على مدى الأيام الماضية، بعث رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إشاراتٍ عدّة لحليفه حزب الله، ضمن التحضيرات التي يقوم بها قبيل كلمته المفصلية التي سيلقيها ثاني أيام السنة الجديدة، والتي سيعلن فيها عن رؤيته للمرحلة المقبلة وما ستتضمنه من أحداث لا سيما في موضوع الانتخابات النيابية.
في مقالة سابقةٍ في موقع “الناشر” بتاريخ 21 كانون الأول / ديسمبر الجاري، نقلتُ جردة حساب عن مصدرٍ في التيار، قال إنها هي التي زادت الشرخ بين الحليفين، وكان أبرزها موضوع تعطيل الحكومة وخطاب الحزب تجاه المحقق العدلي طارق بيطار وصولًا الى ما اعتبره التيار تخلًّا عنه في استحقاقٍ دستوري أخذَ طابعًا سياسيًّا لا قضائيًّا، ويعني المصدر هنا الطعن المقدم من قبل التيار في المجلس الدستوري.
هذا السياق الذي سرده المصدر لم يكن منفصّلًا عن أجواء رئيس التيار الذي لا يخفي أمام زواره غضبه من سلوك الحزب الأخير المتعلق بالمجلس الدستوري، والذي يبدو أنه القشة التي ستقصم ورقة تفاهمٍ كانت صالحة لغاية هجمة ١٧ تشرين التي طالت التيار الوطني الحر بشخص رئيسه، بالإضافة الى رئيس الجمهورية ميشال عون، كما طالت سلاح المقاومة. ورغم أن تكتيكات إدارة الأزمة اختلفت بين الحزب والتيار منذ ذاك الحين، إلا أن الطرفين نجحا أكثر من مرة في إدارة الخلافات، وضبط قاعدتيهما الجماهيرية، والتي كانت لا تحتاج الى ضبط على غرار جمهوري الثنائي الشيعي، إلا لحين تظهُّر الخلافات على أعلى مستوياتها قبيل أسابيع.
كثيرة هي أسباب باسيل التي تدفعه -وفق رؤيته- الى فك التحالف مع الحزب، هذا التحالف الذي -وللملاحظة- لم ينجح الطرفان في تطوير بنوده رغم الاجتماعات التي حصلت. لكن رئيس التيار، ورغم عقده العزم على تحرير تياره من التزام مار مخايل الذي اصبح شكليًّا في الأمور الداخلية، مع الثبات على التوافق في الأمور الاستراتيجية، تريث طيلة الفترة الماضية، وهو الذي عُرض عليه فك التحالف من قبَل السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، مقابل المال والسلطة والنجومية كما قال، لكنه رفض، قائلًا إنه حين يريد أن يفك التحالف مع الحزب سيفعل ذلك لأن المصلحة تفرض ذلك، لا بسبب شروط أميركية أو ضغوط دولية، حتى لو اضطره الأمر للتعرض لعقوبات كما حصل.
حزب الله من جهته لا يزال يؤكد داخل أوساطه على تمسكه بالتحالف، وكان قد أصدر تعميمًا فرض فيه عدم الرد على كلام رئيس الجمهورية أو كل ما يمكن أن يصدر عن رئيس التيار وقيادييه، رغم ما يشعر به من استفزاز على خلفية تخطي باسيل ما كان قد طلبه الحزب منه منذ مدة، وهو عدم وضعه في مواجهة حركة أمل، لأنه لن يخوض في أي مواجهة مع أمل أو رئيسها نبيه بري. في مقابل هذا التمسك، يطبخ رئيس التيار قرارًا مفصليًا فيما يخص مار مخايل من المفترض أن يعلنه يوم الاثنين، إلا إذا.
في التفاصيل، يمكن اعتبار أن القرار تحديث update لمار مخايل، وفيه جزئيتان: الأولى متعلقة بالتحرر من ضغوط التحالف في الملفات الداخلية لأن التحالف -وفق التيار- بات شكليًا فيها، بعد تراكم الخلافات في أغلب الاستحقاقات الداخلية والتي جرى تعدادها في المقال الذي ذكرته أعلاه، مع إمكانية التحالف الانتخابي في الدوائر المشتركة التي يصب التحالف بين الطرفين فيها لمصلحتيهما. أما عن الجزئية الثانية المتعلقة بالأمور الاستراتيجية، وفيها تمسك بسلاح المقاومة بوجه العدوّين “الإسرائيلي” والتكفيري، بالإضافة الى التوافق حول سوريا وعودة النازحين ورفض التوطين، فموقف التيار منها ثابت.
سيتطرق باسيل يوم الأحد، أيضًا، الى موقف التيار من العناوين الثلاثة التي طرحها الرئيس عون في كلمته الاخيرة: الاستراتيجية الدفاعية، وخطة التعافي، واللامركزية الإدارية والمالية الموسعة على اعتبارها مطالب أساسية للتيار.
كل الأجواء تشي بأن قنبلة جبران باسيل ستصب في هذا السياق، فيما لا تزال الاتصالات مفتوحة بين الحزب والتيار، والى حينه، وفي حال لم تفضِ الاتصالات إلى توافق أو تغيير ما، فإن باسيل سيفتتح يوم الأحد العام السياسي الجديد بخطابٍ مفصليّ لتياره ومحازبيه، سيُتبعه بتكتيكات جديدة يقول التيار إنه سيعتمد فيها على نفسه فقط من حينها فصاعدًا.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات مغلقة.