الأجوبة التي طلبتها روسيا من الولايات المتحدة وبروكسل حول الضمانات الأمنية وصلت الى الخارجية الروسية التي وعدت بعدم نشرها إنما نشر فحواها، وذلك بعد طلب من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وأمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ بعد عقدهما مؤتمرًا صحافيًّا اعتبر بمثابة جردة حساب. لكن يبدو أن ما طلبه الكرملين من واشنطن لم يلق الآذان الصاغية أو لم يكن الجواب إيجابيًا.
من حيث المبدأ الأبواب لا تزال مفتوحة مع الحلف الأطلسي؛ روسيا لا تزال متمسكة بالحوار لكن بشروط. الناتو مستعد أيضًا للحوار بعد خفض التصعيد والتوتر. الكثير من المحللين كانت آراؤهم سلبية بحسب المعلومات المتوافرة لديهم، والبعض الآخر لا يزال لديه آمال بالتوصل للحد الأدنى من التفاهمات المشتركة.
معرفة فحوى إجابة واشنطن والناتو لن تكون ذات أهمية كبيرة على اعتبار أن ما تقوم به الولايات المتحدة والناتو لا يحتاج الى كثير من التحليل، لكن بالحد الأدنى فإن أوكرانيا لن تكون من ضمن دول الناتو، لكن سياسة الابواب المفتوحة لا تزال محفوظة على الاغلب. والحرب على الحدود الروسية لن تقع، وحوار مجموعة “النورماندي” الرباعية لا يزال يعمل بالحد الادنى وهو المفتاح لحل مشكلة دونباس حيث الموالون لروسيا والحرب مع كييف. وعلى الرغم من عدم دفن الاحقاد فإن جنود التحالف يتوجهون لتعزيز وجودهم على الجبهة الشرقية للعالم الغربي.
الولايات المتحدة من حيث الجوهر تعيد نفس الافكار التي نُشرت واعلنتها سابقًا.
من الطبيعي أن نرى ماذا سيحدث لو تم تمزيق الرسالة -ىالاجابات- بشكل علني. المطالب هي عينها عدم ارسال الاسلحة الى جمهوريتي لوغانسك ودانيتسك والاعتراف المستقبلي بهما، وإلغاء اتفاقية مينسك الرباعية. يمكن تفسير هذه الخطوة على أنها إعلان حرب مع كل ما يترتب على ذلك من عقوبات.
من الصعب الحديث عن تحالف كبير مع الصين وفنزويلا وإيران وكوبا. أولًا، هذه ليست مسألة تحصل خلال يوم واحد، ثانيًا، ليس من الواضح من سنعاقب أكثر في النهاية. هناك أيضًا خيار البدء المباشر للأعمال العدائية ضد أوكرانيا. مع ذلك ، نريد حقًا أن نصدق تصريحات المسؤولين الروس أن مثل هذا السيناريو لم يتم النظر فيه. وهنا أيضًا تبدو شكوك الوزير بلينكن في ذلك، وايضًا رفض التعامل بالدولار الاميركي، والستار الحديدي، السلاح النووي في بيلاروسيا. من الواضح أن هناك الكثير من الامور التي لا يمكن تعدادها. لا بد من الاشارة الى أن بولندا بنت سياجا جديدا على حدودها مع بلاروسيا في العام الماضي. ومن الواضح انها ستستمر باستكمال تلك العملية.
كل ذلك يحمل اهمية رمزية. الحدود التي تم فتحها ها هي تقفل من جديد، وحائط برلين الذي سقط بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، يعاد بناؤه. كل المشاركين في هذه الاحداث يمكنهم ايقاف ذلك والتفكير بما يحصل، ومنع عودة شبح الماضي من اقفال واضطهاد وحروب وبناء الاسوار بين الدول. وهنا يطرح مصير العالم اجمع.
هل يمكن العودة الى اتفاقية شبيهة باتفاقية ريكيافيك التي مهدت الطريق نحو عالم افضل والحد من الاسلحة النووية، واعتبرها العديد من المؤرخين والمسؤولين الحكوميين بمن فيهم غورباتشوف نفسه، لاحقًا، نقطة تحول في الحرب البارد؟
دمتري دريزي – المعلق السياسي لراديو كومرسنت اف ام
ترجمة فؤاد خشيش
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.