلا أنهم قدّموا الواجب فوق الإمكان، ورسموا طريقًا واضحًا ساطعًا لا شبهة ولا لبس فيه، طريق الأحرار والشرفاء من المستضعفين، طريق القسّام والشقاقي ومغنية والخواجا وطحاينة وجرادات، طريق أوله نخوة وآخره الموت بشرف بعد أن يذيق الصهاينة بعض ويلات ما نعانيه من بطشهم وإرهابهم.
طبت يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيًا يا ضياء. وبالتأكيد لن تكون آخر نزْف القافلة، ولا آخر العهد بالأحرار والشرفاء، رغم حداثة سنّهم. أنت أوجدت ألف سبب لنحاول ونحاول ونحاول، فلا قرّت أعين الجبناء يا ضياء.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.