أطلّ شباط، أطلّ بأيامه التي تحمل ذكرى كتبت بدمٍ لا بحبر، ونُسجت بالعز والفخر، أيامه التي تفوح من شذاها بشائر النصر وتحكي قصصًا عن أهل السماء حيث شيّدت أقدس مقامات العشق والطهر .
أطل شهر الشهداء، فيه رحلت الأجساد وبقيت الأرواح، الأرواح التي ما عرفت سوى الشهادة طريقًا للعشق وسبيلًا للعبور نحو المعشوق الأعلى.
بدأت هناك، منذ ألف من السنين، تلك المعركة التي كتبها التاريخ يومًا، وغدت لأهل الأرض عقيدةً ونهجًا، فيها سُفكت أزكى الدماء، وضجت بها ملائكة السماء، تغيّر معها وجه الكون وأزهرت في كل بقعة فيه عزًا ونصرًا.
ها هي أرض جبل عامل، تتنشق مجددًا عبق الشهادة الذي ما فارقها يومًا، وتضج وديانها بصدى “الله أكبر “، وترتسم على صخورها الصلبة وجوهٌ ضاحكة مستبشرة، كأنها تقول للزمان قف هنا ودوّن في صفحات تاريخك: “هذه الأرض لي، أفديها بروحي ودمي ..”.
ومن خلف الأفق المصبوغ بلون الدم، تطل قبضة راغب ضاغطة على الزناد مرددة في أرجاء الكون “الموقف سلاح، والمصافحة اعتراف”، تتبعها عمامة السيد الموسوي، العباس الطاهر النقي، وعلى جبهته حفرت أحرف الوصية من دم، “الوصية الأساس حفظ المقاومة “، وتلوح بالأفق مجددًا معالم نصر جديد، حملها على كتفيه بعد أن نسجها بقلبه ومزجها بروحه، احداها سميت تموز والأخرى أيار، جاء والصدى خلفه يردد “أنا قائد الانتصارين، من يقاتل فيّ الروح، والروح من أمر ربي”.
المجد لكم أيها الشهداء القادة، المجد لكم ولكل شهيد ارتقى على نهج سيد الشهداء (ع)، المجد لتراب تخضب بدمائكم، ولسماء تعانقت فيها أرواحكم، المجد لقبضاتكم، لصيحاتكم، للنور المنبثق من قلوبكم، والعز المنقوش على جبهاتكم.
هنيئًا لكم، وهنيئًا لنا بكم، هنيئًا لأمة صُنع مجدها بدماء شهدائها حتى أصبحوا هم مجدها وعزها.
السلام عليكم يوم ولدتم، السلام عليكم يوم أعرتم الله جماجمكم وإليه ارتحلتم، السلام عليكم وأنتم أحياء ترزقون في عليائكم.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.