ليس بالأمر السهل أن نتعمق في قضية المقاومة حد الفلسفة والعرفان، أو ما بعدهما، مع أننا قد نكتفي ببعض الشعارات الرنانة والطنانة التي قد نستوردها من أي يافطة أو محرك بحث الكتروني لنثبت ولاءنا لمذهبها الشريف، أو لنعلن انتماءنا له، انتماءً سطحيًا أو متعمقًا في السطح على أحسن حال.
إذًا القضية لا تتأصل في ذواتنا انطلاقًا من الشعارات الشعبوية، على ضرورتها في البعض الأكثر من الأحيان، فهذه الزراعة القيمية لا تحقق إلا بفعل مربٍّ تشرّب قيمها حد الفناء في مفرداتها، مربٍّ عاش سلوكاتها في تفاصيل يومياته، وتأوه في صلوات لياليها، وكان في محور احداثها، وحيث ارادت أن يكون كان، وبكل حب.
بمن أبدأ الحديث، عن جمرات ثلاث، لم ولن تنطفئ، اوقدوا للثورة نارًا على العدى وسلامًا للإنسان، فكانوا شيخًا وسيدًا وعمادًا، لم يكن من ضعف في زمن الخنوع، بل كل العزم، وقد اتصل عزمهم براية مشرقية، أبت على نفسها التشرق أو التغرب، بل اخذت كل الاتجاهات الموصلة الى الحق المطلق.
النموذج الذي قدمه الشهداء القادة، والذي أتشرف بالحديث عنه، متعدد الأبعاد، عميق في القيم والفضائل، لا يجاريه نموذج من النماذج الوضعية، نموذج يقوم على العدالة والصدق والامانة بمعانيها الالهية، هم ساروا فيه بعيدًا، فصاروا القدوة والحجة على كل متخلف عن التكامل، فلا منطق لمن ترك المواجهة مع اعداء الانسان، فقلة الموارد والافراد لا تعذر هؤلاء المتخلفين.
النموذج القيادي للقادة الشهداء ابدع في خلق فرص لم نكن نتوقع ان توجد بعد هزائم متتالية وانهيارات كبرى على مستوى العالمين العربي والاسلامي، حيث ما زالت تتالى هذه الانهيارات مع جوقة التطبيع، والانكى من هذا أن المنسحقين المطبعين، لم يكتفوا باستسلامهم بل يريدون فرض الاستسلام على الثلة المؤمنة الباقية، كبائعة هوى لا تطيق رؤية الشريفات من بنات جنسها.
هذه الفرص غيرت معادلات على مستوى العالم في مواجهة الامبراطورية، فتشكلت بفعل جهادهم ودمائهم مدرسة تؤسس لتغيير وجه العالم الكولونيالي المظلم والدموي، الى عالم التحرر والانعتاق من نير الاستعباد المباشر أو غير المباشر عبر ادوات الانحطاط الثقافي والسياسي والامني والاجتماعي والتكنولوجي والاعلامي وغيرهما.
النموذج القيادي للقادة الشهداء وضع لنا رؤية ومسارًا، ولا بد من اكمال المسير وفق منظومة القيم التي أرسوها، وهي تجلٍّ من تجليات منهج محمد وآل محمد (ص)، فجميعنا يعرف أن مقتل المقاومة في التخلي، ولو جزئيًّا، عن القيم والمبادئ الحاكمة لحركتها على مختلف الصعد، في مواجهتها للأعداء الخارجيين أو في العمل بالشأن الداخلي أو في ادارة تنظيمها، فهذه المنظومة استشهد لأجلها القادة وكل رفاق الدرب.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.